رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


الحياة تبدأ بعد الستين ومعجزات المعمرين

2-8-2017 | 15:33


بقلم : إيمان حمزة

نضحك من مخاوفنا أن نكبر عندما نسمع أو نرى هذه المعمرة اليابانية التي حققت الأرقام القياسية في السباحة عالميا، وقد تعدت المائة من العمر وآخر يتسلق قمم جبال العالم وقد تعدى الثمانين، ويعلنان في سعادة لحظة التكريم بالجائزة أن الحياة تبدأ ولا تنتهي ما دامت قلوبنا تنبض.

الحياة تبدأ بعد الستين حقيقة يؤكدها علماء وخبراء الطب النفسي والاجتماع فأكثر الناس سعادة ليسوا فقط الشباب والأطفال ولكن نجدهم أيضا في من تعدوا الستين ويؤكدون أنهم يستمتعون بهذه المرحلة بعد أن كان القلق واليأس والإحباط يسيطر عليهم ويدمر تفكيرهم وكأنها نهاية الحياة، فوجدوا أنفسهم وقد تحرروا أخيرا من أعباء روتين العمل ومسئولياته وهموم ومسئوليات الأبناء والانتهاء من الدراسة والاطمئنان على حياتهم الجديدة، فقد أثبتت دراسات علم النفس الحديثة أن الأكبر سنا قادرين على التأقلم والتصالح مع أنفسهم والتكيف مع بيئاتهم الجديدة.

ولكن قد يختلف من إنسان لآخر وبين النساء والرجال مدى تقبل الذات وهذه المرحلة، فلكل عمر جماله فالبعض يسعد بالهدوء بعد طول صخب لتبدأ الحياة بدون ضغوط المسئوليات المتزاحمة ليصبح الإنسان أكثر حرية في استغلال أوقات حياته من ممارسة الهوايات المحببة إليه ولقاء الأصدقاء والأهل والاستمتاع بالأحفاد منذ ميلادهم ومتابعة نموهم وحركاتهم وهي من أمتع الأوقات للجدات والأجداد.. صحيح أننا لا ننكر أن مع تقدم السن تبدأ ظهور بعض المتاعب الصحية وعلامات العمر على الوجه والجسم ولكن يمكن التغلب عليها بالفحوصات الطبية الدورية وممارسة الرياضة وأبسطها المشى والحركة والبعد عن الكسل والاستسلام للإحباط واليأس وخاصة مع التقاعد والوصول للمعاش الذى لا يتقبله الكثير من الرجال ويمكن بسهولة التغلب على هذه الأفكار السلبية.

فيمكن لكل منا عمل مشروعه الخاص به الذي كان يحلم به في شبابه ويعاونه أصدقاء العمر أو الأبناء أو مزاولة الأعمال التي يحبها في نفس مجال عمله السابق.

وأيضا متعة القراءة والكتابة العلمية والأدبية التي يودع بها خلاصة فكره وخبراته وتجاربه الحياتية في إبداعات أدبية وقصصية والكتابات الإنسانية الاجتماعية أو الاستمتاع بالعمل في مجال المواهب والقدرات من الرسم على اللوحات والديكور والعمارة أو تصميم الأزياء أو الزهور وفن تنسيقها وزراعة النباتات الظلية والزينة وغيرها من المجالات المختلفة التي تسعد أوقات الفراغ وتصبح مجالا لإثبات الذات والتواصل مع المجتمع للتغلب على الشعور بالوحدة وتوفير أيضا مصدر رزق آخر مع المعاش الذي قد لا يتماشى مع غلاء الحياة.

فالأهم هو عدم الاستسلام للشيخوخة ودوامة متاعبها بل الاحتفاظ بقلوبنا الشابة، فنظرة حالية لمن حولنا نجد الكثير من الرجال والنساء يشعون طاقة وحيوية ونشاطا وقد تعدوا السبعين بل ويعملون على إسعاد كل من حولهم بطاقاتهم الإيجابية ويندهش شباب آخرون ويحسدونهم على ذلك.

وقد يكونون الحافز الأكبر لتغيير حياتهم للأفضل، فالشاب المصري "عمر السمرة " الذي رفع علم مصر فوق أعلى قمم جبال العالم كان يؤكد دائما أنه استطاع أن يتحدى نفسه من أجل بلاده حيث قال "كنت أعيش في لندن وأنا صغير مع والدي وكان حلمي أن أحقق لمصر شيئا بين العالم بنفسي ولم يكن الطريق سهلا بل كان مليئا بالتحديات والصعوبات خاصة أنني كنت مصابا في طفولتي بالربو، ومع الإصرار والتصميم والتدريب تغلبت على مخاوفي وفي ظروف بالغة الصعوبة بالنسبة لي حيث معدل الأكسجين أقل من نسبة الثلث عن احتياج الإنسان الطبيعي مع برودة تحت الصفر بكثير تتجمد معها الأطراف أو حرارة في الصيف تتعدي الخمسين وكان هذا المتسلق السويسري الذي تعدي عمره الثمانين وكله إصرار ونشاط لأسخر من متاعبي وأنا صغير لأثابر وأحقق حلمي وتهون متاعبي لرفع علم مصر فوق قمم جبال العالم"..أما هذه المعمرة اليابانية التي تعدت المائة عام وحققت لبلادها هذه الأرقام القياسية في السباحة لأكثر من ألف متر في دقائق قليلة لتفوز بالمركز الأول عدة مرات على مستوى العالم وتسجل بموسوعة جينيس في سابقة لم تحدث من قبل والعجيب أنها انضمت لهذه المسابقات بعد أن تعدت التسعين من عمرها، عندما نصحها الطبيب بالسباحة يوميا للتغلب على آلام ساقيها ولعلاج ضعف عضلاتها بعد عدم قدرتها علي المشي وفي سعادة تردد وهي تتسلم جائزتها: لم أستطع المشي على الأرض فانطلقت من متاعب الشيخوخة للسباحة والعالمية، والأهم أن ننتصر ونهزم كل مخاوفنا.