د. أمانى ألبرت,
«يوم حزين .. قلوبنا مع أسر الضحايا والمصابين خالص التعازي والمواساة لشهداء حادث كنيسة أبو سيفين .. نسأل الله أن يتغمدهم بواسع رحمته وأن يلهم ذويهم الصبر والسلوان، ودعوات صادقة للمصابين بالشفاء العاجل»
رسالة من ضمن عدد كبير من الرسائل وردت إليّ على الخاص، عزاء من إخوة وأخوات في حادث حريق كنيسة المنيرة بالجيزة التي راح ضحيته 41 شخصا.
والحقيقة رغم أن المصاب جلل، إلا أن مثل هذه المواساة النابعة من القلب، خففت من حدة الحادث وكشفت عن تماسك أبناء الوطن الواحد.
تحركت الدولة كلها من واقع الواجب الوطني متخذة إجراءات سريعة، وقبلها تحركت القلوب من واقع المحبة والعيش المشترك.
كانت لفته الرئيس عبد الفتاح السيسي هي البداية حيث تواصل تليفونيا مع البابا تواضروس ووجه بتقديم كافة أوجه الدعم، كما كتب في تغريدة «أتُابع عن كثب تطورات الحادث الأليم بكنيسة المنيرة بمحافظة الجيزة، وقد وجهت كافة أجهزة ومؤسسات الدولة المعنية باتخاذ كل الإجراءات اللازمة، وبشكل فوري للتعامل مع هذا الحادث وآثاره وتقديم كافة أوجه الرعاية الصحية للمصابين .. وأتقدم بخالص التعازي لأسر الضحايا الأبرياء الذين انتقلوا لجوار ربهم في بيت من بيوته التي يُعبد بها»
تحرك الدولة وزيارة رئيس الوزراء ووزيري الصحة والتضامن ومحافظ الجيزة والنائب العام الذي انتقل لموقع الحريق لمعاينته والوقوف على ملابساته، والتحرك السريع مع المصابين ونقلهم للمستشفيات ومتابعتهم، كلها إجراءات رسمية لم تقصر فيها الدولة وقدمتها من واقع واجبها نحو المواطنين، ولكن الأروع هو الروح التي تقف خلف هذه التحركات، الأروع هو ما يظهر في الإطار غير الرسمي من دعوات ومشاركات وتعازي تظهر مشاعر حقيقية وصادقة.
أحد أبرز هذه المواقف موقف الشاب النبيل محمد يحي، الذي لما رأى النيران لم يفكر أو يحلل أو يسأل هل تجوز أم لا تجوز المساعدة، ولكنه قفز بلا تردد أو تفكير لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ومواقف ومواقف رصدتها لقطات عبر وسائل التواصل الاجتماعي لجيران يتدافعون لمحاولة إنقاذ من في الكنيسة مع قوات المطافئ، وجيران منتظرين أمام المستشفى للسؤال عن أحبائهم.
رغم صعوبة الحادث الذي راح ضحيته عدد كبير من الأطفال، إلا أنه أحد أقوى دروس «الوحدة الوطنية»، وقد ذكرني بما كتبه سليمان الحكيم في سفر الأمثال «اَلصَّدِيقُ يُحِبُّ فِي كُلِّ وَقْتٍ، أَمَّا الأَخُ فَلِلشِّدَّةِ يُولَدُ» (سفر الأمثال ١٧:١٧) وهو ما حدث، ففي الصعب ظهرت معادن المصريين، وقفوا عوناً في الضيق وهو ما لا يفعله إلا أخ قريب.