رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


الوجه الآخر للأزمة الروسية - الأوكرانية «4/4»

28-7-2022 | 21:10


عبد الرازق توفيق

البحث عن ملامح نظام عالمى جديد أكثر أمناً وعدالة وتبديداً للمخاوف.. فمع انطلاق الحرب الروسية- الأوكرانية وبدء السيجال والصراع بين المعسكرين الغربي- الروسى ومع الدروس والنتائج التى أسفر عنها هذا الصراع إلى الآن.. أصبح النظام العالمى الجديد ملموساً على أرض الواقع وان لم يتشكل بعد فى مضامينه وأقطابه فعلى الصعيد الاقتصادي، أصبحت لدينا معطيات جديدة أفرزتها العقوبات الغربية على روسيا والتى بلغت ما يقرب من 6500 عقوبة تجسدت فى البدء بصياغة كيانات وأنظمة مالية ومصرفية جديدة وموازية بعيداً عن النظام المالى القائم كذلك بدأت الدول الغنية بإعادة استخدام واستثمار مواردها المالية الضخمة بشراء أصول واستثمارات خارج أراضيها فى دول تتمتع باستقرار سياسى وأمنى فى الحاضر وعلى المدى القريب والبعيد وأبرزها بطبيعة الحال مصر بالإضافة إلى ما يتوفر لديها من فرص كثيرة ومتنوعة للاستثمار فى ظل نتائج وإنجازات ما تحقق من تجربة الـ«8 سنوات» فى البناء والتنمية وامتلاك المقومات المثالية للاستثمار على كافة الأصعدة وفى مختلف المجالات والقطاعات.
 
تحدثنا أمس عن الصراع الإعلامى المحموم بين المعسكرين الغربى والروسى إلى جانب احتدام المعارك العسكرية والاقتصادية، وهو ما يشير إلى أهمية الإعلام كسلاح مهم فى تشكيل الرأى العام المحلى والدولي، وتصاعدت الآلة الإعلامية للطرفين، فى تشويه كل طرف للآخر، فالجانب الغربى يحاول ترسيخ عدم شرعية العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا، بينما موسكو تعمل على صياغة رأى عام دولى وانها تدافع عن أمنها ووجودها وتماسكها الداخلى فى ظل التهديد السياسى والعسكرى مع احتمالية اقتراب «الناتو» من الحدود الروسية.. لذلك لكل طرف حكايته وروايته الإعلامية التى تظل محل تقييم الدول والشعوب فى المجتمع الدولي.
الحرب الاقتصادية الناشبة والمتصاعدة بين المعسكرين سواء من الجانب الغربى فى فرض عقوبات اقتصادية لم تترك أى تفصيلة أو مجال حتى رصدت التقارير وصولها إلى ما يقرب من 6500 عقوبة على روسيا من أجل اخضاعها وتركيعها وامتثالها للمطالب الغربية، بالإضافة إلى ضمان نجاح أهداف المعسكر الأمريكي- الغربي، ويهدف إلى تأزيم الوضع الداخلى فى روسيا فى ظل حصار اقتصادى يعتقد الطرف الغربى انه سيؤثر على تماسك المجتمع الروسى وإحداث هياج وتذمر شعبى وبالتالى يؤدى إلى تحرك داخلى يغنى الجانب الغربى أى مواجهة مباشرة.

العقوبات الغربية على روسيا شملت جميع المناحى الاقتصادية باستهداف رجال المال والأعمال الروس والبنوك والمصالح والمؤسسات المملوكة للدولة وعزل البنوك الروسية عن نظام «سويفت» للمراسلة المالية وهو الأمر الذى سيضر الأموال الروسية ويؤخرها مقابل صادراتها النفطية، وكذلك حظر الواردات من النفط والغاز الروسي، وإن كان الاتحاد الأوروبى أقل حماساً لفرض عقوبات على الغاز الروسى لأنه يشكل 40٪ من احتياجاته من الغاز.

استهداف أصول وأموال واستثمارات الدولة الروسية ومؤسساتها وأفرادها وشركاتها التى وصلت إلى 1000 شركة وشملت القائمة أيضاً رجال الأعمال الأثرياء وكبار المسئولين الروس، إذن العقوبات طالت الجميع وأيضاً كل المجالات والقطاعات الروسية، بهدف عزل روسيا اقتصادياً والضغط عليها لتحقيق مكاسب سياسية.

روسيا ردت أيضاً بحظر تصدير أكثر من 200 منتج حتى نهاية ديسمبر القادم مثل أجهزة الاتصالات والمستلزمات الطبية والسيارات والمنتجات الزراعية والأجهزة الإلكترونية ومنعت دفعات الفائدة عن المستثمرين الأجانب الذين يملكون سندات حكومية كما حظرت روسيا على شركاتها دفع أموال للمساهمين من خارج البلاد، وصادرت كل ما هو غربى على أراضيها، ومنعت المستثمرين الأجانب على أراضيها الذين يملكون أسهماً وسندات روسية بمليارات الدولارات من بيعها.

الحرب الاقتصادية بين المعسكرين مشتعلة ونتج عنها محاولات كل منهما للضغط على دول أخرى بإنزال عقوبات أو منع الاستيراد أو التعامل مع الطرف الآخر، هذه الحرب بطبيعة الحال كانت لها تداعياتها الخطيرة على دول العالم، وربما على أوروبا كطرف أكثر تضرراً بسبب نقص النفط والغاز وندرة الطاقة وارتفاع أسعارها وهو ما أثر سلباً على المستوى المعيشى للمواطنين وأسعار السلع والخدمات وباتت هذه المعضلة تمثل تهديداً مباشراً للأمن والاستقرار فى أوروبا.

الحرب الاقتصادية بين المعسكرين تسببت فى أزمة عالمية خانقة وطاحنة خاصة فى مجال الأمن الغذائى العالمي، والسلع الأساسية والإستراتيجية للشعوب، فروسيا لديها محصول من القمح يبلغ 77 مليون طن سنوياً وهى الأولى عالمياً فى مجال تصدير القمح بـ37.3 مليون طن، وتأتى أوكرانيا بمحصول يقدر بـ28 مليون طن فى المركز السابع عالمياً وتصدر منه 18.1 مليون طن فى المركز الرابع على مستوى العالم لذلك أصبح العالم فى مأزق حقيقى خاصة الدول المستوردة للقمح وقد حدث اضطراب كبير فى سوق توريد القمح بسبب الحرب الروسية- الأوكرانية وتعطل سلاسل الإمداد والتوريد، وارتفاع تكاليف الشحن بسبب المخاطر الناجمة عن الحرب.

لم تتوقف تداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية والعقوبات المفروضة على روسيا عند تصدير القمح وبعض السلع الأساسية، ففى ظل الحظر الغربى على كافة الواردات من النفط والغاز الروسيين، أصيب قطاع النفط والغاز العالمى باختلال واضطراب شديد ووصل سعر برميل البترول إلى ما يقرب من 120 دولاراً وارتفاع غير مسبوق فى الغاز وهو ما تسبب فى أزمات عالمية معقدة خاصة ارتفاع مؤشرات ومعدلات التضخم بنسب غير طبيعية فى أوروبا وأمريكا والكثير من دول العالم، وارتفاع فى الأسعار بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج لكثير من الاحتياجات العالمية، وأصبحت الشعوب تصرخ فى أوروبا وغيرها من دول العالم بسبب هذه التداعيات الخطيرة التى انعكست على حياة الشعوب.

خلاصة القول، نستطيع ان نطرح مجموعة من التساؤلات فى ظل الحرب الروسية- الأوكرانية واشتعال الحرب الاقتصادية بين المعسكرين الغربى والروسي، هل افلحت ونجحت العقوبات الاقتصادية فى إحداث أى تغيير على الأرض وهل أجبرت روسيا على التراجع؟

السؤال الثانى الأكثر أهمية هل العقوبات الاقتصادية أو انتهاك السيادة الاقتصادية والمالية للدول لها مردود ورسائل سلبية على اقتصادات الدول التى اتخذت العقوبات دون قرار أممى أو قانونى من خلال استباق اقتصادات ومؤسسات وبنوك وصادرات وأموال الدول والأفراد والكيانات والشركات.. ثم ما هو موقف باقى الدول الغنية والثرية التى تستثمر أموالها وفوائضها فى الدول التى اتخذت هذه العقوبات أليست هى أيضا عرضة لمثل هذه العقوبات حال وقوعها فى صراع أو خلاف مع الدول التى أسرفت فى اتخاذ العقوبات على الجانب الروسى ومن قبله دول أخري، وهل تعيد الدول الثرية والغنية مثل دول الخليج حساباتها بشأن الاستثمار فى الخارج وعدم قصره على دولة أو دول بعينها؟.. هل افسحت تفاصيل الأزمة (الروسية- الأوكرانية) وصراع المعسكرين الغربى والروسي، وما تمخض منهما من قرارات وحروب اقتصادية ومصادرة الأموال والأصول والأملاك الروسية، المجال لطرح العديد من التساؤلات المهمة عن مستقبل استثمار الدول الغنية فى دول الصراع، وهل تتعلم الدرس وتقف أمام هذه العقوبات ورسائلها السلبية وتداعياتها الخطيرة.

السؤال المهم أيضاً.. وبعد أن تعيد الدول الغنية التفكير والسياسات.. وتخرج بدروس ونتائج.. هل تتخذ قرارات بالتوسع فى استثمار أموالها فى دول أكثر أمناً واستقراراً على كافة الأصعدة سواء الأمنية والعسكرية والسياسية فى دولة فى حجم مصر تتمتع باستقرار شامل فى الحاضر وعلى المدى البعيد جراء سياسات حكيمة ومتزنة ورشيدة والتزام مثالى بالقوانين والمواثيق الأممية والدولية، وعدم انجرارها إلى مغامرات أو مقامرات، وترسيخها للحلول السياسية والدبلوماسية وتغليب لغة الحوار لحل الأزمات الإقليمية والدولية.

الحقيقة أن الحرب الاقتصادية المشتعلة بين المعسكرين والعقوبات الاقتصادية الغزيرة، فرضت التفكير فى بدء صياغة كيانات وأنظمة مالية ومصرفية جديدة وموازية بعيداً عن النظام المالى القائم حالياً، وهو ما سوف يسفر عنه انتهاء وإهدار ما عرف بالعولمة التى سادت العالم خلال العقود الأخيرة بالإضافة إلى توجيه ضربة قاصمة لسلاسل الإمداد الصناعية والشراكات التبادلية القائمة عليها.

الأزمة الروسية- الأوكرانية، أو الصراع بين المعسكرين، والإسراف فى العقوبات الاقتصادية التى وصلت تقريباً إلى ما يقرب من 6500 عقوبة عكست ان الثروات والأموال والاستثمارات سواء للدول أو الأفراد لن تكون فى مأمن فى ظل الإجراءات التى اتخذتها الولايات المتحدة الأمريكية ضد بعض الكيانات والشركات والمؤسسات والأفراد الروس وبالتالى بدأت بعض الدول التى تتمتع بثروات وأموال طائلة واستثمارات هائلة فى إعادة النظر والتفكير فى سياساتها ووضع استثماراتها فى دول بعينها وألا تكون قاصرة على هذه الدول بمعنى انها لا تضع كل البيض فى سلة واحدة وبدأت فى البحث عن بدائل أكثر أمناً واستقراراً واطمئنانا واستخدام مواردها المالية الضخمة بشراء أصول واستثمارات خارج أراضيها وفى دول تتمتع بالاستقرار السياسى والأمنى وأبرزها مصر.

الحقيقة أن دول الخليج الشقيقة تحرص أن يكون هناك جزء مهم من استثماراتها فى مصر لما تحظى به من مناخ أمن للاستثمار، ودولة قوية على الصعيد الإقليمى والدولي، تتمتع باستقرار سياسى وعلاقات دولية تقوم على الاحترام المتبادل والتعاون والشراكة، كما ان ثوابتها فى الالتزام بالشرعية الأممية والدولية وكذلك التزامها الكامل مع شركائها الدوليين، وأيضاً بما تعمل به من سياسات ترتكز على الصدق والشرف وعدم الانجرار إلى أطماع أو أوهام أو مقامرات، لديها قدرة عميقة على الإدارة السياسية والدبلوماسية للتحديات التى تواجهها دون التورط فى انسياق وراء الاستفزازات أو المهاترات بالإضافة إلى الموقع الجغرافى الفريد.

الأمر المهم الذى يعظم من أهمية الاستثمار فى مصر، هو نجاح تجربتها الملهمة فى البناء والتنمية ووجود فرص غزيرة ومتنوعة للاستثمار فى كافة المجالات والقطاعات بما لديها من بنية تحتية عصرية تشكل القاعدة الأساسية التى ينطلق منها جذب ونجاح الاستثمارات بالاضافة إلى التطور الهائل فى منظومة النقل والتجارة العالمية مثل قناة السويس أهم شريان ملاحى فى العالم فى دولة آمنة ومستقرة وقوية سياسياً وأمنياً وعسكرياً واقتصادياً، ثم شبكة الطرق العصرية، ومنظومة المطارات والموانئ وما شهدته من تحديث وتطوير هائل فى الـ«8 سنوات» الأخيرة والعالم يلمس هذا التطور غير المسبوق ويشيد بتجربة مصر فى البناء والتنمية ولعل الشهادات والاشادات الدولية بشأن ما تشهده مصر من بناء وتنمية واقتصاد واعد، وتغيير إلى الأفضل فى فرص الاستثمارات والتيسيرات الشاملة التى يحظى بها، وإرادة الدولة المصرية القوية فى هذا الملف من خلال التزام كامل بسداد مستحقات الشركاء الدوليين، والشركات الأجنبية وهو الأمر الذى ولد ثقة بلا حدود فى التعامل مع مصر على كافة الأصعدة الاقتصادية، وقد رأينا ما قاله رجال المال والأعمال وكبريات الشركات العالمية فى حق التجربة والاقتصاد المصرى وما تحظى بلادنا به من فرص واعدة وثمينة، كما ان تعويل العالم على قيادة مصر للشرق الأوسط وأفريقيا وشرق المتوسط لترسيخ الأمن والسلام والاستقرار.. وسياسات مصر المتوازنة واحترامها الكامل للشئون الداخلية للدول وعلاقاتها مع محيطها الإقليمي، كل ذلك ولد ثقة كبيرة فى الاتجاه صوب الاستثمار فى مصر.

دروس كثيرة من العقوبات الاقتصادية المفرطة التى اتخذها الجانب الغربى ضد روسيا أبرزها ان استثمارات الدول وأموالها، وثروات أفرادها غير آمنة فى الدول التى أقدمت على الاسراف فى اتخاذ قرارات العقوبات، وبالتالى فإن الدول صاحبة الاستثمارات الضخمة فى مثل هذه الدول بدأت فى إعادة النظر والتفكير فى كيفية توزيع استثماراتها أو صياغة خارطة استثمارات خارج أراضيها بشكل جديد، بحثاً عن الدول الأكثر أمناً واستقراراً على كافة الأصعدة وأبرزها أمنياً وسياسياً والحقيقة ان مصر بكل المقاييس والمعايير والشواهد والواقع هى من أكثر الدول أمناً واستقراراً والتزاما وتمسكاً بالقيم والأعراف والقوانين الدولية واحترام شئون الدول الداخلية، ليس لها عداءات وليس لها أطماع ولا تتدخل وتحترم القوانين والشرعية الدولية وتتمتع بمناخ آمن هو أحد الأفضل فى العالم لذلك تستطيع الدول الراغبة فى الاستثمار فى مصر ان تطمئن تماماً، وهو ما جرى وحدث من قبل أشقائنا العرب الذين يرون فى مصر المكان الآمن لاستثماراتهم وأموالهم.

السؤال المهم أيضاً الذى نختتم به هذه السطور، هل نجحت العقوبات الاقتصادية على روسيا فى اجبارها أو ارجاعها واخضاعها أو صنع الفارق على أرض الواقع؟ فى اعتقادى انه لم يحدث، فلم تغير روسيا أهدافها أو ارادتها أو قراراتها، ولم تتراجع عن مضيها فى تحقيق أهدافها ربما لأسباب كثيرة ان الرئيس فلاديمير بوتين استعد منذ فترة ربما تبدو طويلة أى منذ سنوات وقرأ احتمالية اقدام المعسكر الغربى على مثل هذه العقوبات، وتحصن بتحالفات مع قوى كبرى مثل الصين، واحتفظ بعلاقات تعاون مع دول تبدو محايدة لم تغير مواقفها لا إلى اليمين أو اليسار، بالاضافة إلى تحالفاته المعلنة مع بعض دول العالم والإقليمية.. كذلك التوازن فى علاقاته مع دول كبرى مثل الهند والبرازيل وغيرهما.. بل كانت لديه بدائل حاضرة، وعقوبات للجانب الغربي، خاصة فى مجال النفظ والغاز شريان الحياة الأساسى لأوروبا التى تعتمد عليه بنسبة 40٪ من احتياجاتها من النفط والغاز، وعلى حد علمى فإن روسيا حصلت على 100 مليار دولار قيمة عائدات صادراتها من النفط والغاز خلال الـ100 يوم الأولى من الحرب.

السؤال عن قدرة المعسكرين على الصمود ومن يستطيع أن يفرض إرادته على الآخر فى صراع الإرادات وحرب تكسير العظام، وما هى أوراق كل طرف.. أجد أن الجانب الروسى يمتلك أوراقاً عديدة أبرزها النفط والغاز خاصة للجانب الأوروبى ويزداد فعالية مع حلول الشتاء القاسى وهو الأمر الذى حدا بالاتحاد الأوروبى إلى مطالبة الشعوب بتخفيض استخدام الغاز بنسبة 15٪ فهل تنجح أوروبا بالمساعدة الأمريكية فى ايجاد البدائل التى تسد رمق القارة العجوز من النفط والغاز فى ظل الضغوط الشعبية التى سوف تتصاعد مع دخول فصل الشتاء وتأثيرات نقص الغاز والنفط على مؤشرات التضخم والأسعار.

السؤال أيضاً من الذى سيصرخ أولاً من ضربات وتداعيات الصراع والأزمة، هل المعسكر الغربى الذى لن يستطيع الاقدام على خطوة المواجهة العسكرية المباشرة مع الروس الذين يمتلكون أقوى ترسانة نووية، وأسلحة تصل إلى عمق أى دولة فى المعسكر الغربى وما لديهم من أوراق مثل الغاز والنفط والسلع والصناعات المهمة، وهل يتحمل الغرب والأوروبيون صرخات وضجيج شعوبهم التى ستكون عنصراً ضاغطاً فى الصمود أو التراجع، هذه التساؤلات سوف تجيب عنها الأيام القادمة لكننا فى النهاية أمام (نظام عالمى جديد) ليس فقط سياسياً أو عسكرياً أو أمنياً أو فى تركيبة التحالفات والأقطاب ولكن هناك بطبيعة الحال نظام اقتصادى عالمى جديد.. فرضته مخاوف مشروعة من تكرار ما حدث من استباق سيادة الدول الاقتصادية والإسراف فى العقوبات دون غطاء أو شرعية أممية أو قانونية كما يشير الخبراء وهو ما أثار رعب الدول الغنية التى تستثمر فى الخارج، وأصبحت ثقتها فى الدول التى انزلت هذه العقوبات على روسيا مهتزة، فما حدث لم ولن يغيب عن عينها وأجبرها على البحث عن دول متزنة وآمنة ومستقرة ومصر من أبرز الدول التى تتسم وتتمتع بهذه العناصر المحفزة والمشجعة للدول الغنية للاستثمار فيها.

فى حلبة الصراع الروسي- الأوكرانى والحرب الاقتصادية بين المعسكرين هناك دروس كثيرة ونتائج غزيرة سوف تشكل وتعيد صياغة النظام الاقتصادى العالمي، والبحث عن طمأنة الدول المستثمرة خارج أراضيها وتبديد مخاوفها من مخاطر الاستباق والعقوبات إذا جدت متغيرات أخرى فى العلاقات المستقرة مع هذه الدول نحن أمام نظام عالمى جديد شامل ومتعدد الأقطاب.. وأيضا مختلف فى مبادئه وتعاملاته فالجميع يبحثون عن العدالة بكل مكوناتها، ويريدون الاطمئنان على استقرار المجتمع الدولى حتى لا يقع مرة أخرى تحت مقصلة الازدواجية والاستباق وسياسات الكيل بمكيالين والغطرسة والهيمنة والاستخدام حسب المصالح للقوانين والقواعد الدولية.. العالم يبحث عن قواعد راسخة ومبادئ وقيم ثابتة وقوانين فاعلة تحمى أمنه واستقراره، وتصون ثرواته، وتؤمن مستقبله.