رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


فى تأخير العام الدراسي.. ترشيد وتوفير

11-8-2022 | 21:04


عبد الرازق توفيق,

فى إرجاء بدء العام الدراسى إلى منتصف أكتوبر.. فوائد كثيرة.. وترشيد كبير، فى البنزين والسولار والدقيق وتخفيف عن كاهل الأسر المصرية، فلماذا يبدأ العام الدراسى فى 24 سبتمبر المقبل، وما هو الداعى.. وهل هناك ضرر فى ظل تداعيات الأزمة العالمية أن يؤجل إلى منتصف أكتوبر؟.. فنحن نواجه تداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية والتى تعد أخطر من تداعيات جائحة «كورونا» التى مازالت مستمرة أيضاً فى العالم.. فما بين التحميل على العيش الفينو والأجبان والبيض والعصائر والمصروف اليومى للأبناء.. إلى زيادة استهلاك البنزين والسولار والكهرباء لسيارات وأتوبيسات لنقل التلاميذ من البيت إلى المدرسة والعكس.. علينا أن نوفر استهلاك شهر كامل من هذه البنود والالتزامات.. ويمكننا أيضاً إعادة النظر فى عدد أيام الأسبوع الدراسى وزيادة عدد ساعات اليوم الدراسى بدلاً من نفس الإسراف اليومى على الدقيق والبنزين والسولار والمصروفات اليومية التى لا تنتهى وتكلفة اليوم الدراسى.. فإذا كانت الحكومة قد أحسنت فى إجراءات وقرارات ترشيد الكهرباء.. فإن هناك أموراً أخرى يمكن الترشيد فيها مثل إعادة النظر فى موعد بدء العام الدراسى.
  
ربما يكون من الأفضل أن يبدأ فى منتصف أكتوبر بدلاً من 24 سبتمبر
 
جاءت قرارات وإجراءات الحكومة نحو ترشيد استهلاك الكهرباء.. أمراً مهماً للغاية وبدأت بنفسها ومؤسساتها وإضاءة الشوارع والميادين وتحديد درجة تشغيل التكييف فى المولات ومراكز التسوق لتحقيق عوائد اقتصادية تخدم المواطن نفسه وتدر عملات صعبة فى ظل زيادة الطلب العالمى على (الغاز) وارتفاع أسعاره عالمياً ورغم نجاح الدولة المصرية فى امتصاص تداعيات الأزمة الروسية- الأوكرانية خاصة فيما يتعلق باحتياجات المواطنين من السلع الأساسية والإستراتيجية وتوافرها بالأسواق وتحمل الجزء الأكبر من فروقات الأسعار وزيادة التكلفة جراء الأزمة العالمية لكن من المهم أيضاً ألا يقف المواطن كمتفرج ولابد أن يشعر ان هناك أزمة عالمية تعصف بالأسواق العالمية، وتؤدى إلى معاناة الشعوب فى ظل ارتفاع معدلات التضخم وزيادة الأسعار الناجمة عن أسباب تحدثنا عنها كثيراً فى مقالات سابقة، لذلك أرى ان الدولة حققت للمواطن جناح الرحمة وحمته من ويلات وتداعيات الأزمة العالمية، لكنه فى نفس الوقت مطالب بأن يستفيق من غفوته ويتجه طوعاً إلى الترشيد وعدم الإسراف والاقتصاد فى احتياجاته والاستغناء عن بعض البنود الهامشية طبقاً لفقه الأولويات والأزمة ويساعد فى حماية الاقتصاد والوضع المستقر فى السوق المصري.
أحسنت الحكومة فى اتخاذ إجراءات وقرارات ترشيد استهلاك الكهرباء، لكن فى اعتقادى فاتها إعادة النظر فى قرار إعلان بدء العام الدراسى مبكراً عن العام الماضى ليبدأ العام الدراسى الجديد فى 24 سبتمبر القادم وبدأ العام الماضى فى 17 أكتوبر وعلى حسب علمى بسبب تداعيات جائحة كورونا.. فى اعتقادى أيضاً ان تداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية أخطر من تداعيات جائحة كورونا على الأسواق والاقتصادات العالمية، لذلك أرى إعادة النظر فى قرار بدء العام الدراسى فى 24 سبتمبر والاتجاه نحو تأخيره إلى منتصف أكتوبر أو بعده بأيام.
لا شك ان العام الدراسى يفرض على الأسر المصرية مسئوليات وميزانيات ضخمة لكننى لا أريد أن اقتصر انعكاسات العام الدراسى على الأسر فحسب ولكن على الاقتصاد والسلع الأساسية والأسواق نفسها ومدى الضغط على بعض السلع والاحتياجات بما يتطلبه العام الدراسى واحتياجات الأبناء من تلاميذ المدارس يومياً كالتالي:
أولاً: العام الدراسى يفرض على الأسرة يومياً ميزانية ضخمة من توفير سندوتشات المدرسة من الدقيق خاصة العيش الفينو ولك أن تتخيل 24 مليون تلميذ يومياً كم يستهلكون من عيش الفينو مع إشراقة كل صباح لزوم السندوتشات ناهيك عن الضغط على الأجبان والبيض وبعض السلع الأخري، لذلك فلماذا لا نطبق الترشيد من خلال ارجاء العام الدراسى قرابة الشهر ليبدأ بعد منتصف أكتوبر.
ثانياً: بطبيعة الحال فإن السيارات والأتوبيسات والمركبات الخاصة بالمدارس سوف تعمل بكثافة وتزيد من استهلاك البنزين والسولار لمدة خمسة أيام كاملة أسبوعياً صباحاً وظهراً ناهيك عن كونها تسبب زحاماً واختناقاً يزيد من معدلات استهلاك البنزين والسولار، ويبكر من معاناة الأسر وزيادة التكلفة عليها.
ثالثاً: الأجواء الصيفية ستظل مستمرة حتى 24 سبتمبر وهو ما يتطلب تشغيل الكهرباء فى المدارس وتشغيل على الأقل المراوح داخل الفصول واضاءتها وبالتالى يمكننا توفير استهلاك شهر، والأجواء فى أكتوبر تتجه إلى الاعتدال وانخفاض درجات الحرارة ناهيك عن تشغيل المعامل وأجهزة الحواسب وغيرها من مستلزمات العملية الدراسية.
رابعاً: لاشك ان الدولة تتحمل ميزانيات ضخمة فى توفير الوجبات المدرسية للمدارس الحكومية، لذلك فإن توفير هذه الوجبات مع ارجاء الدراسة سيكون له مردود اقتصادى فى الاتجاه نحو الترشيد.
خامساً: اقترح أيضاً اختصار أيام الدراسة فمن الممكن أن تكون 4 أيام أو ثلاثة بما يوفر استهلاك الطاقة من البنزين والسولار والكهرباء ويمكن استعواض أيام الحضور للمدرسة بالتعليم عن بعد من خلال المنصات الإلكترونية التعليمية أو تعويضها بزيادة عدد ساعات اليوم الدراسى لمدة ساعة أو ساعتين يومياً فى الأيام الثلاثة أو الأربعة المقترح أن تكون فيها الدراسة منتظمة.
سادساً: إذا كنا اتجهنا إلى تأخير بدء العام الدراسى خلال جائحة كورونا فإن الأمر يستلزم دراسة نفس الإجراء مع تداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية، وحدوث أزمة اقتصادية عالمية ونتعامل على الأقل بمثل إجراءات كورونا الخاصة بالدراسة.. وهو ما سوف ينعكس على ميزانيات الأسر المصرية من توفير (السندوتشات اليومية) ومصروف الجيب بالإضافة إلى ترشيد استخدام واستهلاك الطاقة من بنزين وسولار وكهرباء، وبدء موسم الدروس الخصوصية مبكراً، والكتب الخارجية، ناهيك عن الحضور المنتظم للمدرسين وأطراف العملية التعليمية وهو ما سيزيد التحميل على استهلاك البنزين والسولار والكهرباء والزحام والتكدس فى الشوارع وبالتالى جلطات مرورية تؤدى إلى ارتفاع معدلات الاستهلاك لمصادر الطاقة مع بطء الحركة المرورية.
سابعاً: يمكن استغلال فترة ارجاء بدء الدراسة لمدة شهر مثلاً فى تسليم الكتب المدرسية وإنهاء بعض الأمور الإدارية، وتهيئة المدارس خاصة ان «كورونا» مازالت تلقى بظلالها وتداعياتها الصحية، مع منح فرصة أخرى هى بدء القنوات والمنصات التعليمية برامجها الدراسية مبكراً فى تهيئة الطلاب للعام الدراسى والتمهيد لبدء العام الجديد والتخلص من فترة الإجازة الصيفية.
ثامناً: لابد ان يكثف الإعلام وحملات التوعية أنشطتها فى تعريف المواطن بكيفية ترشيد استهلاك الكهرباء وعدم الإسراف من خلال التوقف عن بعض السلوكيات مثل استمرار إضاءة أنوار المنزل والغرف دون داع أو استخدام أنواع معينة من اللمبات أو أنوار العمارة سواء المداخل أو السلالم، أو أمام الشقق، والضرب من حديد على يد سارقى التيار الكهربائى كذلك تقليل ساعات استخدام مترو الأنفاق ساعة أو ساعتين مع ارشاد المواطنين لاستخدام وسائل النقل ومترو الأنفاق بدلاً من سياراتهم الخاصة، أو نشر ثقافة استخدام الدراجات الهوائية، وتوسيع وتوفير هذه البدائل.
تاسعاً: لماذا لا نشجع أصحاب الفواتير الخاصة بالكهرباء الأقل والمنخفضة ببعض الحوافز المقدمة لهم وهو أمر يستحق الدراسة وكيفية دعم هذه المبادرة طالما انها توفر استخدام الغاز فى تشغيل محطات الكهرباء، وأحسنت الحكومة فى الاتجاه إلى استخدام المازوت بدلاً من الغاز بما وفر عائدات تصل إلى 100 أو 150 مليون دولار شهرياً بما يفيد الاقتصاد الوطني.
عاشراً: فى اعتقادى ان المواطن فى حاجة ان يشعر بأن هناك أزمة عالمية لها انعكاسات على الداخل وان إجراءات وقرارات بل ونصائح الحكومة لها عوائد إيجابية على استقرار المواطن نفسه فى توفير احتياجاته وعدم شعوره بأى مظاهر من النقص أو العجز وأيضاً انعكاسات إيجابية على الاقتصاد القومى من خلال توفير عائدات من العملات الصعبة سواء فى زيادة الدخل أو تقليل نسبة الاعتماد على الخارج فى توفير بعض السلع والاحتياجات.
نعم هناك جدوى تعليمية فى التبكير بالعام الدراسي، ولكن أيضاً نحن مثل شعوب العالم فى أزمة، والدول تتجه إلى اتخاذ كافة إجراءات التوفير والترشيد، ولم يشعر التلاميذ والطلاب بأى نوع من الضرر عندما تأخر بدء العام الدراسى العام الماضي، فالمدارس خلال العقود الماضية كانت تتأخر فيها الدراسة لأسباب أخرى مثل جنى القطن أو غيره ولا أرى أى نوع من الضرر على العملية التعليمية من قرار ارجاء الدراسة لتبدأ فى النصف الثانى من أكتوبر، وهو ما يتواكب مع إجراءات الحكومة فى هذا السياق، ويخفف نوعاً ما عن الأسر المصرية معاناة التكاليف اليومية فى توفير احتياجات أبنائها من سندوتشات وعصائر ومصروف يومى بالإضافة إلى توفير استهلاك البنزين والسولار المستخدم فى السيارات والباصات المدرسية وعندما تسنح الظروف وتنتهى تداعيات الأزمة العالمية وتنصلح الظروف يمكننا أن نبكر موعد بدء العام الدراسى لكننا نحتاج كل شيء فى إطار مواجهة تداعيات الأزمة والاستفادة من التوفير والترشيد يجلب عائدات من العملات الصعبة أو توفيرها عندما ينخفض معدل الاستهلاك حتى ولو لبعض الوقت.
الحكومة أيضاً مطالبة بعصف ذهنى للوصول إلى بنود أخري، ومجالات إضافية يمكننا تطبيق سياسات التوفير والترشيد فيها، من خلال التقليل من استخدام السيارات التى تنقل فرداً بعينه فى الوزارات لتكون «خطوط» أو جولات تنقل مجموعات معاً توفيراً للبنزين والسولار، وتخصيص يوم أو يومين للمأموريات وإنهاء الإجراءات بشكل مجمع أو حتى تقليل عدد أيام العمل الإدارى وليس الميدانى وأقصد مواقع الإنتاج والمواقع التنفيذية فى المشروعات تحت الإنشاء والتنفيذ تستمر.. أما الأعمال المكتبية فيتم تقليص عدد أيامها طبقا لطبيعة الوظيفة والحاجة إليها.
أيضاً لماذا لا تلعب مباريات كرة القدم وباقى الألعاب الرياضية نهاراً وليس ليلاً ونحن نتجه إلى اعتدال الجو والطقس وتبدأ المباريات فى الثانية والنصف عصراً توفيراً لاستهلاك الكهرباء فى الملاعب الرياضية التى تحتاج إلى استهلاك كبير.
الأمر المهم أيضاً، إعادة النظر فى كثرة الإضاءة فى الحفلات والأفراح وسرادقات العزاء، التى تشهد مبالغة فى استهلاك الكهرباء والاضاءة والأنوار بالاضافة إلى نشر الإضاءة الفسفورية على الطرق السريعة، بالإضافة إلى إعادة النظر فى جدول قطارات السكة الحديد، لاختصار بعض الرحلات ويمكن زيادة عدد عربات القطار الواحد لتصل إلى 12 عربة مثلاً بدلاً من 8 وبالتالى فإن إضافة الثلث إلى القطار فى رحلتين أو ثلاث يوفر رحلة كاملة وإعادة النظر فى الإضاءة داخل القطارات نفسها ليتم الاكتفاء بالإضاءة الجانبية فى العربات أو الموجودة أعلى المقعد.. يمكن أيضاً النظر فى اقتراح قطع التيار الكهربائى عن بعض الأحياء بالتبادل مع أحياء أخرى فى المحافظات ولعل توقيت الخروج من المدرسة وحتى الوصول إلى المنزل هو توقيت يعد ميتاً من الثانية إلى الثالثة عصراً على سبيل المثال وهو ما سيؤدى إلى التوفير والترشيد ولكن يجب ألا يؤثر على المستشفيات والمجالات الحيوية، لذلك لابد من دراسة الاقتراح وتفادى تأثيراته السلبية ان وجدت لكننى مع أى إجراء يعود بالنفع على الدولة من الناحية الاقتصادية فى مواجهة الأزمة العالمية.
فى كل الأحوال، التفكير والاجتهاد فى البحث عن حلول وبدائل مسئولية الجميع لأن هذا الوطن يهمنا جميعاً، والتحلى بالاحساس والمسئولية هو دور مهم للمواطن، من أجل عبور الظروف الاستثنائية التى فرضت علينا ولم تكن أبداً من صنع أيدينا، والحقيقة وبدون مجاملة فإن الدولة تبذل جل جهودها من أجل تجاوز الأزمة، وعدم احساس المواطن بالمعاناة أو النقص أو العجز وأيضاً للحفاظ على مسيرتنا واقتصادنا واستقرارنا لذلك أدعو كل من لديه فكرة أو مقترح أو حل عليه أن يبادر على الفور، فإن الحلول والأفكار الخلاقة هى أساس النجاح وعلى الإعلام ان يكثر من إجراء النقاشات واللقاءات مع أهل الرؤى والخبرات والاقتراحات والأفكار ليستفيد منها الوطن.
بدء العام الدراسى فى النصف الثانى من أكتوبر أراه الأفضل ولن يصيب التلاميذ والطلاب بأى نوع من الاضرار بل سيريح الأسر المصرية التى تواجه ضغوطاً صعبة فى ظل تداعيات الأزمة العالمية وسيفيد الاقتصاد الوطنى بتوفير تكاليف وميزانيات شهر بالكامل من ضغط على استخدام الدقيق والأجبان والعصائر والبنزين والسولار والكهرباء، فما المانع ان يدرس هذا الاقتراح وفى اعتقادى سيلقى ارتياحاً وقبولاً لدى الأسر المصرية، وسيكون له مردود اقتصادى على الدولة ويمكن إضافة اقتراح آخر بتقليل عدد أيام الدراسة وزيادة ساعات العام الدراسى لمزيد من التوفير والترشيد.
أيضاً نحن كمواطنين يجب علينا إعادة النظر فى الكثير من سلوكياتنا واستهلاكنا سواء فى استخدام الكهرباء أو الاستمرار بنفس وتيرة سلوكيات ما قبل الأزمة فى طريقة الشراء والغذاء والأولويات، وبنود الميزانية فهناك بنود يمكن الاستغناء عنها حتى ولو لبعض الوقت، وهناك أمور يجب إعادة النظر فيها، ونمضى بنظرية «على أد لحافك مد رجليك» ولا داعى لارهاق الميزانية بأشياء تجعلنا نشعر بأزمة أو عجز، فالعقل زينة، والمبذرون إخوان الشياطين.
 
تحيا مصر