لم تكن عودة شيرين للغناء من بوابة مهرجان قرطاج إلا رسالة صمود وثبات واعتراف بعدم قدرتها على مخاصمة الغناء.
عادت المُحِبة إلى حبيبها الأول، فبدت ملكة متوجة على عرش منطقة خضراء لا يملؤها غيرها.
وكانت في الحقيقة خلال الحفل تمتلك كل أسرار الطرب وتتباهى بصوتها الأخاذ.
رأيت شيرين في حالة حب لفنها وجمهورها، وكانت تحتفل برفع علامة النصر ضد كل ما تعرضت له من أزمات، وفوجئت بجرأتها وشجاعتها وعنفوانها وهي توجه الشكر لطبيبها الخاص.
ولا أخفيكم سرًا أن عودة شيرين أزعجت من تمنوا غيابها، فكانت صدمتهم كبيرة لأنها بدت كما هي لم ينقص من قيمتها قيراط، بل زادت عند جمهورها.. غلاوة ومعزة وتقدير واحترام.
عادت شيرين إلى الغناء يحرسها جمهور واع ذواق يضيىء لها أنوار الموبايلات، ويرفع لها مشاعل الرجاء لتصير أقوى مما كان.
وبالفعل تألقت أميرة النيل السمراء في الحفل بطاقتها الإيجابية وعفويتها وحبها للحياة وصنعت من وجعها نافذة دافئة نثرت من خلالها الفرحة والبهجة والطرب على كل محبيها.
بيني وبين شيرين -منذ قابلتها لأول مرة- ذكريات لا تنسى، ساعتها، قلت إنها أسطورة لن تنته حتى لو تحالفت ضدها كل الظروف.
كان ذلك في استديو نصر محروس وكانت تغني "آه يا ليل" في لحظة مشهودة تستعد خلالها لإطلاق مارد الغناء، كانت تتميز بالتألق والكاريزما وصفاء الصوت.
ولن أنس أنهم كانوا يطلقون عليها في ذلك الوقت "أحمد زكي الغناء" حيث تتمتع بالإحساس والجرأة والشخصية الفنية والإبداع .
لذلك كنت أقول دائما: شيرين لن تسقط ولن تنهار ولو تخلى عنها كل الذين خذلوها، لأن لديها الموهبة والقبول وسرعة الوصول إلى قلوب الناس.
وفي كل مرة كان يصدق حدسي، وهذه المرة احتشد أمامها الجمهور بآلاف الآلاف في مهرجان قرطاج في مصالحة فنية نادرة المثال، ليسامحها محبوها ويغفروا لها خطأ ابتعادها عن الغناء.
لكن يجب أن تتعلم شيرين من الدرس لأن أزمتها الحقيقية في أنها تخلط بين العام والخاص، وعلى الرغم أنها الوحيدة التي تتحمل نتائج حياتها الشخصية، إلا أن الحمل كان ثقيلا عليها رغم ما تلقته من تحذيرات.
قلت لها مرارًا وتكرارًا كصديقة، وقال لها الناس، لكن الحمد لله أنها ما زالت تقف بأقدام ثابتة ولم تنكسر أمام وطأة المعاناة.
حبيبتي شيرين.. أنت كما أنت.. جميلة دائما وأجمل ما فيك أنك عفوية وتلقائية وصادقة لا تكذبين ولا تتجملين، ولكن تغنين من حنايا القلب أغنيات الحب والحياة.