وزير الأوقاف الأردني: نحتاج إلى دراسات لرصد حركة الاجتهاد المعاصر ومعرفة الصحيح من الخاطئ
قال الدكتور محمد أحمد مسلم الخلايلة وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الأردني، إننا بحاجة ماسة إلى دراسات لرصد حركة الاجتهاد المعاصر ومعرفة الصحيح منها من الخاطئ لاسيما ما شهدناه من أحداث في السنوات الأخيرة وما ترتب عليها من نتائج.
جاء ذلك في كلمة وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الأردني اليوم، خلال افتتاح فعاليات المؤتمر العام الـ33 للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، الذي تنظمه وزارة الأوقاف تحت عنوان: الاجتهاد ضرورة العصر (صوره.. ضوابطه.. رجاله.. الحاجة إليه)، والذي يستمر لمدة يومين، برعاية من الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وتوجه وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الأردني بالشكر لجمهورية مصر العربية قيادة وشعبا والرئيس عبد الفتاح السيسي على رعايته للمؤتمر، وما قدمه لمصر التي تضم أجساد الصحابة وخيرة المجتهدين في هذه الأمة، مؤكدا أن الاجتهاد ضرورة من ضروريات العصر لاستقامة الحياة وديمومتها ، حيث أن الاجتهاد الصحي حين يستوفي شروطه ويصدر من أهله يثري الدين والشريعة ويكون في خدمة الدين والإنسان وهو أمر لا يمكن أن ينقطع كما قال الإمام الشاطبي - رحمه الله - إن الاجتهاد لا ينقطع حتى ينقطع أصل التكليف.
وأوضح أن اجتهاد التخصص موقوف بزمنه وأشخاص لأنه مرتبط بالمناط الخاص، فالجهاد والاجتهاد مشتقان من جذر واحد ويصبان في هدف واحد، فالمجاهدون في سبيل الله يسعون في ديننا إلى تحقيق العدل واستقرار الحياة وعمارة الكون وإقامة الحياة الطبية ومواجهة الباطل بكل أشكاله وهذا هو الوجه الآخر للمجتهدين الذين يمعنون الفكر لاستنباط الأحكام وتحرير النصوص ورفع الغمة عن الأمة.
وأشار الخلايلة إلى أن "عصرنا الحاضر الذي نعيشه شهد ثلاثة تيارات للاجتهاد، الأول تجاوز أصول الاجتهاد وضوابطه لدى العلماء المعروفين المحققين تيار تجاوز كل مناهج الاجتهاد وأصوله وضوابطه إما جهلا بأصول وقواعد الاجتهاد، حيث تصدى للاجتهاد الكثير ممن لا يملك أصول الاجتهاد وأدوات العلم وليس له دراية بضوابطه وأصوله وقواعده فخرج بفتاوى شاذة وبعيدة كل البعد عن روح الشريعة ومقاصدها العامة ، أو أن من انحرف بالاجتهاد ليس عن جهل وإنما لوى أعناق النصوص وطوع الشريعة ونصوصها وقواعدها لتوافق هواه وحزبه واتجاهه والتيار الذي ينتمي إليه أو لتوافق قناعاته الشخصية التي تشكلت في عقله نتيجة فهم خاطئ لنص أو واقع معني فالشيء الواحد يكون مرة حلالا ومرة حراما حسب الاتجاه الذي ينتمي إليه أو الذي يريده هو بذاته، ورأينا هذا في مجتمعاتنا الإسلامية في الفترة الأخيرة فمرة تكون المشاركة في الانتخابات واجب شرعي ومرة تكون حرام لا يجوز".
وأوضح أن الاتجاه الثاني في الاجتهاد التزم بحرفية النصوص، ونظر إلى شكلها وأجزائها وأعرض عن مقاصدها وسبر أغوارها والنظر في مآلاتها فأخذ نصوص الشريعة وآراء العلماء في كتب التراث والكتب القديمة وأسقطها على واقعنا اليوم دون حتى أن يعرف الواقع أو يحيط به علما وبما يلتف به من ملابسات وظروف وأحوال فخرج باجتهادات مناقضة تماما للشريعة نفسها.
وشدد وزير الأوقاف الاردني على حاجتنا اليوم إلى فهم الواقع والواجب والحكم الشرعي في هذا الواقع ، وفهم حكم الله تعالى الذي حكم به في كتابه أو على لسان رسوله عليه السلام في هذا الواقع ثم يطبق أحدها على الآخر فمن بذل جهده واستفرغ وسعه في ذلك لم يعدم أجرا فالعالم من يتوصل بمعرفة الواقع والتفقه فيه إلى معرفة حكم الله عز وجل".
وأوضح أن "إشكاليتنا اليوم في الاجتهاد أن كثيرا من العلماء الذين تصدوا للفتوى لا يعلمون حقيقة الواقع الذي يحيط بنا وما نعلمه فقط في كثير من الحوادث والمسائل العامة التي تهم الأمة هو ظاهر من القول فقط ويكفي نظرة واحدة فاحصة للفتاوى والاجتهادات التي صدرت من البعض خلال السنوات العشرة الأخيرة أو منذ بداية ما يسمى بالربيع العربي منها ما تمثل بالدعوة إلى الجهاد والخروج إلى الشوارع وما تركت من آثار ومآلات مدمرة وما سفكت من دماء لندرك خطورة هذا النوع من الانحراف في الاجتهاد وهو ما يجب أن نتنبه له اليوم كعلماء قائمين بأمر الاجتهاد في عالمنا الإسلامية".
وأفاد بأن الاتجاه الثالث حاول أن يعيد الاجتهاد إلى أصوله التي تأسس عليها منذ قرون طويلة وهو "الاجتهاد في النوازل" وما يقع من حوادث مستجدة في عالمنا الإسلامي في إطار القواعد الكلية والفهم العام لمقاصد الشريعة الإسلامية والاجتهاد لا يكون من عالم إلا إذا أحاط بالشريعة الإسلامية مقاصدها وقواعدها الكلية".
وقال: "علينا اليوم أن نأخذ ما تركه علماؤنا وأن نبني عليه بما يصلح حياتنا اليوم وبما يتفق مع واقعنا المعاصر ومستجدات العصر ونوازله، ولذلك علينا أن نذهب في كثير من القضايا إلى ما يسمى بالاجتهاد الجماعي والاجتهاد المؤسسي كمجالس الفتوى ومجامع الفقه الإسلامي لاسيما ودور المجامع الفقهية في تناول قضايا العصر ومشكلاته لاسيما في القضايا المستجدة أو على الأقل القضايا العامة التي تهم مجتمعا أو بلد معين أو الأمة بشكل عام أو القضايا في الجهات الرسمية وهذا له دور كبير في وحدة الأمة وتحقيق الإجماع بين العلماء وتحقيق الشورى بينهم وإصدار اجتهادات صحيحة وتعميمها إلى العالم الإسلامي".