رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


ما علاقة الفتوى بالتنمية المستدامة؟ مؤتمر الإفتاء القادم يجيب

13-9-2022 | 14:00


د. محمد حبيب,

أعلنت الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم والتي تعمل تحت مظلة دار الإفتاء المصرية عن عنوان مؤتمرها العالمي القادم في أكتوبر 2022م، وجاء اختيار هذا الموضوع اتّساقًا مع مواكبة الأحداث العالمية مما يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن رؤية دار الإفتاء المصرية رؤية ثاقبة ومتطورة غير نمطية ولا تقليدية. 

 واعتمدت جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في عام 2015م أهداف التنمية المستدامة (SDGs) والتي تُعرف باسم "الأهداف العالمية"، باعتبارها دعوة عالمية للعمل على إنهاء الفقر وحماية الكوكب بما في ذلك مواجهة التغيرات المناخية وضمان تمتُّع جميع الناس بالسلام والازدهار بحلول عام 2030م. 

ومما لا شك فيه أن للفتوى دورًا عظيمًا وفاعلًا في المساهمة في تحقيق التنمية المستدامة فلا يُعقل أن تتأخر الفتوى والمؤسسات الإفتائية وعلى رأسها دار الإفتاء المصرية أكبر مؤسسة إفتائية في العالم عن دورها، أو أن تغض الطرف عن أهم قضية في الحاضر والمستقبل؛ فالتنمية المستدامة أصبحت أسلوبًا من أساليب التنمية التي يفرضها العصر الحاضر الذي يتصف بالتطور والتغير المتسارع والذي يفرض على الدول والهيئات والمنظمات ومؤسسات المجتمع المدني والأفراد مواكبته. 

وقد اتّخذت دار الإفتاء المصرية فضلًا عن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء خطوات قوية وفاعلة وأدوات ناجعة للمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة من خلال نشاطاتها وفتاويها (سنذكرها بالتفصيل في مواضع أخرى إن شاء الله)، ومن العجيب أن الدار والأمانة بدأتا في تطبيق هذه الأدوات منذ سنوات طويلة وقبل الحاجة الشديدة أو قبل اللجوء الاضطراري الحاصل عالميًا الآن لتحقيق تلك التنمية المستدامة، بل لقد جعلت دار الإفتاء المصرية تحقيق متطلبات التنمية المستدامة معيارًا من المعايير الأساسية الواجب توافرها ومراعاتها فيما يصدر عنها من فتاوى. 

فالفتوى الرشيدة تعبر تعبيرًا صادقًا عن دِينَ الإسلامِ الحنيفِ كدِينٌ شاملٌ لأمورِ الدنيا والآخرةِ، وقدْ جاءتْ تعاليمُ الإسلامِ وأوامرُه بالإحسانِ إلى كلِّ شيءٍ لِيشملَ ذلكَ الإحسانُ الإنسانَ وما يحيطُ بِه مِن بيئةٍ خلقَها اللهُ تعالى مسخرةً لمنافعِ الإنسانِ ومُيَسَّرةً لتحقيقِ غايةِ وجودِه فيها مِن عبادةِ اللهِ تعالى وتزكيةِ النفسِ وإعمارِ الأرضِ. وخلقَ اللهُ هذه البيئةَ على أحسنِ ما يكونُ من النظامِ، وعلى أتمِّ ما يكونُ من الإتقانِ؛ لكي تكونَ صالحةً لاستيعابِ الجنسِ البشريِّ. 

وكذلك الفتوى غير الرشيدة ما هي إلا سبب ونتيجة للخروجَ عن النهجِ الإلهيِّ في التعاملِ مع البيئةِ قد نتجَ عنه سوءُ استعمالٍ لمكوناتِ البيئةِ، وأصبحَ تَفاعلُ البشرِ مع مفرداتِها بطريقةٍ سلبيةٍ، فتدمير الحرث والنسل وغيرها من أفعال إرهابية، وكذلك الأنانية في الانتفاع بالثروات ونِعم الله ما هو إلا ترجمة حقيقية لمبادئ الفتوى غير الرشيدة. 

ولا شك أن كل شخص منصف يري أن هذه التحدياتِ الخطيرةَ تَستلزمُ منَّا أنْ نتعاونَ جميعًا مِن أجلِ الحدِّ مِن الأضرارِ البالغةِ التي تُهدِّدنا جميعًا. وإنَّ عقدَ هذا المؤتمرِ العالمي عن علاقة الفتوى بالتنميةِ المستدامةِ، بمشاركةِ العديدِ مِن المتخصصين في المجالات التنموية والإفتائية على مستوى العالم يُعدُّ خطوةً هامةً مِن أجلِ تَضافرِ الجهودِ بين دولِ العالمِ جميعًا لوضعِ رؤيةٍ شاملةٍ للمواجهةِ الإيجابيةِ فضلًا عن الإجراءات الوقائية والخروجِ مِن تلك الأزمةِ حتى لا تتأثرَ هذه الأجيالُ والأجيالُ القادمةُ بالعواقبِ الوخيمةِ الناتجةِ عن عدم تحقيق التنمية المستدامة. 

فكل الدعوات والأمنيات بنجاح المؤتمر المهم والرائع في موضوعه، وكل التحية والتقدير لكل الباحثين والعلماء في دار الإفتاء المصرية وكل الشكر والعرفان لقياداتها؛ فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم- وفضيلة الدكتور إبراهيم نجم المستشار الإعلامي لمفتي الجمهورية والأمين العام لدور وهيئات الإفتاء في العالم.