«التجارة الإلكترونية في مصر.. فرص وتحديات».. ورقة بحثية جديدة لـ«معلومات الوزراء»
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء ورقة بحثية جديدة بعنوان (التجارة الإلكترونية في مصر.. فرص مستقبلية وتحديات راهنة"، أشار خلالها إلى أهمية الدور الذي يلعبه الاقتصاد الرقمي بشكل عام، والتجارة الإلكترونية بشكل خاص، في تنمية اقتصادات الدول، فضلا عن إسهامهما كعنصر جذب للاستثمارات الخارجية، وأيضا كفرصة لزيادة إيرادات الدولة.
وتستهدف الورقة تقديم فهم شامل للتجارة الإلكترونية في مصر من خلال استعراض الأطر المفاهيمية والتشريعية والمؤسسية المنظمة لها، كما تناقش عراقيل دمج التجارة الإلكترونية بالنظام الضريبي المصري، والاستراتيجية والخطط المستقبلية المقترحة لتحفيز وتسريع إخضاع التجارة الإلكترونية لضريبة القيمة المضافة في إطار تجارب الدول الناجحة.
وتستعرض الورقة الوضع الراهن للتجارة الإلكترونية في مصر، حيث أوضحت أن عدد مستخدمي الإنترنت في مصر بلغ أكثر من 75 مليون مستخدم في جميع المحافظات، وتصل فترة الاستخدام اليومي إلى 8 ساعات، وبالرغم من أن هناك 48 مليوناً من مستخدمي الإنترنت قاموا بشراء سلعة أو خدمة أون لاين، إلا أن 2.4% فقط منهم قاموا باستخدام بطاقات بنكية لهذا الغرض.
ونوهت الورقة بأن سوق التجارة الإليكترونية في مصر شهد إقبالاً مؤخراً من الشركات الكبرى، فشركة "أمازون" افتتحت حديثاً مستودعها اللوجيستي على مساحة 28 ألف م2، وباستثمارات تتخطى المليار جنيه، لافتة إلى أن دخول شركات عالمية إلى السوق المصري يعطى ثقلاً ودفعة للتجارة الإليكترونية كونه يدعم المنافسة، سواء بجذب العملاء أو العارضين، إلى جانب توافر السلع المختلفة.
وأكد مركز المعلومات إلى أن حجم التجارة الإلكترونية في السوق المصرية قد بلغت 93 مليار جنيه مصري، وذلك وفق جهاز تنمية التجارة الداخلية، كما من المتوقع أن ينمو هذا القطاع في مصر بنحو 30% خلال عام 2022 ليصل لنحو 121 مليار جنيه.. وبين المركز أن هذه التقديرات تعكس فقط حركة البيع والشراء المسجلة، أي التي تتم عن طريق المحافظ البنكية وكروت الدفع والائتمان، وليس حجم السوق ككل، فلا تزال الأرقام حول حجم معاملات التجارة الإليكترونية في مصر غير دقيقة وتقع أغلبها ضمن الاقتصاد الرسمي.
وسلطت الورقة الضوء على أهمية دمج القطاع غير الرسمي بمنظومة الاقتصاد الرسمي، حيث أكدت أن من شأن هذا الدمج زيادة الحصيلة الضريبية للدولة؛ مما يقلل من اعتماد الدولة على الاقتراض الداخلي والخارجي لسد عجز الموازنة، ويضمن إدماج هذا القطاع أيضا زيادة الناتج المحلي الإجمالي، إلى جانب زيادة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.
وأكدت أن وجود اقتصاد غير رسمي يضر بالمنافسة العادلة بين الشركات المنتمية لنفس القطاع، حيث تتحمل الشركات المسجلة عبئًا أكبر مقارنًة بتلك غير المســجلة كتلك الأعباء المتمثلة في الضرائب والتأمين الصحي على العاملين والمتطلبات الرسمية الأخرى.
كما أوضحت الورقة أنه قد يكون من الأنسب القيام بدمج القطاع غير الرسمي، بما في ذلك التجارة الإليكترونية في المنظومة الرسمية للاقتصاد المصري بشكل تدريجي عبر برنامج إصلاح هيكلي يتم تنفيذه على مراحل ويراعى فيه استهداف سلاسل الإمداد غير الرسمية، والتوسع في استخدام قواعد بيانات شاملة ومدققة لكل الأنشطة الإنتاجية غير الرسمية وتحليلها، ووضع خطط إدماج تتواءم مع التوزيع الجغرافي والقطاعي للاقتصاد غير الرسمي، وزيادة توعية المواطنين بالمخاطر المحتملة من التعامل مع سلع مجهولة المصدر، وأن التعامل مع كيانات الاقتصاد الرسمي سيكفل له الكثير من الحقوق والضمانات.
وتناول مركز المعلومات في الورقة، الإطار التشريعي والمؤسسي المنظم للتجارة الإليكترونية في مصر، وعراقيل دمج التجارة الإليكترونية بالنظام الضريبي المصري، والتي كان من أبرزها كون الدفع النقدي لا يزال مسيطراً، والحاجة في ظل تزايد استخدام التجارة الإليكترونية إلى التفريق بين مكان التوريد والمكان الذى توجد فيه المؤسسة، بحيث يمكن القول إن الإنترنت يوفر للبائعين التجاريين فرصاً للتهرب من ضريبة القيمة المضافة، بالإضافة إلى أن النقد الإليكتروني يمكن أن يكون مجهول المصدر ولا يمكن تعقبه، فضلاً عن تأثير أي تغييرات في الضرائب على التجارة الإليكترونية على حجم المبيعات.
وأشارت الورقة إلى استراتيجية مقترحة وخطط مستقبلية لتحفيز إخضاع التجارة الإلكترونية لضريبة القيمة المضافة في إطار تجارب الدول الناجحة، مؤكدة ضرورة التمييز في هذا الصدد بين التجارة الإليكترونية في السلع الملموسة والتجارة الإليكترونية المرتبطة بسلع وخدمات رقمية غير ملموسة، والتي يعد فيها الأمر أكثر تعقيداً.
وأضافت أن الضرورة تستدعى أولا قبل التطبيق جمع البيانات والمعلومات عن أنشطة الاقتصاد الرقمي في مصر، وإنشاء قواعد بيانات خاصة تتضمن حجم وأشكال تلك الأنشطة وطبيعتها ومعدلات نموها وتقدير معدلات أرباحها، بالإضافة إلى التكامل بين الإطار التشريعي والتطور التقني، وتشجيع موردي السلع والخدمات الرقمية للمحللين على التسجيل في وحدة مستقلة، على أن يكون التسجيل إلكترونياً وتطبق إجراءات مبسطة للغاية مع التأكيد على دور جهاز حماية المستهلك في حماية المواطن المصري من أي عمليات احتيال.
وشددت الورقة، في ختامها، على ضرورة وجود كيانات مؤسسية ينضم إليها مقدمو الخدمة أو السلعة من الأفراد المتعاملين بالأنشطة غير الرسمية لتعمل على تطبيق مبادئ الحوكمة والشفافية والمحاسبة والمساءلة لتعظيم الإيجابيات وتقليل السلبيات التي يولدها هذا الاقتصاد غير الرسمي مع قيام الدولة بتعزيز دور الأجهزة الرقابية، وعند النجاح في دمج قطاع التجارة الإلكترونية في الاقتصاد الرسمي يمكن أن يمثل هذا القطاع مصدرًا مهمًا من مصادر إيرادات الدولة.