آثرت أن أتريث قليلا قبل أن أكتب مقالي عن فيلم "بحبك" الذي يقوم فيه تامر حسني بالتأليف كتابة وموسيقى، وبالتمثيل والإخراج، كنت أتابع من كثب الزوبعة التي سيحدثها تصدر تامر لأربع مهام ثقيلة بالفيلم، تفكيري لم يكن مُنصبًّا على الفيلم بقدر ما كان على حالة الجدل التي سيحدثها ، وبخاصة بين النقاد، الذين يميل غالبيتهم لقدح الفيلم ونقده بعنف شديد.
سأتجاوز الفيلم قليلا ثم أعود للحديث عنه، لكني سأتكلم عن التجربة، لا شك أن التجربة نجحت جماهيريًا، فمؤشرات الإيرادات واستمرار الفيلم في دور العرض دليل على نجاحه بين جمهور السينما، ومن هنا ألتقط طرف الخيط، وهو الحديث عن السينما، فلا يخفى على أحد الركود أو قل الدمار إن شئت الذي لحق بصناعة السينما إثر أزمة كورونا منذ ما يقرب من 3 سنوات، كساد عظيم، جعلنا حين تعود الحياة لطبيعتها مجددا، وكأننا نعيد اختراع العجلة، فالسينما تتحسس خطاها من جديد، وبحاجة لحالة إنعاش ومنحها قبلة الحياة، وفي ظني ورأيي أن السينما بحاجة في تلك الفترة التي أعقبت كورونا لأفلام ذات جماهيرية تعيد مرتادي السينما لمقاعدهم داخل دور العرض حتى لو كانت هذه الأفلام غير ذات قيمة فنية كبيرة، ومن باب التذكير بالسينما، الأفلام التي أفلحت في إعادة الانتعاش للسينما لم تكن أفلاما عظيمة، فقد أعاد فيلم إسماعيلية رايح جاي الجمهور للسينما وكان سببا في فتح أبواب دور العرض على مصراعيها لجمهور متعطش كان قد خاصم السينما كثيرا.
في زمن المنصات علينا أن ننتصر للأفلام التي تعيد الجمهور الذي أصبح كسولا ويفكر ألف مرة قبل أن ينزل ليشاهد فيلما في السينما ويدفع تذكرة صار ثمنها مرتفعا، في حين أنه بثمن هذه التذكرة يستطيع أن يدفع اشتراكًا شهريًا على منصة عالمية يشاهد فيها 100 فيلم شهريًا من كل أنحاء العالم بينما لم يغادر مقعده في بيته.
إذن انا أحيي كل فنان يتصدى لتجربة تقديم عمل سينمائي في هذا التوقيت حتى يضخ في عروق السينما الدماء من جديد، وهذا يشجع آخرين أن يقدموا أفلاما ليست شرطا أن تكون كلها أفلامًا جيدة، لكن بالتأكيد حين تصنع في السنة 100 فيلم سينمائي، فهناك فرصة أن يكون بينها 10 أفلام جيدة، اما إذا قدمت 10 أفلام فقط في السنة ففرصة أن يكون بينها 10 أفلام جيدة تكاد تكون منعدمة.
على أرض الواقع قدم تامر حسني فيلما جديدا قدم فيه تجربته، وقدم الممثلين بشكل جيد مثل هنا الزاهد وهدى المفتي وحمدي الميرغني وعمرو صحصاح وغيرهم.
حيوا التجارب الجريئة المقدمة، حيوا المثابرة ومحاولة بذل الجهد، لا أحد يبدأ وهو يجيد صنع الشيء بشكل كامل، لكن بالتأكيد إذا ما ثابر واجتهد وتعلم ربما يقدم شيئا أفضل في المرات القادمة، تامر بظني أفضل من فنانين آخرين وبينهم مطربون ناجحون جدا ولا يملكون شجاعة تقديم عمل سينمائي، ناهيك عن فكرة إنه يتصدى ليس فقط للتمثيل، لكن يطمح لأن يكون (وان مان شو)، وهذا يدفعني لدعوة تامر حسني لأن يثقل تجربته سواء في التأليف أو الإخراج بالدراسة والتعلم إن أراد أن يكمل كمؤلف، وكمخرج، لأنه يملك شجاعة ومثابرة ممتازة، كان يمكن له أن يجلس في بيته ويكتفي بنشاطه الموسيقي، ويخاف أن يفكر أو يغامر، هذه شجاعة وإذ أصفق هنا فأنا أصفق للشجاعة، وأتمنى أن أصفق المرة القادمة لجودة المنتج السينمائي الذي يقدمه بجانب تصفيقي السابق لشجاعته.