دعا الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو جوتيريش" إلى تحالف عالمي للتغلب على الانقسامات الجيوسياسية، وحذر من الشلل الذي يعاني منه العالم والانقسامات الجيوسياسية التي تتسبب في تقويض عمل مجلس الأمن الدولي والقانون الدولي، فيما ينادي الناس مطالبين بتسريع وصول الإغاثة.
وبحسب مركز إعلام الأمم المتحدة، قال الأمين العام في خطابه أمام زعماء العالم المجتمعين في افتتاح المناقشة رفيعة المستوى للجمعية العامة اليوم /الثلاثاء/: "يتخبط عالمنا في مشاكل عويصة.. والانقسامات تزداد شدة.. وأوجه عدم المساواة تتفاقم.. والتحديات تزيد امتدادا.. نحن في حاجة إلى هذا الأمل.. بل أكثر من ذلك، نحن في حاجة إلى العمل".
وقال "جوتيريش" إن مبادرة حبوب البحر الأسود التي توسطت فيها الأمم المتحدة والتي أطلقتها لم تكن رمزا للصراع والجوع بل كانت رمزا للأمل الناشئ عن التعاون، رمزاً يجسد ما يمكن للعالم تحقيقه عندما يتحد من أجل العمل معا.. فقد اتفقت أوكرانيا والاتحاد الروسي، بدعم من تركيا، على تحقيق هذا الإنجاز رغم التعقيدات الهائلة، ورغم الممانعين.
وقال الأمين العام في معرض تقديمه لتقريره السنوي عن أعمال المنظمة، بشكل واقعي:"لندع الأوهام جانبا.. فنحن بالفعل وسط بحر هائج.. ويلوح في الأفق شتاء يعمه السخط على المستوى العالمي.. وتستعر أزمة تكلفة المعيشة.. وتتهاوى أسس الثقة.. وتشتد مظاهر عدم المساواة بشكل صارخ.. ويحترق كوكبنا.. ويعاني الناس الأمرّين، علما أن أكثر الفئات ضعفا هي أشدها معاناة.. ويتعرض ميثاق الأمم المتحدة وما يجسده من مثل عليا لخطر محدق."
وبينما كان على المجتمع الدولي واجب التصرف، "نتخبط في مأزق الاختلال الوظيفي العالمي الهائل.. وليس للمجتمع الدولي الاستعداد ولا الإرادة لمواجهة تحديات عصرنا الكبرى والهائلة.. وتهدد هذه الأزمات مستقبل البشرية ذاته ومصير كوكبنا."
وأشار الأمين العام إلى بروز علامات شتى تنذر بالخطر، فإلى جانب حالة الطوارئ المناخية وفقدان التنوع البيولوجي، والأزمة الأوكرانية، ثمة طائفة عريضة من التكنولوجيات الجديدة، بما فيها منصات التواصل الاجتماعي، التي تلحق أضرارا لا توصف بالجماعات والمجتمعات؛ وخطاب الكراهية والإعلام المضلل وسوء المعاملة؛ وبيع بياناتنا دونما أي اعتبار للخصوصية، فيما "ليست لدينا ولو نواة هيكل عالمي للتصدي لأي من هذه المخاطر."
وقال الأمين العام إن التقدم في كل هذه القضايا والمزيد أصبح في الواقع رهينة التوترات الجيوسياسية، فعالمنا في خطر ومصاب بالشلل، وتتسبب الانقسامات الجيوسياسية في تقويض عمل مجلس الأمن، وتقويض القانون الدولي، وتقويض ثقة الناس في المؤسسات الديمقراطية وإيمانهم بها، وتقويض جميع أشكال التعاون الدولي، "والمؤكد هو أنه لا يمكن أن نظل على حالنا هذا."
واستشهد الأمين العام بما يحصل بين المجموعات المختلفة التي أنشأها بعض أعضاء المجتمع الدولي خارج النظام متعدد الأطراف والتي وقعت في فخ الانقسامات الجيوسياسية، مثل مجموعة العشرين، وأوضح أن العلاقات الدولية في مرحلة من المراحل كانت تبدو متجهة صوب عالم تتزعمه المجموعة، أما الآن، فيحتمل أن يؤول الأمر في النهاية إلى عدم وجود أي مجموعة.
ودعا الأمين العام إلى المضي في العمل من أجل السلام وفقا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
وشدد "جوتيريش" على أهمية الاستعانة إلى أقصى حد بكل أداة دبلوماسية للتسوية السلمية للمنازعات، على النحو المبين في ميثاق الأمم المتحدة، من مفاوضة، وتحقيق، ووساطة، وتوفيق، وتحكيم، وتسوية قضائية، ودعا إلى أن نعطي الأولوية لمنع نشوب النزاعات وبناء السلام، وذلك ما يستلزم ترسيخ الرؤى الاستراتيجية المتبصرة، والتصدي بشكل استباقي لنقاط التوتر التي يمكن أن تؤدي إلى اندلاع العنف، ومعالجة التهديدات الناشئة التي تشكلها الحرب السيبرانية والأسلحة الفتاكة الذاتية التشغيل.
وحث "جوتيريش" على توسيع دور المجموعات الإقليمية، وتعزيز حفظ السلام، وتكثيف نزع السلاح وعدم الانتشار، ومنع الإرهاب ومكافحته، وكفالة المساءلة. ويستلزم كذلك "الاعتراف بحقوق الإنسان باعتبارها عنصرا محوريا" في تلك أنشطة.
وقال "جوتيريش" إن ندائي إلى العمل من أجل حقوق الإنسان يسلط الضوء على الدور المحوري للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي للاجئين والقانون الدولي الإنساني، لذا يجب علينا أن نعترف، في كل ما نقوم به من أعمال، بأن حقوق الإنسان هي السبيل إلى نزع فتيل التوترات وإنهاء النزاعات وإرساء السلام الدائم.