كل ما تريد معرفته عن طواف الوداع.. حكمه وهل يجوز المبيت في مكة بعده؟
يؤدي حجاج بيت الله الحرام، طواف الوداع بعد الانتهاء من مناسك الحج؛ استعدادا لمغادرة مكة بعد فراغهم من الشعائر التي آخرها رمي الجمرات الذي يستمر طوال أيام التشريق.
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان الناس ينصرفون كل وجه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يَنْفِرْ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ» متفقٌ عليه، واللفظ لمسلم.
ما هو طواف الوداع؟
وطواف الوداع من شعائر الحج، وهو الطواف الذي يقوم به الحاجُّ بعد انتهائه من مناسكه، وعزمه على الخروج من مكة، مختتمًا به أفعال الحج، ليكون الطواف آخرَ عهده بالبيت؛ وفقا لما قالته دار الإفتاء المصرية، وقد ورد عن عائشة رضي الله عنها قالت: جئنا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو في منزله من جوف الليل، فقال: «هَلْ فَرَغْتِ؟» قلت: نعم، فأذَّنَ في أصحابه بالرحيل، فخرج فمرَّ بالبيت فطاف به قبل صلاة الصبح، ثم خرج إلى المدينة. رواه الإمام مسلم في "صحيحه".
لماذا سمي طواف الوداع بهذا الاسم
وسُمِّيَ بالوداع لأنه يُودَّعُ به البيت الحرام؛ ولذلك نصَّ جماعة من العلماء على أن طواف الوداع إنَّما يكون للآفاقي المسافر دون المكي وأهل الحرم، ودون الآفاقي الذي نوى الإقامة؛ لانتفاء معنى الوداع في حقهم؛ إذ الوداع إنَّما يكون من المفارق، لا من الملازم؛ كما قال الإمام ابن قُدامة الحنبلي في "المغني" (5/ 336، ط. عالم الكتب)، ويُسمَّى أيضًا بطواف الصَّدر؛ لصدوره عنه أي رجوعه.
حكم طواف الوداع
وأوضحت دار الإفتاء أنه اختلف العلماء في حكم طواف الوداع على قولين:
الأول: أنه واجب؛ وهو قول فقهاء الحنفية، والحنابلة، ورواية عن الإمام الشافعي.
الثاني: أنه سنة؛ وهو قول الإمام مالك، وداود، وابن المنذر، وأحد قولي الشافعي، وهو ما عليه الفتوى بدار الإفتاء المصرية؛ تيسيرًا على الحجاج ورفعًا للحرج عنهم.
المبيت في مكة بعد طواف الوداع
وأوضحت الإفتاء أنه اتفق الفقهاء على أن من أدَّى طواف الوداع ثم عمل عملًا لا يُدخله في معنى الإقامة بمكة؛ كقضاء حاجةٍ في طريقه أو شراء زادٍ لطريقه، أو بسبب من أسباب الخروج أو السفر لم تلزمه الإعادة، ولم يخرج طوافه بذلك عن أن يكون آخر عهده بالبيت؛ لأن الانشغال بأسباب السفر انشغال بالسفر.
وأشارت إلى أن الفقهاء وإن اختلفوا في المراد بالوداع: هل هو وداع النسك أو وداع البيت، إلا أنهم متفقون على أن المكث بمكَّة بعد طواف الوداع بسبب الاشتغال بأسباب الخروج لا يتحقق به معنى الإقامة الذي يوجب إعادته، وهذه الأسباب تختلف باختلاف الزمان والأحوال وما يحكم عليه عُرفًا بأنه من مقتضيات الخروج واستعدادات السفر، فيدخل تحته ما يتعلق بالرجوع إلى مكان الإقامة -الفندق-، وانتظار الفوج أو الرفقة التي يسير معها، وانتظار وقت رحلة الطائرة أو المواصلات التي يسافر عليها، وإن استغرق التجهيز يومًا أو أكثر؛ لأن هذا لا يخرج عن كونه خروجًا ووداعًا في العادة.