23 يوليو .. ثورة أحلام النساء
تحقيق : محمد عبدالعال
رفعت ثورة يوليو سقف الأحلام لجميع المصريين، وخاصة المرأة التي لم يعد هناك ما يقف عقبة في سبيل تحقيق كل أمنياتها في الدراسة والعمل وجميع مناحى الحياة، وإذا كان نضال المرأة قد بدأ مع ثورة 1919 فإن جنى ثمار النضال واكب ثورة 23 يوليو 1952، حيث بدأ المجتمع يتقبل وجودها ويؤمن بأحلامها، لذا كانت بمثابة بداية بناء شخصية المرأة المصرية العصرية والطموحة.
وفى الذكرى الخامسة والستين لثورة يوليو نسترجع مع بعض النماذج النسائية الناجحة ذكرياتهن مع الثورة، وكيف منحت لهن فرصة لتحقيق الأحلام.
فى البداية تقول د. ماجى الحلواني، عميد كلية الإعلام الأسبق: جعلتنا الثورة نؤمن بأهمية دعم الوطن، ودورنا كنساء فى نهوضه، سواء فى عملنا أو داخل منازلنا، لذا أنا وأصدقائى من أساتذة الجامعة والطبقة المثقفة لهذا الجيل لم ننجب سوى طفل أو طفلين كحد أقصى، منحتنا الثورة الحلم فى مستقبل أفضل، ولمسنا ذلك سريعا بعد أن أصبحت الكاتبة درية شفيق أول رئيس لحزب نسائى سياسي كإنجاز من إنجازات المرأة مع ثورة يوليو.
ثورة الكرامة
وللكاتبة الصحفية فريدة الشوباشى قصة أخرى مع الثورة، ففى السادسة من عمرها قبيل الثورة رمت جنديا إنجليزيا بحجر أثناء لعبها فى الشارع، وما كان منه إلا أن حاول قتلها.. وهنا توقفت قائلة إنها شعرت بقيمة ثورة يوليو بعد جلاء المحتل الإنجليزى قائلة "لولا الثورة لكنت قتلت كالقطة".
وتنفى ما يردده البعض من أن الثورة كانت سببا في تأخرنا قائلة: بالعكس تماما.. كان المصريون يعملون قبلها بالسخرة للإنجليز داخل معسكراتهم، وفوق ذلك يستولى المحتل القطن من المصريين، أما بعد الثورتنا فقد استردت مصر نفسها وأصبحنا أيقونة للتقدم في الدول النامية حتى كوريا الجنوبية أرسلت مبعوثيها للتعلم من تجربتنا.
خيرات ممتدة
وتري النائبة مارجريت عازر أنها لولا ثورة 23 يوليو ما كانت لتصبح عضوة بالبرلمان، وتقول: أعادت يوليو مصر للمصريين، وأصبح الشعب به نسبة كبيرة من المتعلمين بعد مجانية التعليم التي فرضها الرئيس جمال عبدالناصر ما أثر على الحياة في مصر بشكل عام، وأصبح المواطن المصري لا يقبل القهر أو الاستعمار، لتصبح مصر دولة صناعية وزراعية.
شعاع نور
وللثورة رؤية أخرى في عين د. هدى زكريا، أستاذ علم الاجتماع السياسي وعضو المجلس الأعلى للإعلام فتقول: تتردد دائما في أذني أصداء الأغنية التي قدمتها شادية (يا بنت بلدي زعيمنا قال قومي وجاهدي ويا الرجال) كرسالة من القيادة للتعبير عن دعم المرأة في ذلك الوقت، الوقت الذهبي الذي عشنا فيه فإذا نظرنا لسيدات الخمسينيات والسيتينيات في صورهم نجد ثقة فى النفس واضحة وبارزة.
وتابعت: الحلم الذى غرسته الثورة فى قلوب وعقول الفتيات أفاد المرأة جدا حيث قلت ظاهرة الزواج المبكر وزواج القاصرات وأصبحت المرأة شعاع نور ونموذجا يحتذى به، فكانت أول وزيرة عربية فى قارتى آسيا وإفريقيا المصرية د. حكمت أبو زيد، وزيرة الشئون الاجتماعية والتى أطلق عليها الرئيس جمال عبدالناصر قلب الثورة الرحيم.
فرصة حلم
"يوليو ثورة تغيير شامل من الملكية للجمهورية".. هكذا بدأت السفيرة ميرفت التلاوى، مديرة منظمة المرأة العربية حديثها، وترى أن "يوليو" نصرت المرأة المصرية، وأن جمال عبدالناصر هو السياسي الحازم فى مواجهة الرجعية والتطرف بكل أشكاله، والمتفتح على الحقوق والحريات المكفولة للمرأة.
وعن حياتها العملية وأثر الثورة فيها تقول: فصلت من عملى بالخارجية مع حلول ثورة يوليو بسبب انتمائى إلى أسرة إقطاعية، ورغم ذلك لم أحمل أى كراهية لتلك الحقبة، فحين تنحى الرئيس عبدالناصر بعد نكسة يونيو ذهبت إلى مكتب البريد وكتبت له خطابا أطالبه فيه بعدم التنحى، وعندما أتيحت لى الفرصة لمقابلة الرئيس بعد ذلك فى أحد المناسبات الوطنية شرحت له ما وقع على من ظلم وإقالتي من العمل بالخارجية لانتمائى إلى عائلة من الإقطاعيين، فأعادتنى الثورة إلى عملى مرة أخرى، واستمريت بالعمل العام حتى وصلت لأعلى المناصب.
وتقول د. ليلي عبدالمجيد عميد كلية الإعلام الأسبق: بدأت التعليم عام 1960، واستفدت من المجانية والتميز الذى حظت به جميع المدارس فى تلك الحقبة، لذا أرى أن الثورة اهتمت بإنشاء مراكز الأبحاث وجامعات مصرية جديدة كما أنشئت أكاديمية تضم المعاهد العالية للمسرح والسينما والنقد والبالية وكل هذا فتح الباب للمرأة المصرية والعربية للالتحاق بكافة المجالات العلمية دون التفريق بينها والرجل.
على شاشة الثورة
وقالت الكاتبة الصحفية منى رجب، رئيسة جمعية الكاتبات المصريات: اهتم كبار الكتاب بالحديث عن المرأة مع ثورة يوليو، فعلى سبيل المثال بدأ إحسان عبدالقدوس فى كتابه "أنا حرة" وتحويلها من عمل أدبى لفيلم وغيرها من الأعمال التى انفردت بها المرأة كبطلة للرواية الأدبية ومحورا لاهتمام القراء، مشيرة إلى أن مصر فى مرحلة الستينات كانت قبلة للأزياء والموضة حيث ظهرت العارضات وعروض الأزياء المصرية، وهو دليل على الحرية والانفتاح التى تمتعت به المرأة فى تلك المرحلة، وربطت الكاتبة ما حدث من تغير للمرأة إثر ثورة يوليو بالحقوق والحريات التى حصلت عليها بعد ثورة يونيو فى عهد الرئيس السيسي وحصولها على حقوق أكبر فى دستور 2014 استكمالا لما بدأ مع يوليو حيث حصلت على أكبر نسبة تمثيل فى برلمان 2015 ومشاركة أربع وزيرات فى الحكومة الحالية.