رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


هل هذا التزامن رسالة يجب أن نقرأها؟

14-8-2022 | 14:50


عمرو سهل,

 تغيير وزاري جديد يشمل نصف مقاعد الحكومة يشير إلى خطورة ودقة المرحلة التي يمر بها الوطن خاصة مع التداعيات الاقتصادية التي نتجت عن الحرب الروسية الأوكرانية وتضرب تداعياتها أركان الدنيا وتعصف بأعتى الاقتصادات العظمى ولا شك انعكست آثارها على معيشة المواطن وعظمت من المسئوليات الملقاة على عاتقه.

ولعل تزامن التغيير الوزاري الذي شمل 13 حقيبة وزارية مع ذكرى فض اعتصامي رابعة والنهضة ترتيب رباني لا أظنه كان مقصودا بل يبدو أنه رسالة أراد الله أن يبعثها للمصريين وهي رسالة تستدعي للذاكرة ملابسات ذلك اليوم الفارق في تاريخ المصريين الذي انتقل بهم إلى امتلاك السيادة كاملة على الأرض بعد أن حاول أهل الشر ومن تجاوزهم الزمن وعجزوا عن إدراك أن المصريين قد اتخذوا قرارا لا مراجعة له ببدء مرحلة جديدة.

إن هذا التزامن بين المناسبتين يؤكد أن ذات العزم ونفس الحماس نحو السعي للأفضل مازال شغفا للمصريين وأنه مهما تعاظمت الصعاب أو بدت مستعصية على الحل فسنتجاوزها ونتغلب عليها وستكون مجرد صفحة نطويها ونستدعيها وقت الذكرى ليذكر بعضنا بعضا بملابسات هذا اليوم الذي ظن فيه بضعة آلاف من مؤيدي الرئيس السابق محمد مرسي أنهم قادرون على تحدي الملايين التي طالبتهم بالرحيل في هدوء بعد فقدان الثقة في قيادتهم التي كادت أن تذهب بالبلاد إلى  حافة الإفلاس وتعرضت ثوابت في قاموس أمننا القومي لإعادة تعريف وتسطيح بل بلغنا محاولة إهدارها بأريحية وإحساس بغطرسة كانت مهيمنة على تنظيم الإخوان الإرهابي الذي ظن أنه من الممكن أن يوفر له غطاء خارجي حصنا ما يحتمي فيه من غضب المصريين.

إن تزامن التغيير الوزاري مع ذكرى فض ميدان رابعة يذكرنا بأن التحديات ما زالت قائمة وإن اختلفت أشكالها وأبعادها فنحن أمام تحديات عظيمة فرضت علينا ومن المحتم أن نواجهها شئنا أم أبينا ومن هنا لا بد من استدعاء ذلك اليوم وكيف كانت مصر مرهونة باعتصام مسلح أريد أن يستخدم كفزاعة ضد المصريين ليعودوا عن قرارهم بسحب الثقة من مندوب المرشد في الاتحادية وأعجبتهم كثرتهم فظنوا أنها مانعتهم من المصريين واستجابت عقولهم المحدودة إلى دعوات تحريضية دولية أن اثبتوا في الميدان وعطلوا حركة المستقبل التي بدأت بثورة الثلاثين من يونيو أرادوا أن يجعلوا من ميدان رابعة ساحة ابتزاز ومساومة يستخدمونه في وجه المصريين كما ظنوا أن صرخاتهم الجوفاء كان من الممكن أن تخيف المصريين وكان كل همهم أن يصدروا لنا فهما معينا عنوانه الأبرز أننا سنكون العقبة التي تقف أمام مسيرتكم ان لم تستجيبوا لنا وأفشلوا كل الوساطات لانهاء الأزمة بشكل سلمي وكانت النية مبيتة أن يكون خروجهم من الميدان "حائط مبكى" جديدا يمارسون فيه هوايتهم التاريخية بالعيش في جمهورية المظلومية التي كانوا يتسولون بها تعاطف من ليس منهم.

تتشابه التحديات اليوم فنحن نعيش ظرفا تاريخيا دقيقا يتطلب أيضا ذلك الرفع من حالة اليقظة التي سيطرت على وعي المصريين وهم يخطون السطر الأخير من حلم تنظيم الإخوان بحكم مصر والذي استمر لما يقرب من 90 عاما حتى لفظ أنفاسه الأخيرة في الثلاثين من يونيو والتي أسقطت ذلك المخطط للأبد.

نحن اليوم مطالبون باستدعاء تلك الحالة من التحدي التي هيمنت على المصريين وهم يواجهون تحديات التنظيم الساقط مطلوب أن نستدعي ذلك الوعي اليوم ونحن نواجه أزمة اقتصادية وأن نتذكر دائما أنه كما كان إصرارانا ووحدتنا وتماسكنا الصخرة الصلبة التي أجبرت الجميع على احترام إرادة المصريين وأن هذا هو سلاحنا اليوم أيضا في مواجهة أزمة لاشك ستمر لكن لنحرص جميعا أن تمر ونحن على وعي بأنها مجرد لحظة في عمر الزمن لا يجب أن نتخلى فيها عما حققناه في سنوات مضت وأنها كلما ضاقت واستحكمت حلقاتها ستنفرج وستبقى ايضا مجرد ذكرى نستدعيها لنتذكر كيف نجحنا في عبورها وما الذي يمكن أن نأخذه من عبرة ودرس في مواجهة تحديات مقبلة قد تكون أعظم أو أشد وطأة.

بالطبع لن يتركنا هؤلاء الأشرار بل سيظلون دائما ابدا تحت وطأة حسرتهم والندامة التي يعيشون فيها على ما فرطوا فيه في جنب المصريين سيظلون "خميرة عكننة" ومبعث إحباط وتشكيك في قدرتنا على مواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية وبالتأكيد سيتلقون التغيير الوزاري الذي جرى بموجات تشكيك وتثبيط وهو الفن الوحيد الذي حققوا فيه بعض الانتصارات قديما ويحاولون استدعاءها اليوم.

وبالطبع ليس من الحكمة اليوم أيضا أن نقيم التعديل الذي جرى لكن يمكننا أن نرى أنه جاء بمجموعة يغلب عليها أنهم ينتمون إلى "التكنوقراط" وأنهم كوادر مؤهلة لديها ما يمكن أن تقدمه وأنها لم تأت تحت تأثير شعبي يطالب باستبعاد ذلك أو الإبقاء على هذا وهو ما يشير إلى أنها تغييرات استندت إلى أسباب موضوعية لاشك ستتبدى من خلال تحرك هؤلاء الوزراء في الملفات التي أسندت إليهم .. كل التوفيق للوزراء الجدد في مهامهم الصعبة التي تنتظرهم ومازلنا كشعب على العهد نتقاسم المخاطر لعبور الأزمات في أمان وليبق هؤلاء المتحسرون والمشككون في ما أقاموا فيه أنفسهم فقد خرجوا بعيدا عن حركة التاريخ ولفظهم الواقع.