بعد عودة انتشار الكوليرا في سوريا.. 8 أوبئة هددت البشرية على مر العصور
تعد "الكوليرا الوبائية" من الأمراض المعوية المُعدية التي تُسببها سلالات جرثوم ضمة الكوليرا المنتجة للذيفان المعوي، وتنتقل الجرثومة إلى البشر عن طريق تناول طعام أو شرب مياه ملوثة ببكتيريا ضمة الكوليرا من مرضى كوليرا آخرين.
وكان يُفترض لفترة طويلة أن الإنسان هو المستودع الرئيسي للكوليرا، ولكن ظهرت أدلة كثيرة على أن البيئات المائية يمكن أن تعمل كمستودعات للبكتيريا.
كما أن الكوليرا هي واحدة من أسرع الأمراض القاتلة المعروفة، وقد ينخفض ضغط الدم في الشخص السليم إلى مستويات انخفاض الضغط في غضون ساعة من بداية ظهور أعراض المرض؛ وقد يموت المرضى المصابين في غضون ثلاث ساعات إذا لم يتم تقديم العلاج الطبي.
الكوليرا في سوريا
حذر ممثل الأمم المتحدة في سوريا عمران رضا، من أن تفشي وباء الكوليرا في عدة مناطق بسوريا يمثل تهديدا خطيرا في سوريا والمنطقة، مشيرا إلى اعتقاده أن تفشي المرض مرتبط بري المحاصيل باستخدام مياه ملوثة وشرب مياه غير آمنة من نهر الفرات الذي يقسم سوريا من الشمال إلى الشرق، حيث بلع عدد حالات الكوليرا المؤكدة 26 حالة .
وقال ريتشارد برينان، مدير الطوارئ الإقليمي لشرق المتوسط في منظمة الصحة العالمية، هذا أول تفش مؤكد للكوليرا في السنوات الأخيرة (... الانتشار الجغرافي يثير القلق، لذا علينا التحرك سريعا.
ويأخذنا ذكر وباء الكوليرا إلى دفتر الأوبئة التى اجتاحت دول العالم على مر العصور، وتسببت في سقوط أعداد كبيرة من الإصابات والوفيات ..
الطاعون الدبلي (الموت الأسود)
الطاعون الدبلي هو مرض حيواني المنشأ ينتشر أساسًا بين القوارض الصغيرة والبراغيث التي تحملها، ويؤدي الطاعون الدبلي دون علاج إلى موت ثلثي المصابين خلال أربعة أيام من الإصابة به.
يعتقد أن الطاعون الدبلي من أسباب الموت الأسود الذي اجتاح أوروبا في القرن الرابع عشر وسبب وفاة 50 مليون شخص تقريباً، أو 25%-60% من سكان أوروبا.
وفي منطقة البحر المتوسط، بدى أن الطاعون الدبلي كان يظهر في فصول الصيف، أما في شمال القارة الأوروبية، فكان الطاعون أغلب الظهور في فصل الخريف؛ ولأن الوباء تسبب في وفاة الكثير من الطبقة العاملة، ارتفعت قيمة الأجور بسبب الازدياد على طلب الأيدي العاملة، رأى بعض المؤرخين أن ذلك كان بمثابة نقطة التحول في تطور الاقتصاد الأوروبي.
الجُـدَرِيّ
الجُـدَرِيّ هو مرض معدي ذو أصل فيروسي وشديد العدوى وبائيًا، وتشمل الأعراض الأولية للمرض الحمى والقيء، ويتبعها تكوين تقرحات على مستوى الفم وطفح جلدي.
وعلى مدى عددٍ من الأيام يتحول الطفح الجلدي إلى بثور مملوءة بالسوائل مع انبعاج في المركز، ثُم ترتطم البثور وتنتشر على مستوى الجسم، وتُكوّن قشرةً على البثور ما تلبث أن تسقط مخلفةً ندبة في مكانها، وينتشر هذا المرض بسبب العدوى بين الناس أو عن طريق الأشياء الملوثة.
كما أن أصل الجدري غير معروف، فيرجع أقدم دليل على المرض إلى القرن الثالث قبل الميلاد في المومياوات المصرية، حينما ظهر المرض في القرن الثامن عشر مُتفشيًا في أوروبا ، يُقدر عدد الأشخاص الذين ماتوا بسبب المرض بـ400,000 شخص سنويًا، وثُلث الحالات أدت إصابتها إلى العمى، وشملت هذه الوفيات ستة ملوك.
ويذكر أن الجدري قد قتل ما يصل إلى 300 مليون شخص في القرن العشرين وحوالي 500 مليون شخص في السنوات المئة الأخيرة من وجوده. وفي عام 1967، حدثت 15 مليون حالة في السنة.
كما أن الجدري هو أول مرض ينتصر عليه البشر، حيث تمَّ الإبلاغ عن الحالة الأخيرة للجدري في عام 1977، في عام 1980 أعلنت منظمة الصحة العالمية أنه تم القضاء على المرض تماماً،
وبدأ تلقيح الجدري في الصين حوالي القرن التاسع عشر، وتبنت أوروبا هذه الممارسة من آسيا في النصف الأول من القرن الثامن عشر.
وفي عام 1796 قدم إدوارد جينر لقاح الجدري الحديث، وفي عام 1967، كثفت منظمة الصحة العالمية جهودها للقضاء على المرض.
الإنفلونزا الإسبانية (الوافدة الإسبانيولية)
الإنفلونزا الأسبانية هي جائحة إنفلونزا قاتلة انتشرت في أعقاب الحرب العالمية الأولى في أوروبا والعالم وخلفت ملايين القتلى، وتسبب بهذه الجائحة نوع خبيث ومدمر من فيروس الإنفلونزا (أ) من نوع فيروس الإنفلونزا أ H1N1. وتميز الفيروس بسرعة العدوى حيث تقدر الإحصائيات الحديثة أن حوالي 500 مليون شخص أصيبوا بالعدوى وأظهروا علامات إكلينيكية واضحة، وما بين 50 إلى 100 مليون شخصا توفوا جراء الإصابة بالمرض أي ما يعادل ضعف المتوفيين في الحرب العالمية الأولى.
وعلى الرغم من تسمية الوباء بالإنفلونزا الأسبانية إلا أنه لم يصدر من أسبانيا، ويرجع سبب التسمية إلى انشغال وسائل الإعلام الأسبانية بموضوع الوباء نتيجة لتحررها النسبي مقارنة بالدول المشاركة في الحرب العالمية الأولى، فأسبانيا لم تكن جزءً من الحرب ولم يتم تطبيق المراقبة على الإعلام الإسباني.
والغالبية العظمى من ضحايا هذا الوباء كانوا من البالغين واليافعين الأصحاء بعكس ما يحصل عادة من أن يستهدف الوباء كبار السن والأطفال والأشخاص المرضى أو ضعيفي المناعة.
كما أن تلك الأمراض المعدية تسببت في الحد من متوسط العمر المتوقع في أوائل القرن العشرين، ولكن متوسط العمر المتوقع في الولايات المتحدة انخفض بنحو 12 عامًا في السنة الأولى للوباء، وقتل معظم حالات تفشي الإنفلونزا بشكل غير متناسب الصغار جدًا والكبار جدًا، مع ارتفاع معدل النجاة لما بين العمرين، لكن وباء الإنفلونزا الإسبانية أدى إلى معدل وفيات أعلى من المتوقع عند الشباب البالغين.
وقدم العلماء عدة تفسيرات محتملة لارتفاع معدل الوفيات بسبب وباء إنفلونزا عام 1918 أظهرت بعض التحليلات أن الفيروس قاتل بشكل خاص لأنه يسبب عاصفة السيتوكين، والتي تخرب نظام المناعة الأقوى لدى الشباب.
وفي المقابل، وجد تحليل عام 2007 للمجلات الطبية من فترة الوباء أن العدوى الفيروسية لم تكن أكثر قوةً من سلالات الإنفلونزا السابقة.
بدلاً من ذلك، فإن سوء التغذية والمخيمات الطبية المكتظة والمستشفيات وسوء النظافة الصحية يعززان من العدوى البكتيرية الإضافية، قتلت هذه العدوى الإضافية معظم الضحايا، عادةً بعد استلقائهم على فراش الموت لفترة معينة.
الطاعون الجستنيان
يعتبر طاعون جستنيان أو وباء جستنيان، وباء أصاب الإمبراطورية البيزنطية، وكذلك الإمبراطورية الساسانية والمدن الساحلية حول البحر الأبيض المتوسط بأكمله، حيث كانت السفن التجارية تؤوي الفئران التي تحمل البراغيث المصابة بالطاعون.
ويعتقد بعض المؤرخين أن طاعون جستنيان كان أحد أكثر الأوبئة فتكًا في التاريخ، وأنه أدى إلى وفاة ما يقدر بنحو 25-50 مليون شخص خلال قرنين، وهو ما يعادل 13-26% من سكان العالم في وقت تفشي المرض لأول مرة.
وتمت مقارنة التأثير الاجتماعي والثقافي للطاعون بتأثير الموت الأسود الذي دمر أوراسيا في القرن الرابع عشر، لكن بحثًا نشر في عام 2019 جادل بأن عدد وفيات الطاعون والآثار الاجتماعية مبالغ فيها.
وفي عام 2013، أكد الباحثون تكهنات سابقة بأن سبب طاعون جستنيان كان اليرسينيا الطاعونية، وهي نفس البكتيريا المسؤولة عن الموت الأسود، وتم العثور على سلالات يرسينيا طاعونية قديمة وحديثة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بسلف سلالة طاعون جستنيان في جبال تيان شان، وهي سلاسل جبلية على حدود قيرغيزستان وكازاخستان والصين، مما يشير إلى أن طاعون جستنيان قد نشأ في تلك المنطقة أو بالقرب منها.
الحمى النمشية
الحمى النمشية هي داء معدِ حاد تسببه واحد من عدة أمراض متشابهة يكون المسبب الرئيس لها بكتيريا الكساح، ويعود اسم المرض لمعنى مدخن أو ضبابي باليونانية؛ نسبة للحالة العقلية لدى المصابين بالمرض، وتعتبر جرثومة الكساح المسببة للمرض، وهي من الكائنات الطفيلية المجبرة على العيش داخل الخلايا وغير القادرة على البقاء لفترة طويلة خارج الجسم الحي.
وتنتشر الحمى في المواطن التي يزدحم فيها الناس وتسود أحوال غير صحية، وتنقله من شخص إلى آخر عن طريق قمل الجسم، وتتراوح فترة حضانته ما بين أسبوع وأسبوعين تظهر بعدها أعراضه وهي الصداع الشديد والقشعريرة والحمى والطفح الجلدي، وتستمر هذه الأعراض عادة نحوا من ثلاثة أسابيع يبرأ بعدها المصاب أو يقضي نحبه.
الحمى الصفراء
الحمّى الصفراء هي مرض فيروسي ينتقل عبر أنواع معينة من البعوض، يقوم فيروس الحمى الصفراء خصوصا بتدمير أنسجة الكبد والكليتين من أعراضه انخفاض كمية البول وتوقف الكبد عن تأدية وظائفه كما ينبغي، وتتجمع أصباغ الصفراء في الجلد مما يغير لون الجلد فيميل إلى الاصفرار ومن هنا جاء اسم المرض، كما أنها تصنف مع الأمراض المدارية المهملة.
وتحدث الحُمى الصفراء نتيجة حمل البعوضة المصرية في معظم الحالات فيروس الحُمى الصفراء من شخص لآخر وعندما تلدغ البعوض شخصا أو حيوانا مصابا يدخل الفيروس إلى الجسم حيث ينمو بسرعة وتستطيع لدغة البعوضة بعد مرور فترة تتراوح بين تسعة واثني عشر يوما إحداث الحُمى الصفراء كما تستطيع البعوضة التي أصبحت حاملة للعدوى بالفيروس أو الميكروب نقل المرض فيما تبقى من حياتها.
الحصبة
الحصبة هي مرض فيروسي حاد ومعدي يصيب الأطفال، ويسبب لهم بعض المضاعفات التي تكون خطيرة في بعض الأحيان، ويعتبر مرض الحصبة من أكثر الأمراض انتشارا في سن الطفولة بصفه خاصة، ولكنه قد يصيب الكبار أيضاً.
ومن أعراضه ارتفاع في درجة الحرارة مصحوب برشح وسعال ورمد، يتبعه ذلك طفح على جميع أجزاء الجسم، وأول من عرف هذا المرض وميزه عن مرض الجدري الطبيب والفيلسوف أبو بكر الرازي وذلك في بغداد سنة 900 ميلادية.
الملاريا
الملاريا هو مرض طفيلي معدي بسبب كائن طفيلي يسمى متصورة، ينتقل عن طريق البعوض، ويتسلل هذا الطفيلي داخل كريات الدم الحمراء في جسم الإنسان فيدمرها، ويترافق ذلك مع مجموعة من الأعراض أهمها الحمى، فقر الدم وتضخم الطحال.
ينتشر هذا المرض في كثير من البلدان وينتقل إلى الأطفال عبر أكثر من طريقة أهمها البعوض الذي يكثر بعد هطول الأمطار وخاصة في المناطق التي لا يوجد فيها تصريف صحي لمياه الأمطار والمجاري.
حيث أن هذا المرض من الأمراض الفتاكة فقد أوصت منظمة الصحة العالمية المسافرين إلى المناطق الموبوءة باستعمال الدواء المناسب مباشرة بمجرد الإحساس بارتفاع درجة الحرارة إلى 38 درجة مئوية أو عند ظهور أي أعراض للملاريا دون انتظار التشخيص