هل صيام يوم عاشوراء يُكَفِّر الكبائر من الذنوب؟.. مجدى عاشور يجيب
قال الدكتور مجدى عاشور، المستشار الأكاديمي لمفتى الجمهورية، شرع الله تعالى التوبة لتكفير السيئات كبيرها وصغيرها، وهي عبادة في ذاتها، امتثالًا لقوله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ).
وأضاف عاشور، أن التوبة لها شروط وأهمها : الندم على فعل المعصية، وعدم الإصرار عليها، ورَدُّ الحقوق لأصحابها.
وأشار إلى أن حديث تكفير الذنوب بصيام يومي عرفة وعاشوراء، والوارد فيه: عن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال: "يُكَفِّرُ السَّنَةَ الماضية والباقية "، وسئل عن صوم يوم عاشوراء فقال: "يكفر السنة الماضية "[أخرجه مسلم]، ليس معناه على الإطلاق، يعني لا يكفر الكبائر، بل يكفر الصغائر، ويخفف من الكبائر.
وتابع: قال الإمام النووي رحمه الله تعالى عند شرحه لهذا الحديث: (معناه يكفر ذنوب صائمه في السنتين، قالوا: والمراد بها الصغائر، فإن لم تكن صغائر يرجى التخفيف من الكبائر، فإن لم يكن رُفِعَت درجاته).
وأوضح أن مما يدل على كون هذا خاصًّا بالصغائر دون الكبائر، الحديث الآخر الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مُكَفِّرَاتٌ ما بينهن إذا اجْتُنِبَت الكبائرُ "[أخرجه مسلم]، فنحمل المطلَق وهو الحديث الأول، على المُقَيَّد وهو هذا الحديث الثاني، ويؤخَذ من الحديثين: أنه إذا لم تُكَفَّر الكبائرُ بصيام رمضان مع عظيم فضله ، فمن باب أولى أن لا يُكَفِّرَها صوم النافلة وهو أقل في الفضل.
وأكد عاشور أن صيام يومي عرفة وعاشوراء يُكَفِّرانِ صغائر الذنوب، وقد يخففان من الكبائر، ولكنهما لا يكفرن الكبائر بالكلية، لاحتياج الكبائر إلا التوبة بشروطها التي ذكرناها، وذلك حتى لا يتجرأ الناس على فعل الكبائر والإصرار عليها، ويقولون نصوم هذين اليومين فتُغْفَر تلك الكبائر.
وأكمل: "لذلك ينبغي على مرتكب الكبائر الذي يريد أن يقوم بطاعة صيام يوم عرفة أو عاشوراء، عليه أن يتوب من تلك الكبائر قبل صيامه أو أثناءه، حتى يجمع بين عبادتين: التوبة وصيام النافلة، ولندرك أن كل من لم يتجرأ على الكبائر أو يُصِرَّ عليها، هو أقرب إلى غفران الذنوب، وتكفير السيئات، ولو كانت من الكبائر، والتوبة من الكبيرة مع صوم النافلة، أقرب إلى رفع الدرجات في الآخرة".