يقولون دائمًا إن أهل مكة «أدرى بشعابها» فلا يمكن أن تحارب الإرهاب فى منطقة إلا بالرجوع لأبنائها، ومن يحفظ دروبها وكل شبر فيها، لذلك كان أمرًا عظيما ومستحسنا ما فعلته قبائل سيناء، حين قررت أن تهب للدفاع عن أرضها ضد اعتداءات جماعة «أنصار بيت المقدس» وقتلهم لعدد من شباب ورجال القبائل فى سيناء.
صحيح أن مشايخ القبائل قدموا المعلومات فى وقت سابق عن الجهاديين والتى كانت ضعيفة، لكن مشاركتهم أمر آخر وقوة إضافية للجيش.
كانت عمليات الاستهداف والاغتيالات التى تنفذها الجماعات المسلحة فى سيناء، تستهدف رجال الأمن بالدرجة الأولى، لكنها توسعت بعد ذلك وصارت تضم شيوخ القبائل وابناءها (٢٢ شيخا واكثر من ١٠٠ من أبناء القبائل)، فى يونيو من عام ٢٠١٢، بدأت الجماعات المسلحة أولى عمليات الاغتيال عندما اغتالت شيخ قبيلة السواركة ونجله، خلف المنيعي، بعد استهدافه من قبل مجهولين، بقذائف أثناء استقلاله سيارته مع نجله، على الطريق الدولى الواصل بين مدينتى العريش ورفح، فى الوقت الذى أشارت أصابع الاتهام إلى أولاد عم الشيخ خلف، المعروفين بتشددهم ومحاربتهم للجيش والشرطة على رأسهم شادى المنيعى وشقيقه خالد المنيعي.
فيما كان الضابط محمد سيد عبدالعزيز أبوشقرة، من قوة مكافحة الإرهاب الدولى بجهاز الأمن الوطنى بشمال سيناء، على موعد هو الآخر مع الاغتيال، إثر إطلاق النار عليه من جانب مجهولين، أثناء اتجاهه إلى مقر سكنه يوم ٩ يونيو عام ٢٠١٣، عندما هاجمته سيارة مجهولة يستقلها مسلحون، أطلقوا عليه الرصاص فأردوه شهيدًا بعدما فشلوا فى اختطافه، فى وسط مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء، ليكون أحد ضحايا حوادث الاغتيالات التى تعتمدها الجماعات المسلحة فى سيناء.
وفى ٢٥ يوليو من عام ٢٠١٤، اغتال مجهولون، العقيد محمد سلمى السويركي، قائد قطاع الأمن المركزى بوزارة الداخلية لتأمين الحدود، والذى كان بصحبة العميد عمرو فتحى صالح، ضابط القوات المسلحة المسؤول عن تأمين القطاع هناك، عندما فاجأهم مسلحون بإطلاق وابل من الرصاص عليهم أثناء استقلالهم سيارة القطاع بالشيخ زويد، ليفتح الباب أمام توجيه الاتهامات لأبناء القبيلة المتطرفين، ويعيد الأذهان إلى حادث اغتيال الشيخ خلف المنيعى مرة أخرى
ثم توسعت أكثر بحادث اغتيال القضاة الذى استهدف خمسة قضاة، أثناء استقلالهم أتوبيس لنقلهم شرق مدينة العريش، وهاجموهم بوابل من الرصاص، ما أدى إلى استشهاد أربعة منهم قاضٍ وثلاثة وكلاء نيابة إضافة إلى السائق.
نعم قام ابناء سيناء بعمل تحالف ضد الجماعات الإرهابية فى سيناء وهذا جيد لكنه ليس كافيا لان المطلوب من القبائل فى سيناء ليس محاربة الإرهابيين نيابة عن الدولة وليس مفروضا ان يحمل احدا السلاح – اى احد – بطريق غير شرعى حتى لو كان يحارب الإرهاب فهو بصراحة معى اليوم وقد يكون ضدى غدا.
فكرة ان يحارب أحد الارهاب غير الجيش والشرطة فهو يعطى صورة سلبية غير مطلوبة عن إمكان مقدرة جيشنا دحر هذه البؤر والانتصار عليها.
المطلوب من قبائل سيناء هو المعلومات التى تقود الاجهزة الامنية متمثلة فى الجيش والشرطة من التعامل معهم وبطريق قانونى.
ايضا تستطيع القبائل من « تشميس « كل من ينتمى إلى هذه الجماعات وبهذا ترفع القبائل الغطاء السياسى والقبلى لهذه الجماعات التى يعرف كل بدوى اسماءها بالكامل واسماء من ينتمون لها سواء من قبيلته أو القبائل الآخرى .
البطولات والخدمات التى قام بها أبناء وأهالى سيناء على مدار تاريخها يجعل الكثير منها فى مصاف المعجزات الخارقة، منها بطولات قاموا بها من تلقاء أنفسهم - وهى كثيرة - ومنها ما قاموا بتقديمها بالتعاون مع الاجهزة الأمنية – وقت الاحتلال-، منهم من استشهد، ومنهم من سجن بالسجون الإسرائيلية.
ولم تقتصر هذه البطولات على قبيلة معينة أو فئة، فكل أهالى سيناء شاركوا بلا استثناء وقدموا مساعدات هائلة للقوات المسلحة، رجالا ونساء وشبابا وأطفالا وشيوخا، ورغم العزلة الإجبارية التى كانت مفروضة عليهم
هناك مطالب ومظالم كثيرة لأهل سيناء بعضها عاجل والآخر من الممكن ان يؤجل لكن على الدولة ان تحرك المياة الراكدة حتى يستطيع ابناء القبائل إعادة أمجاد أجدادهم الوطنية والعمل مع اجهزة الدولة للانتصار على الإرهاب مع العلم انهم ظلموا وكل من فى الوادى والدلتا ظلم قد يكون ليس بنفس القدر لكن الكل تعرض للظلم .
كتب : خالد ناجح