رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


الاستثمار في البشر.. هوامش على دفتر التعليم

25-8-2022 | 13:50


هشام شوقي,

البشر هم الثروة الحقيقية التي تملكها الأوطان، وتبني دول العالم الأول حضارتها على النابغين من أبنائها، بل وفي كثير من الأحيان على الوافدين إليها مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وكان النموذج البارز فيها الدكتور زويل، وهناك العديد من العلامات الكبيرة والبارزة في جامعات الولايات المتحدة وفي جامعات أوروبا. 

نحن نعاني بالفعل من أزمة حقيقية في التعليم خاصة مرحلة ما قبل التعليم الجامعي، هناك محاولات عديدة جرت منذ عقود لتطوير منظومة التعليم المصري، وبحكم عملي الصحفي كمحرر لشئون التعليم لفترة ليست بقصيرة كنت شاهدًا على بعضها، بل ناقشت بعضها في ملفات صحفية آنذاك، وكانت الأزمة تكمن في البنية الأساسية على مستوى عدد المدارس المطلوب كي نصل معدل كثافة يمكن المعلم في البداية من إدارة الفصل وشرح المنهج، يلي ذلك أزمة العجز في المدرسين، وكانت تلك الأزمة نتاج لفكرة إيقاف التكليف لخريجي كليات التربية. 

عجز المعلمين أضاف عجزًا جديدًا لمنظومة التعليم، هنا يمكنني القول أن إيقاف التكليف في نهاية التسعينات كان بداية لوضع الحصان أمام العربة، كيف يمكن تطوير المنظومة التعليمية في ظل العجز في عدد المعلمين، ناهيك عن تقديم مشروعات لتطوير التعليم تحتاج إلى إمكانيات مادية كبيرة معتمد على معلم بلا خبرة، حديث التخرج، ماذا ننتظر من مخرجات التعليم، والسؤال هنا هل تطوير المنهج والمحتوى فقط يكفي لتأهيل الطالب؟ 

هل تطوير الأدوات واستخدام وسائل الاتصال الحديثة يكفي لتطوير التعليم؟ أعتقد أن الأمر يحتاج لنقاش مجتمعي وتقييم من جانب خبراء في التعليم، هل معدلات الدروس الخصوصية تراجعت خلال العام الماضي مقارنة بالعام السابق أم أن المعدلات في ارتفاع؟ إنها أسئلة مشروعة في حاجة إلى إجابة.

 

أعتقد أن التعليم ملف نحن جميعا لدينا مسئولية مشتركة عنه، وفي اعتقادي أننا في حاجة ماسة لبناء مناهج يكون هدفها الأول هو اكتشاف موهبة ومهارة الأطفال في المرحلة الابتدائية، وغرس قيم من قبيل العمل داخل فريق، وغرس حب المعرفة والبحث عنها بشكل يتناسب مع عمر الطالب والمرحلة التي يدرس بها، وقبل ذلك أن يكون المعلم مؤهلًا لتلك المناهج مستقرًا في عمله بشكل واقعي. 

في خريف 2008 كنت في زيارة للولايات المتحدة للمشاركة في التغطية الصحفية لمؤتمر حول جودة التعليم، وهناك أدركت ماذا يعني أن يكون لدي الطالب مشروع مع النهاية العام الدراسي يشارك فيه زملاءه، مشروع حقيقي يقيس قدرات الطلاب والمهارات المكتسبة وينمي القدرة على العمل الجماعي والتفاعل. 

 

يظل الهامش الأكثر إثارة للجدل، هو عملية التقويم والتقييم للطالب، وكيف يمكن توجيه الطلاب للتخصصات التي يحتاج لها سوق العمل العالمي، توقفت خلال متابعتي لامتحانات الثانوية العامة خلال العام الجاري أمام نقطتين أساسيتين الأولي كانت طبيعة الأسئلة التي نضع الطالب أمامها والوقت المتاح للإجابة عليها، ونتائج الطلاب التي ما تزال تثير الجدل حتى كتابة تلك السطور.

بالتأكيد لست من الراغبين في أن تكون مخرجات التعليم ضعيفة، لكن ما حدث يجعلني أفكر وأتساءل متى ينتهي الخوف من الثانوية العامة، متي يتوقف ذلك الاستنزاف لميزانية الأسرة وتختفي مشاهد قاعات الدروس الخصوصية؟ 

لا أبحث عن قرار من وزير التربية والتعليم بضوابط ومعايير وفرض عقوبات على الطلاب من أجل الحضور لقاعات الدراسة، لكن أتمنى أن يعود الطلاب لقاعات الدراسة لبناء العقول والحصول على المعارف واكتشاف المهارات، أتمنى أن يشهد العام الدراسي الجديد تغييرًا حقيقيًا في طريقة إدارة ملف التعليم ما قبل الجامعي. 

عزيزي وزير التربية والتعليم، الحوار المجتمعي، يضيء لك الطريق، طرح الأفكار في وسائل الإعلام بشكل شفاف ومناقشتها يمكن صانع القرار من تلافي العديد من سلبياتها ويدعم الإيجابيات، في اعتقدي أن تطوير منظومة التعليم تحتاج إلي سياسة رشيدة وفق إمكانيات الدولة المتاحة و تجارب مدروسة تتناسب والواقع المصري، ورؤية حقيقة للواقع المصري.