رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


رسالة إلى امرأة تسكنني

1-9-2022 | 10:53


هشام شوقي

يسكنني سحرك الشرقي الفواح، يأخذني إلى عوالم خفية شهية، يجعلني أتوقف عند تلك اللحظة الساحرة التي التقت نظرة كلينا فيها دون أن نضرب لها موعدًا مسبقًا، تسكنني عبارتك الجميلة، وشعورك الجارف الذي يسكنني ويجتاح فؤادي دون مقاومة تذكر، صمتك أبلغ عبارات الهوى، ونظرتك جملة بليغة لا يدركها إلا قلبي، ربما تكوني امرأة من زمن أسطوري. 

كوني دائما الحبيبة والصديقة، كوني رفيقتي حينما نتصفح "كتاب الحب" معا، كوني "المعنى" لا تدخلي إلى ساحات الحرب ومعارك لا طائل منها، ابني قصرًا من حب في قلبي ولا تغادري، اجعلي من الحب دستور حياة، ومن القلب وطنًا بلا مطار، اجعلي منه شاطئا لا يستقبل سوى سفينة واحدة لا يملكها سواكِ.

 
قلبك قد يكون جنة عدن على الأرض، وقد يكون جهنم الخالدة، كل شيء بيدك وفي يدك، قد أكون ذلك الطفل الذي يبحث فيكِ عن ذلك الحنان الفياض، أبحث عن تلك اللمعة في عينيكِ حينما تسمعين عبارات الغزل، أبحث عن ذلك الشعور بالحنين حينما تلتقي أنامل يدينا على تلك المنضدة التي شهدت لقاءنا الأول.

 
كلانا يعشق القراءة والسفر، تلمع عيناه حينما يتوقف أمام بيت من الشعر، قد يصف ما بيننا دون تصريح، كلانا يحب أن يستمع لكلمات الآخر في أحاديثنا الطويلة التي لا نشعر بالوقت فيها، فصوتك لا يغادر أذنيّ، وعبارتك يحفظها عقلي وقلبي، فصوتك صانع البهجة، وشمس السعادة التي تشرق في فؤادي.


قد تكون سطوري السابقة حالة حب رومانسية، لا وجود لها على الأرض، من وجهة نظر البعض، لكن جميعا يبحث عنها حتى لو كانت في حلم لم يتحقق بعد، لا توجد للحب كراسة مواصفات، فهو حالة تقتحم المحبين دون إرادة منهم، ما يقدمه كل منهم للآخر يقدمه عن طيب خاطر عشقا لا ينتظر مقابلًا له. 


يقول نزار قباني في قصيدته "حبيبتي": 


حبيبتي: إن يسألونك عني
يوما، فلا تفكري كثيرا
قولي لهم بكل كبرياء
((... يحبني...يحبني كثيرا))
صغيرتي: إن عاتبوك يوما
كيف قصصت شعرك الحريرا
وكيف حطمت إناء طيب
من بعدما ربيته شهورا
وكان مثل الصيف في بلادي
يوزع الظلال والعبيرا
قولي لهم: ((أنا قصصت شعري
لان من أحبه يحبه قصيرا)) 

هكذا هو الحب، لا شرط ولا قيد سوى العشق، إنه خارج حدود العقل، كلانا يبحث عن الآخر في نفسه حتي يجري بشرايين القلب مجرى الدم بها.

 
كم كانت الروائية العربية أحلام مستغانمي بليغة في وصفها للحب في نص روايتها الأسود يليق بك، "الحب هو اثنان يضحكان للأشياء نفسها، يحزنان في اللحظة نفسها، يشتعلان وينطفئان معا بعود كبريت واحد دون التنسيق أو اتفاق" تلك هي الحالة الحقيقية للحب، وما دونها بحث عن غطاء لعلاقات أشبه بالمسكنات للهروب من آلام تجربة سابقة أو البحث عن مغامرة لن تدوم كثيرا.

 
يسكنني حب المرأة الشرقية، التي تجعل من تناول فنجان القهوة معها ذكرى محفورة في قلبي، ويظل حديثها إحدى قصص شهرزاد في ليالي ألف ليلة، وأظل أنا حصنها المنيع ومن تحتمي بقلبه دائما. 


ابحثوا عن الحب في قلوبكم، ولا تبحثوا عن من يحول حياتكم لصراع وساحة للمعارك بين طرفين هم عصب الحياة، فقد صنعت مواقع التواصل الاجتماعي حالة من الجنون بالشهرة، وطرح الأفكار المثيرة للجدل والاشمئزاز معا، أحيانا تجد من ترتدي عباءة الدفاع عن حقوق المرأة، مطالبة الزوجة بعدم طهي الطعام لزوجها، أو إرضاع أطفالها، بل ونحت أفكارها في عبارات يتداولها الآخرون دون فهم وتدقيق.

 
اصنعوا عالمكم من حب حقيقي، وابتعدوا عن العلاقات المؤذية، اجعلوا من منازلكم واحة للحب، واجعلوا من قلوبكم بيتا للحب.