التكلفة الفعلية تصل لـ 75 مليون جنيه
التذاكر مهملة في مخزن التالف.. وتباع بـ 50 قرشًا فقط
في الوقت الذي يتحدث فيه المسئولون عن إدارة شركة المترو، عن نزيف الخسائر المتوالية، وتهالك أصول وثوابت المترو؛ حتى بات لسان حالهم يستعذب الحديث عن الفشل في إدارة وتشغيل مترو الأنفاق، كشفت تقارير هامة موجهة من محققين بالسلامة والجودة إلى مساعد رئيس الشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو للسلامة والجودة، حجم الإهمال في شراء تذاكر بملايين الجنيهات من دون خطة واضحة، ومعرفة حجم الاحتياجات الفعلية؛ ما ترتب عليه شراء تذاكر "ممغنطة" تكفي لمدة تتجاوز 175 عامًا، ثم تفعيل الكارت الذكي للاشتراكات بعدها بعدة أشهر، فكان مصير ملايين هذه التذاكر التي كلفت الشركة حوالي 75 مليون جنيهًا، على حسب تقديرات بعض المحاسبين، والصرافين بالهيئة، مخازن التالف، أو استخدامها على استحياء بعد الفضيحة المدوية التي كشفتها تقارير السلامة والجودة بالهيئة لذوي الاحتياجات الخاصة بسعر 50 قرشًا للتذكرة الواحدة.
وعلى الرغم من تعدد التقارير، وتتابع مخاطبتها لمساعد رئيس الشركة للسلامة والجودة منددة بحجم الإهدار للمال العام والفساد المستشري في أوصال الشركة؛ إلا أنها لم تجد آذانًا صاغية، أو إرادة حقيقية تضرب بيد من حديد خفافيش الفساد التي عشعشت داخل أركان شركة المترو؛ محاولة تجفيف منابع الفساد؛ والتصدي لناهبي المال العام؛ ما يؤكد تعرض هذا المرفق الحيوي الذي يمثل ملاذًا آمنًا لملايين البسطاء لخطة ممنهجة للقضاء عليه، وإهدار مقدراته؛ إيذانًا بخصخصته لصالح ثلة من أصحاب النفوذ والثروة.
9 ملايين تذكرة بمخزن السندرة
التقارير التي حصلت "الهلال اليوم" على نسخة منها تكشف ضبط محققين بالسلامة والجودة، أثناء مرورهم بورشة شبرا الخيمة، بمخزن السندرة، الخاص ببوابات وماكينات التذاكر المستبعدة من الخدمة، عدد 900 كرتونة، تعلوها الأتربة؛ فضلًا عن سوء تخزينها الذي يؤدى بالضرورة إلى تلفها، بحسب تصريح المحقق عامر السباعي لـ"الهلال اليوم"؛ مؤكدًا على شبهة الفساد والإهدار بوضع هذا الكم من التذاكر في "التالف" رغم صلاحيته للعمل، وفضلًا عن تخزينه بطريقة غير سليمة تؤدي إلى تلفه.
وأكد "السباعي" في تقريره الموجه لمساعد رئيس الشركة للسلامة والجودة أن كل كرتونة تحتوي على عدد 3 بكرات، ما يعني أن عدد البكرات في الـ 900 كرتونة، وكل بكرة تنتج 2000 تذكرة، ما يساوي حوالي 9 ملايين تذكرة.
فيما أكد يحيى جلال "صراف سابق" أن البكرة الواحدة تنتج حوالي 2500 تذكرة، ما يعني زيادة عدد التذاكر المهدرة إلى 11 مليون، و250000تذكرة.
تكلفة التذكرة 5 جنيهات.. وتباع بـ50 قرشًا
وأوضح "جلال" أن تكلفة هذه التذكرة "البلاستيكية" التي كانت تستخدم مكان "الكارت الذكي" حوالي خمسة جنيهات، يتم بيعها لذوي الاحتياجات الخاصة بـ"خمسين قرشًا"، أي أقل من سعر تكلفتها بـ"أربع جنيهات ونصف"؛ لأن قيمتها أهدرت بعد تشغيل مشروع الكارت الذكي، ما تسبب في إهدار حوالي 22 مليون، و500 ألف جنيه؛ قيمة تذاكر لا تستخدم و"مرمية في مخازن التالف".
وأضاف "السباعي" أن المنصرف شهريًّا حوالي 10 آلاف تذكرة، ما يعني أن هذا الكم من التذاكر يكفي لـ75 عامًا، وطالب السباعي في تقريره، بضرورة التأكد من دخول هذا الكم من التذاكر مخزن خردة خاص بالماكينات، وفحص تاريخ دخولها مع مراعاة تاريخ صلاحيتها، مشددًا على مراعاة الحفاظ عليها، ودخولها لمخزن الساحة المخصص لـ"البكر"، ومراجعة إذن تسلمها، وتسليمها بين أمناء المخازن، ما يثبت أنها على سبيل الأمانة في المخازن غير المخصصة.
6 ملايين تذكرة صالحة بمخزن التالف
فيما كشف تقرير آخر يأتي بعد أسبوعين من تاريخ التقرير السابق، ممهور بتوقيع المحاسب منير ناجح، والمحقق عامر السباعي، بالسلامة والجودة، أيضًا موجه لمساعد رئيس الشركة للسلامة والجودة يفيد بوجود كمية أخرى من تذاكر الاشتراكات الممغنطة بورشة شبرا الخيمة تقدر بحوالي 3000 بكرة؛ أي بما يعادل 600 كرتونة، وحال حسابها وفق التقرير على 2000 تذكرة فقط للبكرة، فتكون حوالي 6 ملايين تذكرة تكفي حوالي 50 عامًا أخرى؛ وهو ما يكفي 125 عامًا رصيد طبقًا للتقريرين.
وطالب التقرير بالتأكد من مستندات هذه الأرصدة، وتحديد عهدة التسلم، والإضافة للمخزون، مع مراعاة مدة الصلاحية.
وأشار التقرير بأن هذه الكميات الموجودة في المخازن، من دون الكميات الأخرى الموجودة بالمحطات للاستخدام، وأوصى باستخدامها عوضًا عن الكارت الذكي بموسم اشتراكات الطلبة القادم؛ حفاظًا عليها من التلف؛ واتقاءً لإهدار المال العام.
وبدلًا من ذلك قامت شركة المترو باستخدامها لذوي الاحتياجات الخاصة بسعر "50 قرشًا" للتذكرة؛ ما أهدر ملايين الجنيهات؛ حيث إن تكلفة التذكرة الواحدة خمسة جنيهات.