رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


عميد اقتصاد القاهرة: أتمنى أن يبلور الحوار الوطني أجندة وطنية صالحة لحل القضايا الملحة (حوار )

14-9-2022 | 11:52


الدكتور محمود السعيد

حسن محمود _ عدسة: إبراهيم بشير

الدكتور محمود السعيد: 
- بدأت عملي داخل الكلية على أربعة ملفات رئيسية وهي التعليم والبحث العلمي والتطوير المؤسسي وخدمة المجتمع
- أهم الإنجازات  التى أفتخر بها إدراجي فى قائمة ستامفورد لأفضل 2% من علماء العالم
- كليات القمة تحافظ على مكانتها وتميزها بشروط
- مصر قادرة على الوفاء بالالتزامات الدولية رغم ظروف جائحة كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية
- الأرقام والمؤشرات الاقتصادية المُعلنة من الحكومة صادقة لأن مجتمعا دوليا يراقب
- تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار مستمر فى ظل الاعتماد بشكل مبالغ على الاستيراد
- وثيقة سياسة ملكية الدولة المصرية رسالة طمأنة من الحكومة المصرية إلى القطاع الخاص
- أتمني أن يبلور الحوار الوطني أجندة وطنية صالحة لحل القضايا الملحة خاصة قضايا الصحة والاقتصاد والتعليم
- يجب أن تكون وتيرة عمل لجان الحوار الوطني سريعة على غير المعتاد


أحد الكوادر والقيادات العلمية والإدارية داخل مصر والشرق الأوسط، وباحث بارز فى الشأن السياسي والاقتصادي المصري، إنه الدكتور محمود السعيد، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة.

"دار الهلال" حاورت عميد اقتصاد وعلوم سياسية جامعة القاهرة، للإجابة عن العديد من التساؤلات التى تشغل الرأي العام فى الفترة الحالية خاصة فيما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية وأزمة الدولار والحوار الوطني والأزمة الروسية الأوكرانية والسياسات الحكومية ووثيقة سياسة ملكية الدولة المصرية، وإلى نص الحوار..

منذ 5 سنوات توليت منصب عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية.. حدثنا عن حصاد الخمس سنوات وأبرز الإنجازات؟

منذ أن توليت منصب عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، بدأنا العمل على أربعة ملفات رئيسية، وهي التعليم، والبحث العلمي، والتطوير المؤسسي وخدمة المجتمع، بالنسبة للملف الأول وهو ملف التعليم سواء فى مرحلة البكالوريوس أو الدراسات العليا، ركزنا على تطوير اللوائح، ووجدنا أنه تم إدخال مقررات حديثة فى بعض الجامعات مناظرة للمقررات التى تدرس داحل الكلية، فقررنا تشكيل فريق عمل من الكلية لمقارنة مقررات كليتنا بهذه المقررات واستحدثنا بعض المقررات.

وفى مرحلة الدراسات العليا استحدثنا بعض المقررات الدراسية المرتبطة بشكل وثيق بسوق العمل المرتبط بتخصصات الاقتصاد والعلوم السياسية منها فى الكلية ومنها بمؤسسات الدولة، فداخل الكلية استحدثنا برنامج لأول مرة يجمع الاقتصاد بالسياسية وهو ماجستير الاقتصاد السياسي وهو أحد التخصصات المطلوبة بشكل كبير فى سوق العمل، وخارج الكلية، وقعنا العديد من البروتوكولات مع مؤسسات الدولة منها على سبيل المثال، هيئة الرقابة الإدارية، وهناك برنامج ماجستير عن الحوكمة ومكافحة الفساد مع الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد وتخرجت الدفعة الأولى في البرنامج والدفعة الثانية على وشك التخرج، جميعها برامج جديدة وحديثة ومرتبطة بشكل كبير بسوق العمل ومرتبطة بتأهيل كوادر عاملين فى الدولة فى موضوعات مختلفة مثل مكافحة الفساد والأمن القومي، وهي موضوعات مهمة جدا وتمثل شراكة متميزة بين الكلية ومؤسسات الدولة المصرية.

وفيما يتعلق بملف البحث العلمي، ركزنا على الاهتمام بمجلة الكلية وتمكنا في عام 2018 من الحصول على رعاية من ناشر دولي وهو "إيمرالد"، وتولى مسئولية مجلة الكلية، التى تتطور من  عام لآخر، كما حصلت الكلية على موافقة مؤسسة "كلارفيت" الدولية للتصنيف لإدراجها ضمن قائمة المجلات المدرجة فى هذه القائمة المحترمة والمعروفة "كلارفيت انلاتيكس"، ما يعني أن مجلة الكلية أصبح لها معامل تأثير دولي وتصبح ضمن المجلات الدولية المعترف بها، التى يمنحها المجلس الأعلى للجامعات أعلى التقييمات.

وبالإضافة إلى ذلك، كان هناك أيضا اهتمام دائم لتحفيز الباحثين في الكلية على كتابة البحوث ونشرها، ما أدى لزيادة عدد الأبحاث من أساتذة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بشكل ملحوظ خلال السنوات القليلة الماضية.

وفيما يتعلق بالمجال المؤسسي، كان هناك اهتمام بشكل كبير بالبنية التكنولوجية داخل الكلية وخاصة مع تداعيات جائحة كورونا وظهور الحاجة للانتقال بالتعليم إلى التعليم الإلكتروني والتعليم عن بُعد، ما دفعنا لضرورة تسريع التطوير فى هذا الأمر وفقا للخطة الاستراتيجية التى وضعتها خلال فترة تواجدي كعميد للكلية، والحمد لله نجحنا فى الاستمرار والحفاظ على وتيرة العملية التعليمية دون تأثر رغم ظروف جائحة كورونا .

كما توازى مع تطوير البنية التكنولوجية، تطوير البنية التحتية بالكلية وبنفس القدر تطوير فى العملية الإدارية، ما أدى فى النهاية لحصول الكلية على عدد من جوائز الجودة على سبيل المثال شهادة الآيزو الدولية فى جودة خدمة التعليم والبحث العلمي وهى شهادة دولية بأن الكلية أدائها يرتقي إلى جودة الأداء المتميز للجامعات العالمية، كما حصلت الكلية على المركز الثاني فى مسابقة أفضل مؤسسة حكومية متميزة بمنافسة 454 كلية من داخل مصر وحصلنا على المركز الثاني فى العام الماضي، وهى شهادة حكومية بمدى تميز الكلية.

وعلى مستوى خدمة المجتمع، حرصنا على إقامة ندوات لتثقيف الطلاب بشكل مستمر، وإعدادهم لسوق العمل وتكوين شخصية قادرة على التفاعل مع مجتمعها بشكل متميز.

كما تواصلنا مع جميع المؤسسات الحكومية والدولية للتعاون معها فى البحثي من خلال المراكز البحثية بالكلية. 

هذا بشكل عام ملخص للسنوات الخمس الماضية، وأود القول إن عمداء كلية الاقتصاد والعلوم السياسية على مدى تاريخها حرصوا على بذل أقصى ما يمكن لوضع الكلية فى مكانة متميزة وعندما توليت المهمة أكملت العمل من حيث انتهى العمداء السابقون، وحاولت تقديم الإضافة على عملهم وإكمال ما بدأوه.

طوال مسيرتك العلمية والمهنية حصلت على جوائز وتكريمات عديدة.. أيها أقرب إليك؟

من أهم الإنجازات التى أفتخر بها إدراجي فى قائمة ستامفورد لأفضل 2% من علماء العالم، وهى قائمة ليس من السهل الدخول بها لأنها تضم العلماء والباحثين الذين قدموا إسهامات بحثية تحظى باستشهادات فى الأعمال البحثية بشكل كثيف، ما يعني أن العمل البحثي للمتواجدين فى هذه القائمة عمل مهم وذو قيمة كبيرة.

كذلك أعتز بشكل كبير بتكريم الشخصيات التى ساهمت فى نشر استراتيجية مكافحة الفساد فى مصر من ضمن قائمة تضم 8 أسماء فى عام 2020 في احتفالية هيئة الرقابة الإدارية فى اليوم العالمي لمكافحة الفساد .

حظيت بتجربة العمل الأكاديمي والإداري.. أيهما أصعب ولماذا؟

في الحقيقة العمل الأكاديمي هو الأساس لأستاذ الجامعة وهو الأمر الذي يدعو للفخر دوما، أما العمل الإداري فهو رسالة أيضا لا تقل أهميتها عن رسالة العمل الأكاديمي.

وبصراحة شديدة، الجمع بين العمل الأكاديمي والإداري أمر غاية فى الصعوبة ويرجع ذلك لصعوبة الاستمرار فى المسار الأكاديمي بجوار العمل الإداري  وهو الأمر الذى يحتاج لذهن صافي وقدرة على التحمل والصبر، ففي العمل الإداري تواجه مشكلات طوال الوقت وتحتاج للتعامل معها وحلها بشكل سريع ومناسب، ما يقلص مساحة التفكير والوقت المخصص لإجراء البحوث أو التعليم أقل مما ينبغي.

وعملي الإداري أثر على مساري الأكاديمي بقدر ما ولكنه لم ينقطع بفضل الله، وهناك توافق بين العمل الإداري والمسار الأكاديمي بشكل ما. 

هل يتراجع مصطلح "كليات القمة" فى ظل تراجع معدلات التنسيق؟

مبدئيا لا يوجد تراجع، فمستوى الدرجات فى الثانوية العامة هو الذى يحدد نسبة الحد الأدنى الذى يدخل الكليات، فمنذ ثلاث أو أربع سنوات كان المستوى العام يشير إلى عدد كبير من الطلاب حصل على 90% فأكثر وبالتالي الحد الأدني لدخول الكلية كان 96 و97% ، ومع تغيير منظومة التعليم والامتحانات وتدني مستوى الدرجات كان من الطبيعي أن يتراجع الحد الأدنى للقبول بالكلية إلى 85 و86% لكن الوضع النسبي كما هو ولم يتغير. 

هل كليات القمة مستمرة فى مكانتها أم يحدث تزاحم من كليات وليدة جديدة؟

هذه سنة الحياة، فلا يوجد شئ يستمر للأبد أو إلى ما لا نهاية.. فالتخصصات المطلوبة فى سوق العمل تعتمد على فكرة التحول الرقمي والرقمنة والتكنولوجيا الحديثة والتعامل عن بعد، والكليات التى تحظي بتلك التخصصات تتطلب أعلى مستوى من الدرجات فى الثانوية العامة مستقبلا، وكليات القمة لكي تحافظ على مكانتها لا بد أن تتطور وتطور مقرراتها فى هذا الاتجاه بحيث يكون خريجيها على مستوى متطلبات سوق العمل بالشكل المطلوب.

نتحول للشأن العام.. الاقتصاد المصري فى ٨ سنوات من حكم الرئيس السيسى حقق أعلى معدل نمو منذ 14 عاما على الرغم من تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، كما استمر تحقيق مستويات منخفضة لمعدل البطالة والوصول لأقل معدل خلال أكثر من 30 عاما ليسجل 7.4% عام 2021.. كيف تقيم الثمان سنوات الماضية اقتصاديا؟

فترة الـ8 سنوات الماضية منذ بدء حكم الرئيس السيسي وحتى الآن يؤرخ لها  فى التاريخ المصري باعتبارها من أصعب الفترات لأنها تلت ثورتين وهما 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013  وكان لهما تأثيرات قاسية على الاقتصاد المصري، وصاحب ذلك ظروف أشد قسوة على الأمن المصري بسبب التهديدات الإرهابية التى عشناها فى الفترة الماضية.

الرئيس السيسي تولى الحكم والاقتصاد يعاني بشكل كبير، وكان على الدولة أن تعمل بقوة لمساندة الاقتصاد لأن القطاع الخاص لم يكن قادرا على القيام بتلك المهمة بشكل فردي، فرأس المال كما نعرف "جبان"، فإذا لم تتوافر له ظروف عمل ملائمة من وجهة نظره يرحل، وبالتالي فالمستثمر المحلي أو الأجنبي لم يكن قادرا على حماية الاقتصاد المصري من الانهيار والدولة المصرية هي التي تولت حماية الاقتصاد المصري فى أصعب الفترات.

كما أن الرئيس السيسي فى بداية فترة حكمه أخذ على عاتقه ولا يزال تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي وهو الملف المؤجل تاريخيا منذ سنوات طويلة من جميع الرؤوساء الذين تولوا حكم مصر لعدة أسباب؛ أهمها الخوف من ردود الأفعال الغاضبة، ورغبة فى عدم الصدام مع الشعب، ما د فع الرؤوساء السابقين للتعامل مع مشكلات وأزمات الاقتصاد المصري بالمسكنات دون حلول جذرية، ومع استمرار المسكنات تراكمت المشكلات الاقتصادية وتضخمت بشكل كبير، وبالتالي العبء على الموازنة وعجز الميزان التجاري يزيد، ما أدى لمشكلات اقتصادية كبيرة جدا.

كذلك كان من أكبر المشكلات التى واجهت الاقتصاد المصري هو حجم الدعم الموجه للسلع، الدعم بشكل عام مطلوب ولكن منظومة الدعم كانت مشوهة بالكامل، فالإصلاح الاقتصادي الذى بدأ فى 2016 انطوى جزء منه على إصلاح منظومة الدعم وتحقيق عدالة فى توزيع الدعم وتحديد مستحقيه بشكل عادل، وإصلاح منطومة الدعم وفقا لبرنامج الإصلاح الاقتصادي أدى إلى تحسين وضع الموازنة وقلل عجز الموازنة بشكل واضح، وبدأنا نحقق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة وصلت لـ5.6 % فى عام 2019 وكنا فى طريقنا لتحقيق معدلات نمو أعلى لولا ظروف جائحة كورونا وما تبعها من أحداث وتبعات عطلت مسار النمو الاقتصادي، فكان من الممكن أن نصل لمعدلات نمو  8% هذا العام، ودون برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تم تطبيقه في عام 2016 لوصلنا لنتائج لا يعلم مداها إلا الله على الاقتصاد المصري، فالاقتصاد المصري كان من الممكن أن يصل لمرحلة الإفلاس.

الأداء الاقتصادي المصري خلال عامي 2020 و2021 كان متميزا جدا مقارنة بالأداء الاقتصادي حول العالم، فمصر من الدول القليلة التي حققت معدلات نمو اقتصادي بالموجب في حين حققت معظم دول العالم معدلات نمو اقتصادي بالسالب، وبدأنا فى استنشاق هواء الانتعاش الاقتصادي فى نهاية عام 2021، ففوجئنا بالأزمة الروسية الأوكرانية التي ضاعفت من أزمة الركود الاقتصادي التي خلقتها جائحة كورونا وأضافت عليها تضخم، فأصبح لدينا ركود تضخمي وهو أمر غاية في الصعوبة على الاقتصاد.

وبشكل عام، رغم جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، حافظ الاقتصاد المصري على معدلات نمو مستقرة.

البعض يشكك في معدلات النمو الاقتصادي المعلنة من الحكومة.. بماذا ترد على ذلك؟

الأرقام والمعلومات ومعدلات النمو القتصادي المعلنة من جانب الحكومة تخضع لمراقبة من المؤسسات والهيئات الدولية بشكل صارم، فلو هناك أرقام ومؤشرات غير صحيحة، فالمؤسسات الدولية ستعلن ذلك، فى حين أن المؤسسات الدولية كل ما تعلنه أن مؤشرات ومعدلات النمو للاقتصاد المصري هى مؤشرات أداء معقول ومقبول وليس متميز، ويشير أيضا إلى أن الدولة المصرية قادرة على الوفاء بالتزاماتها رغم التحديات، فالأرقام المعلنة من الحكومة حتما ولا بد أن تكون صادقة، فهناك مجتمع دولي يراقب ويتابع ويشير لأي تجاوزات أو أرقام مغلوطة دون تهاون.

ما السياسات والإجراءات المطلوبة لتفادي تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية مستقبلا؟

لا يخفى على أحد كيف أثرت الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد العالمي والمصري، ولكن بداية يجب تحديد الدول التي تأثرت بالأزمة الروسية الأوكرانية، وبالنظر إلى هذا العامل، نجد أن الدول التي تأثرت بشكل واضح هي الدول التى يعتمد اقتصادها على الاستيراد من الخارج مثل الدولة المصرية، فبمجرد حدوث مشكلة أو أزمة بالخارج يحدث بالتبعية ارتفاع في الأسعار وركود اقتصادي وتضخم وبالتالي فأنت أول المتأثرين بما يحدث لأن احتياجاتك تأتي من الخارج والسبب فى هذا الأمر أن اقتصاد مصر منذ خمسون أو ستون عاما وهو اقتصاد ريعي يعتمد على ريع الأرض وواردات السياحة أو إيرادات قناة السويس أو سوق العقارات أو عوائد الغاز وجميعها تندرج تحت مسمي الاقتصاد الريعي وليس الإنتاجي التى تعتمد على الإنتاج سواء الزراعي أو الصناعي لم تتأثر بالأزمة الروسية الأوكرانية كثيرا.

يبقى الحل لتفادي آثار مثل تلك الأزمات هو إعادة هيكلة الاقتصاد المصري، فبدلا من أن يكون اقتصاد ريعي، يصبح اقتصاد صناعي زراعي، بمعني أن الاستثمارات يجب أن توجه إلى التصنيع الذى يؤدي إلى التشغيل وتقليل معدلات البطالة ويؤدي فى النهاية إلى التصدير، الذي ينعكس على انخفاض العجز فى الميزان التجاري من خلال توفير العملة الصعبة وبالتالي فالطلب على الأخيرة يقل بشكل كبير.

لا حل للتفادي من تلك الأزمات مستقبلا إلا بالانتقال من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد إنتاجي يعتمد على التصنيع وزيادة الرقعة الزراعية لتوفير الاحتياجات الأساسية بدلا من استيرادها، وهو الأمر الذي يقلل الطلب على العملة الصعبة.. هذا هو الحل الجوهري وهذه هي السياسات التي يجب أن تتبعها الحكومة المصرية.

تراجع قيمة الجنيه المصري أمام الدولار.. هل يتواصل في الفترة المقبلة وكذلك أزمة الديون هل تستمر للأبد؟

أزمة الديون ستستمر للأبد طالما نحن مستمرون فى الاقتصاد الريعي وهو اقتصاد هش ويعتمد بشكل كبير على الاستيراد من الخارج، وطالما استمرينا فى الاقتصاد الريعي يتواصل تراجع قيمة الجنيه المصري أمام الدولار وتستمر بالتبعية الديون وتراكمها، فأزمة الدولار هى أزمة عرض وطلب بالأساس، ودعم الجنيه ليس حل بالتأكيد لأنه يخلق سوق موازية وهى التى بدورها تخلق سعرا موازيا للدولار، فهناك سعر رسمي وآخر غير رسمي وهو الأمر الذي يمثل كارثة بحد ذاتها، فأي سلعة لها سعرين هو انهيار للاقتصاد.

وللأسف الشديد طالما أن لدينا احتياجات كثيرة نستوردها من الخارج بشكل مستمر مثل مستلزمات الإنتاج أو غذاء أو محروقات أو مستلزمات ومعدات طبية وصحية، تستمر أزمة الدولار والجنيه دون نهاية.

الحكومة أعلنت فى وقت سابق عن وثيقة سياسة ملكية الدولة والتى تهدف لتخارج الدولة من قطاعات وأنشطة اقتصادية  بشكل كلي وجزئي.. هل يحقق تطبيق الوثيقة انتعاشا للاقتصاد المصري؟

الاقتصاد المصري كما ذكرت مسبقا عانى من تبعات عديدة تلت ثورتين، والقطاع الخاص لم يكن قادرا على تحمل الأمر بمفرده، وبالتالي كان على الدولة أن تتدخل لحماية الاقتصاد من الانهيار وهو ما حدث، فالدولة تواجدت بقوة فى معظم قطاعات الاقتصاد لحمايته من الانهيار وهو الأمر الذي مثل واجبا والتزاما عليها لكن الدولة لن تستمر فى هذا الأمر ولا بد من دخول القطاع الخاص.

البعض تحدث عن تواجد الدولة فى قطاعات كثيرة واعتبرها معوق للاستثمار فى مصر سواء المحلي أو الأجنبي ومن هناك جاءت فكرة وثيقة سياسة ملكية الدولة المصرية كرسالة طمأنة من الحكومة المصرية إلي القطاع الخاص  مفادها أن الدولة لا تريد مزاحمة القطاع الخاص فى القطاعات الاقتصادية المختلفة بل على العكس فالدولة تدخلت لحماية الاقتصاد المصري من الانهيار فى أصعب الفترات.

هدفت الحكومة من وراء وثيقة سياسة ملكية الدولة المصرية إلى تمكين القطاع الخاص في القطاعات المحتلفة من الاقتصاد المصرية باعتبار الوثيقة رسالة طمأنة مفادها أن الدولة لا تبغي منافسة القطاع الخاص بل تسهيل عمله وإنارة الطريق أمامه لمزيد من العمل وضخ الاستثمارات، وأن حرص الحكومة الأساسي ينطوي على تمكين القطاع الخاص ورسم الحدود بين أماكن تواجد الدولة فى الاقتصاد وأماكن تواجد القطاع الخاص، فكلما تمت إزالة معوقات الاستثمار يعني ذلك  تشجيع الاستثمار.

الحوار الوطني ولجانه يضم أكثر من شخصية من أبناء الكلية.. كيف تقيم التجربة؟

بكل تأكيد تواجد أبناء كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بقوة وكثرة في الحوار الوطني ولجانه شيء يدعو للفخر وشهادة نجاح لكلية الاقتصاد وأبنائها، وهو أمر يسعدني بشكل شخصي جدا، العام الماضي كان هناك 7 شخصيات من الحاصلين على جوائز الدولة من أبناء الكلية، وهو أكبر عدد من كلية واحدة، وهذا العام الكلية ممثلة بعدد كبير من أبنائها فى لجان الحوار الوطني، وهذه شهادة تميز وثقة من الدولة في كفاءة أبناء الكلية. 

هل  يخرج الحوار بمخرجات ونتائج مرضية  للمواطن المصري؟

الحوار الوطني كان أمرا مهما بعد كل الظروف التي حدثت في ظل سعي الدولة المصرية الواضح مؤخرا للتعرف على الآراء والأفكار المحتلفة للاستفادة منها فى تطوير أجندة أفكار وطنية  لحل كل المشكلات الوطنية الملحة وليس إصلاح سياسي فحسب، فالدولة حريصة على كل الملفات سواء سياسة أو اقتصاد أو صحة أو تعليم، وبالمناسبة لو تم التركيز في الحوار الوطني وجلسات لجانه، وكان هناك حلول واقعية لملفات الاقتصاد والصحة والتعليم، فأن الملف السياسي يُحل بشكل تلقائي؛ فحل المشكلات السياسية يبدأ بحل مشكلات الاقتصاد والصحة والتعليم، وإصلاحها كفيل بالإصلاح السياسي.

بشكل شخصي أتمنى أن يخرج الحوار الوطني بأجندة وطنية لحل كل المشكلات الملحة، وبنفس القدر أتمنى أن تكون وتيرة عمل لجان الحوار الوطني أسرع مما هو متبع لأن البطء الشديد في عمل اللجان يفقد المتابعين والمواطنين الثقة في عملها.

كما أتمنى ألا يخرج الحوار الوطني بتوصيات قد تؤدي لتمكين بعض الجماعات من الوصول لسدة الحكم مرة أخرى أو المشاركة في الحكم مرة أخرى لأنهم كانوا أحد أسباب الفشل والانهيار السابق، فلا بد أن تكون هناك اعتبارات للأمن القومي فى طريقك نحو الإصلاح وبنفس القدر التهديدات الدولية، فالتوصيات يجب أن تضع مثل تلك الأمور نصب أعينها؛ فأي توصيات تؤدي إلى المساس بالأمن القومي المصري غير مقبولة على الإطلاق.

وبشكل عام، أتمنى أن يبلور الحوار الوطني أجندة وطنية صالحة لحل القضايا الملحة خاصة قضايا الصحة والاقتصاد والتعليم.