رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


النيروز عيد الشهداء

12-9-2022 | 11:25


القس بولا فؤاد رياض

القس بولا فؤاد رياض

النيروز عيد فرعونى قديم هو عيد النهر (نى يارؤو) وتحولت إلى ني ياروس أو نيروس بإضافة حرف السين كعادة اليونانيين حين احتلوا مصر، كان مجئ الفيضان الجديد هو موعد بداية السنة الزراعية الجديدة، أما عيد النيروز الفارسى فهو (نى أى جديد - روز أى سنة) لأنه عيد رأس السنة الفارسى لكنه يأتى يوم عيد شم النسيم المصرى، وأيضًا يحتفل الأكراد بعيد (نوروز) رأس السنة الكردية ويوافق عيد الربيع أيضًا. 

- الكنيسة بإرشاد الروح القدس قامت بتعميد المفاهيم بشأن هذا العيد، فالسنة الزراعية صارت عندها السنة الكنسية، بدلاً من فيضان النهر لبدء السنة الفرعونية صار فيضان الدم الذى تدفق أيام دقلديانوس  بدء التأريخ القبطى فصارت سنة الشهداء.جعلت القراءات الليتورجية مرتبة بدءًا من هذا اليوم متدرجة لحرث القلوب باعتبارها الخليقة الجديدة التى ستنزرع فى المسيح يسوع، وصارت أغانى تدفق النهر ألحانًا لطلب صلاح المسيح ليبارك إكليل السنة بصلاحه.رتبت الأعياد بحكمة البابا القديس ديمتريوس البسيط حتى أن من يتتبع ويعيش المناسبات المرتبة كنسيًا يصل إلى يوم الحصاد عيد حلول الروح القدس فيصير ثمرة ملكوتية. ينمو فى القامة فى بقية مناسبات السنة القبطية لأن  التقويم القبطى تغذية متوالية للإيمان بالإنجيل.

هذا العيد الجميل لم يكن جميلاً بل مؤلمًا فى أكثر العصور، فى العصور الرومانية كل عام كانت الكنيسة تجمع العارفين لكى تدون شهداء كل العام، وكانت الكنيسة تحسب ما قدمته من ذبائح حية مرضية قدام عرش الله.لكى تقف مفتخرة بالرب قائلة ها أنا والأولاد الذين أعطانيهم الرب.

لما دخل العرب مصر كان كل طفل يولد فى الكنيسة يمثل عبئًا جديدًا وجزية جديدة مفروضة عليها، كانت الحقول تصادر من الأقباط لعجزهم عن دفع الجزية، كل نيروز يتحول بعض أصحاب الحقول إلى عاملين فيها بالسُخرة لصالح ولاة لا يعرفون سوى لغة القهر يأخذون العاجزين عن الدفع أسرى وعبيد، يأخذون نساءهم وبناتهم جوارى، كان النيروز مواجهة علنية مع الشيطان حتى كانت بعض النفوس تضعف تحت وطأة القهر والسيف، كان النيروز مرتبط بسداد الديون لذلك تلاحظ فى مدائح النيروز طلبات لأجل سداد الديون والأسرى والذين ضعفوا لأن الكنيسة لا تترك لحمها للوحوش بل تصلي لمن يسترد الحملان من الذئاب، هكذا كان النيروز عيد بلا إحتفالات بل بإنكسار قدام الله وتسليمه متاعب الكنيسة حتى أن  مرد مديحة عيد النيروز هو (يا رب إرفع غضبك عنا). وهو مرد غير معتاد فى أى عيد.

مرد إنجيل قداس النيروز هو (بارك إكليل هذه السنة بصلاحك يا رب) لأن صلاح الرب هو علاج الظلم لنرى فى ختام أواشى الصلاة من أجل الطبيعة ويمكن تسميتها بأواشى النيروز (المياه - الزروع - الثمار) وهى ترجمة للمعاناة التى تصلى فيه الكنيسة مجتمعة قائلة: بارك إكليل السنة بصلاحك من أجل فقراء شعبك (العاجزين عن أداء الجزية والذين فقدوا أملاكهم) من أجل الأرملة واليتيم (أسر الشهداء الذين بتر السيف حياتهم) والغريب (الذين هربوا وتغربوا لعجزهم عن دفع الجزية أو تم أسرهم ونفيهم) والضيف (الذى حل محل صاحب الأرض) لكي يكون صالحًا مع شعب الله.طبعًا هذه الفئات أخذت الآن المعنى الاجتماعى بينما كان لها أصل تاريخي فى القداس.

حقًا إن دوام الإيمان فى الشرق الأوسط و خصوصًا فى مصر هو من أكبر المعجزات التى صنعها الرب يسوع للكنيسة لذلك كل نيروز هو إضافة جديدة لهذه المعجزة الحية الدائمة، والكنيسة عاشت كل نيروز كأنه خطوة فى طريق الجلجثة، فاستندت على المصلوب متمتعة بشركة آلامه وقيامته.

فى كل العصور نجد الكنيسة تعتنى بروحانية الحياة مع الله، فكل ترتيب قراءات السنة الكنسية هو لأجل بنيان شعب الله فى المسيح يسوع لهذا يجب أن نقلل جدًا بهرجة الإحتفالات ونجعلها بسيطة لا تؤثر على قداسة الإنسان والمكان لأن احتفالات الكنيسة المثمرة هى التى فيها توبة وسكون وصلاة وتسبيح وقداسات تنقلنا للسماء، ولا نعارض أى إحتفال لكن نعارض كل مبالغة ننسى فيها لماذا لنا كنيسة حية.

فليكن لكل مسيحي نيروز خاص، فيضان الروح القدس فى قلبه، النهر الحى الذى ثمرته الخلاص والفرح الأبدى فلتكن لنا قراءاتنا الروحية التي لا تتوقف بل تستمر كالنهر لكى تعمل فينا كلمة الله كل الأيام.

كل عام والجميع في ملء النعمة بمناسبة العام القبطي الجديد 1739ش ونرفع قلوبنا الى الله ليحفظ بلادنا العزيزة مصر من كل شر بصلوات قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية.