رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


وزير الأوقاف: الهجرة النبوية شكلت تناغمًا بين الدين والوطن والإنسانية

28-7-2022 | 21:54


وزير الأوقاف

دار الهلال

احتفلت وزارة الأوقاف بالعام الهجري الجديد 1444هــ من رحاب مسجد السيدة نفيسة (رضي الله عنها) مساء اليوم، وذلك في إطار الدور التوعوي الذي تقوم به وزارة الأوقاف، ونشر الوعي الديني والمجتمعي.

وجرت فعاليات الحفل بحضور خالد عبد العال محافظ القاهرة نائبًا عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، والدكتور محمد عبدالرحمن الضويني وكيل الأزهر الشريف نائبًا عن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، والدكتور عبد الهادي القصبي شيخ مشايخ الطرق الصوفية ورئيس لجنة التضامن الاجتماعي والأسرة وذوي الإعاقة بمجلس النواب، ووفد كريم من القوات المسلحة الباسلة، والدكتور محمد محمود هاشم أمين سر لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس النواب، والدكتور هشام عبد العزيز علي رئيس القطاع الديني، والدكتور خالد صلاح مدير مديرية أوقاف القاهرة.

وفي بداية، كلمته هنأ وزير الأوقاف، الرئيس عبد الفتاح السيسي بمناسبة العام الهجري الجديد، سائلًا الله (عز وجل) أن يعينه ويوفقه ويسدد خطاه لما فيه صالح العباد والبلاد، ومهنئًا الشعب المصري العظيم والأمتين العربية والإسلامية والإنسانية جمعاء بهذه المناسبة، مؤكدًا أن الهجرة لها أهمية بالغة في تاريخ الإسلام، فقد شكلت الهجرة النبوية خطًا فاصلًا بين عهدين العهد المكي والمدني، ومشدداً على أن هناك تناغمًا بين الجانب الديني والوطني والإنساني في الهجرة النبوة المشرفة. 

واستهل وزير الأوقاف حديثه بقول الحق سبحانه: "إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"، موضحا أن التعبير في الآية الكريمة جاء بالفعل الماضي الذي يفيد تحقق الوقوع مقرونًا بـ(قد) التي تؤكد الوقوع أيضًا، حيث يقول سبحانه: "فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ" وكأن الله سبحانه يقول إنه قد نصره نصرًا محققًا في الماضي والحاضر والمستقبل.

ولفت جمعة إلى أنه بعد ذلك جاء التعبير بـ (إذ) وهي ظرف لما مضى من الزمان، وكأنه سبحانه يُذكِّرنا ويقول اذكروا إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين فنصره الله، فأعظم أنواع النصر هو الذي ينصرك الله فيه بدفع العدو عنك دون قتال أو خسائر مادية أو بشرية، ونصر الله سبحانه يكون بأسباب عديدة كما كان في بدر بإنزال الملائكة، فجنود الله لا يعلمها إلا هو حيث يقول سبحانه: "وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا"، ويقول سبحانه: "وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ"، فقد نصر الله نبيه (صلى الله عليه وسلم) بجنوده التي لا يعلمها إلا هو.

وأشار وزير الأوقاف إلى أن الكفار كانوا يريدون النيل من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فجعل إرادتهم السفلى فلم يحققوا شيئًا وردهم مكسورين مخذولين "وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى" فكانت كلمة الكفار السفلى، وقال سبحانه: "وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا" ولم يقل سبحانه وجعل كلمة الله العليا لأنها عليا دائمًا، أي وستظل كلمة الله هي العليا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ليس هذا فحسب بل قال الله تعالى لنبيه (صلى الله عليه وسلم): "وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا" فكيف يصل إليه المشركون، وهذا لرسولنا حيًا وميتًا، حيث يقول سبحانه: "يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ"، ويقول سبحانه: "قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ"، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ وإنَّما لِكلِّ امرئٍ ما نوى فمن كانت هجرتُهُ إلى اللَّهِ ورسولِهِ فَهجرتُهُ إلى اللَّهِ ورسولِهِ ومن كانت هجرتُهُ إلى دنيا يصيبُها أو امرأةٍ ينْكحُها فَهجرتُهُ إلى ما هاجرَ إليْهِ"، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "المسلمُ من سَلِمَ المسلمونَ من لسانهِ ويدهِ، والمهاجرُ من هجر ما نهى اللهُ عنه".

كما أكد وزير الأوقاف أن الجانب الوطني يظهر جليًا في أحداث الهجرة النبوية المشرفة؛ حيث يقول سبحانه: "إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا" فالرسول (صلى الله عليه وسلم)، حين أُخرج التفت إلى مكة وقال: "يا مكة والله إنك لأحب بلاد الله إلى الله ولأحب بلاد الله إلي ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت"، فلما نزل بالمدينة واستقر بها قال: "اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة".

وأشار أيضا إلى الجانب الإنساني في رحلة الهجرة وذلك عندما ترك النبي (صلى الله عليه وسلم) عليًّا (رضي الله عنه) ينام مكانه ليرد الأمانات إلى أصحابها من أهل مكة من المشركين والكفار وغيرهم، فقد كانوا مع شدة عدائهم لسيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا يجدون أكثر منه ثقة ليحفظوا عنده أماناتهم.

ونوه بأنه لما هاجر ووصل النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة، كانت وثيقة المدينة في أعلى درجات الإنسانية عندما قال (صلى الله عليه وسلم) في نص وثيقة المدينة إن: يهود بني عوف ويهود بني ساعدة ويهود بني النجار ويهود بني ثعلبة ويهود بني جشم ويهود بني الأوس مع المؤمنين أمة، لليهود دينهم وللمؤمنين دينهم: "لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ"، وهذا أعلى درجات الإنسانية.

ولفت وزير الأوقاف إلى أن الجانب الإنساني قد تكامل مع الجانب الديني عندما قال النبي (صلى الله عليه وسلم) لصاحبه أبا بكر الصديق (رضي الله عنه) لا تحزن إن الله معنا ، ولم ينس النبي (صلى الله عليه وسلم) ما قدمه أبو بكر الصديق يومًا بل كان (صلى الله عليه وسلم) في أعلى درجات الوفاء لأصحابه ولأهله ولأمته فكان (صلى الله عليه وسلم) يقول: "إنَّ أمنَّ النَّاس علي في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذًا خليلًا -غير ربِّي- لاتَّخذت أبا بكر، ولكن أخوة الإسلام ومودَّته"، بل أبعد من هذا حيث يقول (صلى الله عليه وسلم): "ما لِأَحدٍ عندَنَا يَدٌ إلَّا وقَدْ كافأناهُ، ما خلَا أبا بكرٍ، فإِنَّ لَهُ عِندنَا يَدًا يُكافِئُهُ اللهُ بِها يَومَ القيامَةِ، ومَا نفَعَنِي مَالُ أحَدٍ قَطُّ مَا نَفَعِني مالُ أبي بِكْرٍ، ولَوْ كنتُ متخِذًا خَلِيلًا، لاتخذْتُ أبا بكرٍ خلِيلًا، أَلَا وَإِنَّ صاحبَكُمْ خليلُ اللهِ". 

كما بين جانبا من عظمة أخلاق النبي (صلى الله عليه وسلم) ووفائه حين قال لحسان بن ثابت (رضي الله عنه): "أَنْشِدْني قصيدةً من شعرِ الجاهليّةِ؛ فإِنَّ اللهَ تعالى قد وَضعَ عنَا آثَامها في شعرِها وروايته"، فأنْشدَه قصيدةً للأعشى هجا بها علقمةَ بْنَ علاثة، فقال النبيُّ (صلَّى الله عليه وسلم): "يا حَسّانُ، لا تَعُدْ تُنْشِدني هذه القصيدةَ بعدَ مجلِسِكَ هذا".. فقال: يا رسولَ الله، تَنْهاني عن رَجُلٍ مُشْركٍ مقيمٍ عندَ قيصر؟ فقال النبيُّ (صلَّى الله عليه وسلم): "يا حَسّان، أَشْكَرُ الناسِ للناسِ أَشكَرُهم للهِ تعالى، وإِنَّ قيصرَ سأل أبا سفيانَ بنَ حربٍ عنّي فتناولَ منِّي وإِنّهُ سألَ هذا عني فأَحْسَنَ القولَ".. فشَكرَهُ رسولُ الله (صلَّى الله عليه وسلم) فقال حسانَ: يا رسولَ الله، مَنْ نالَتْكَ يَدُه وَجَبَ علينا شُكْرُه.