"ذا ديبلومات": كازاخستان تبحث نقل النفط بعيداً عن المسار الروسي عقب توتر العلاقات
نشرت دورية "ذا ديبلومات" الأمريكية تقريراً يلقي الضوء على توتر العلاقات بين روسيا وكازاخستان وسط بحث كازاخستان سيناريوهات نقل نفطها إلى أوروبا بعيداً عن المسار الروسي.
وتحت عنوان "ارتياح بين مصدري النفط في كازاخستان عقب إلغاء محكمة روسية حكم يوقف ضخ النفط إلى أوروبا"، تطرقت دورية "ذا ديبلومات" المتخصصة في الشئون الآسيوية إلى سماح أحد المحاكم الروسية مواصلة تشغيل خط أنابيب نفط كازاخستان لتلغي بذلك حكماً بوقف التشغيل بسبب تسريبات نفطية ما يضر بسلامة البيئة الروسية.
وأشارت "ذا ديبلومات" في تقريرها إلى انه لا تزال قضية السماح بتصدير النفط تتصدر عناوين الصحف في كازاخستان، حيث تصدر كازاخستان 80 في المائة من النفط عبر خط الانابيب، وتقرر أن تدفع الشركة المشغلة لخط الانابيب غرامة رمزية في مقابل تفادي التسريبات النفطية الملوثة للبيئة.
أوضح التقرير أن خط الانابيب تم بناؤه عام 2001، وهو عبارة عن خط أنابيب دولي شبه خاص يمتد من منطقة بحر قزوين في كازاخستان إلى ميناء نوفوروسيسك الروسي على البحر الأسود، وينقسم الهيكل المؤسسي للقائمين على إدارة الخط شركتين، واحدة كازاخستانية والأخرى روسية.
ورجح التقرير حال تنفيذ الحكم (بوقف نقل النفط) فسيكون الامر بمثابة ضربة موجعة لميزانية حكومة كازاخستان والمؤسسة التي تدير خط الانابيب (المسماة تحالف خط أنابيب بحر قزوين)، كما يذكر التقرير أن أحد المؤسسات الامريكية العاملة في مجال النفط تساهم في هذا الخط بنحو 15 في المائة مما تسبب في هبوط اسهمها في بورصة وول ستريت بأكثر من 3 في المائة دفعة واحدة.
ويرى التقرير أن روسيا تستخدم المحاكم التابعة لها لأغراض سياسية حيث يعد قرار المحكمة بوقف عمل خط الانابيب (والذي تم إلغاؤه لاحقاً) ما هو إلا ابتزاز لاوروبا المتعطشة للطاقة ويأتي في إطار استخدام الطاقة كسلاح كرد على العقوبات الغربية و(كذلك موقف كازاخستان بعدم الاعتراف باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوجانسك).
وأشار التقرير إلى أن تحالف أنابيب بحر قزوين، دفع ما يعادل 86.3 مليون دولار من الغرامات البيئية لتسريب النفط في روسيا عام 2021، فيما اعتبر التقرير أن مطالبات الأضرار البيئية من بين الأساليب المفضلة للضغط السياسي على شركات ومشاريع الهيدروكربونات، واستخدمت الحكومتان سواء الروسية والكازاخية الغرامات البيئية لتوليد عائدات إضافية من اتحادات النفط والغاز أو للحصول على حصص في المشاريع.
واعتبر أن العلاقات المتوترة والخلافات بين روسيا وكازاخستان ساهمت منذ بداية الحرب في أوكرانيا بلا شك في الإدارة السلبية المتعلقة بتحالف أنابيب بحر قزوين، وفي مارس، تذرعت روسيا بأن عاصفة تسببت في أعطال كبيرة في المحطة البحرية لخط الأنابيب في خطوة لتعطيل من شأنه أن يخنق ناقل صادرات النفط الرئيسي في كازاخستان، ورداً
على ذلك ، دعا الرئيس قاسم جومارت توكاييف إلى اجتماع حكومي لبحث سيناريوهات نقل نفط البلاد بعيداً عن المسارات الروسية عبر أذربيجان على سبيل المثال ومنها إلى جورجيا وأوروبا.
ويرى التقرير انه لا يزال المسار الروسي لنقل النفط هو الأكثر جدوى من الناحية الاقتصادية حيث يمكن لخط الأنابيب نقل النفط إلى الصين وأن يحمل 10 ملايين طن من النفط الكازاخي (10 ملايين طن أخرى يتم حجزها من قبل الموردين الروس من خلال نظام خطوط الأنابيب الكازاخية) وسيترتب على توسيعه عبر السكك الحديدية تكاليف نقل ضخمة وفقًا لمتخصصي النقل.
واستعرض التقرير سيناريو آخر لنقل نفط كازاخستان من خلال الطريق العابر لبحر قزوين ، والذي يستلزم حاليًا نقل النفط عبر السكك الحديدية من مواقع الاستخراج إلى ميناء محلي، وتحميله على المراكب وشحنه إلى أذربيجان حيث يتم توجيهه بعد ذلك عبر جورجيا ثم إلى البحر الأبيض المتوسط، لكن ثبت أن توسيع نطاق هذا المسار باهظ التكلفة، لكن تمت إعادة إحياء المشروع المحتمل لهذا المسار في عام 2017، ثم برز الحديث عنه مجدداً عقب الحرب في أوكرانيا.
وأكد التقرير أن الاعتماد على بلدان العبور أمر لا مفر منه بالنسبة لكازاخستان، فبعدها الجغرافي عن عملائها في أوروبا وعدم إمكانية الوصول إلى البحار المفتوحة يعوق الاتصال المباشر، لافتا أن الرابط المباشر الوحيد الجوهري مع كازاخستان هو الصين، حيث تدفع الحكومة الروسية رسوم عبور لنقل النفط عبر نظام خطوط الأنابيب الكازاخستانية للوصول إلى الصين والوفاء بعقد التوريد الخاص بها، وفي حالة حدوث مزيد من التصدع للعلاقة الروسية الكازاخية وتزايد تهديد مسار بحر قزوين ، فمن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى إضرار التعاون في مجال الطاقة بين روسيا وكازاخستان.