انتعاشة لليمين المتطرف بألمانيا.. وهذه أسباب تمدده أوروبيا
حقق حزب "البديل لأجل ألمانيا" اليميني المتطرف قفزة كبيرة في استطلاعات الرأي في ولاية براندنبورج الألمانية المجاورة لبرلين، في تقدم مدفوع بطفرة هذا التيار في أوروبا.
فمن المجر إلى السويد مرورا بفرنسا وإيطاليا ثم ألمانيا، يعيش اليمين المتطرف انتعاشة كبرى في القارة، اعتبرها محللون "نمطا جديدا من التحول في الأفكار والآراء السياسية سيعمق الانقسامات في المجتمعات الأوروبية".
ووفق أحاديث محللين سياسيين فإن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية كانت دافعا أساسيا للناخب الأوروبي لاختيار أحزاب اليمين مؤخرا، مع زيادة الديون وارتفاع الضرائب وزيادة نسبة البطالة وتدفق المهاجرين وظهور موجات كراهية ضدهم، بخلاف التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا وحرب أوكرانيا.
في الانتخابات التي جرت 11 سبتمبر الجاري، حقق حزب "ديمقراطيو السويد" اليميني المتطرف مكاسب هائلة حيث بات ثاني أكبر حزب سياسي في البلاد وأكبر الأحزاب اليمينية في البلاد.
جرى تكليف رئيس الحزب السويدي المحافظ أولف كريسترسون رسميا بتشكيل الحكومة، بعد فوز كتلة اليمين واليمين المتطرف في الانتخابات التشريعية خلفا للاشتراكية الديمقراطية ماجدالينا أندرسون.
ولم يسبق لليمين السويدي أن تولى الحكم بدعم من اليمين المتطرف، وتم ذلك إثر تقارب باشره كريسترسون قبل 3 أعوام.
وشهدت انتخابات الرئاسة الفرنسية الأخيرة التي أجريت في أبريل منافسة حادة بين إيمانويل ماكرون ومارين لوبن زعيمة حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، المعارض لنفوذ الاتحاد الأوروبي والهجرة.
ورغم فوز ماكرون بنسبة 58.5 بالمائة من الأصوات، فقد حصدت لوبن نسبة لا يستهان بها هي 41.5 بالمائة، حيث سعى التجمع الوطني إلى الربط بين الهجرة والإرهاب في محاولة لحشد تأييد الناخبين.
وفي أبريل الماضي فاز فيكتور أوربان رئيس وزراء المجر اليميني، في رابع فوز على التوالي لحزب "فيدز" منذ عام 2010.
ويتهم أوربان الحركات اليسارية بالتآمر على الغرب وعلى المجر، ويلجأ أحيانا إلى النظرية اليمينية الشهيرة التي تعرف باسم "الاستبدال العظيم" من أجل تقديم حججه، والتي تهدف، وفقا لمؤيديها، إلى إضعاف "السكان البيض في الولايات المتحدة والدول الأوروبية عن طريق الهجرة".
ونجحت قوى اليمين المتطرف في فرض نفسها مع نجاح حزب "إخوة إيطاليا" (فراتيلي ديتاليا) في انتخابات الأسبوع الماضي.
ستتولى بذلك وللمرة الأولى في تاريخ البلاد امرأة هي جيورجيا ميلوني زعيمة الحزب رئاسة الحكومة الإيطالية.
وكسب حزب البديل لأجل ألمانيا اليميني المتطرف 5 نقاط كاملة في استطلاع نشر مؤخرا، مقارنة باستطلاع جرى في أبريل الماضي، وبات الحزب يتصدر سباق الشعبية في الولاية المهمة بـ24 بالمائة.
وفي المقابل خسر الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم "حزب المستشار أولاف شولتز"، 6 نقاط كاملة مقارنة باستطلاعات أبريل الماضي، ليحتل المرتبة الثانية بـ24 بالمئة من معدلات التأييد بنفس الولاية.
ويقول الأكاديمي المتخصص بالشئون الدولية سمير الكاشف إن الأفكار القومية حضورها دائم في الشئون السياسية داخل أوروبا، إلا أن "النسب الكبيرة من التأييد التي أصبحت تحصل عليها أحزاب اليمين المتطرف أمر حديث العهد، لكنه أنه مرتبط بأوضاع اقتصادية مر بها العالم خلال الأعوام الثلاثة الماضية، حيث تعيش أحزاب اليمين المتطرف على انتقاد برامج الحكومات الأوروبية والسياسات الاقتصادية التي تنفذها".
وأضاف الكاشف أن "الصعود الكبير لمثل هذه الأحزاب سيعمق الخلافات في المجتمعات الأوروبية بين معسكر ليبيرالي وآخر محافظ، يرفض أي شكل من أشكال التعددية ويستهدف الحفاظ على القيم التقليدية التي ترسم هويته، وسينعكس ذلك على مستقبل الاقتصاد في أوروبا بصفة خاصة والاتحاد الأوروبي بشكل عام".
وبشأن القفزة الكبيرة لحزب البديل في ألمانيا، اعتبر أنها "ليست وليدة اليوم لكنها كانت نتاج رفض داخلي واسع لسياسة الباب المفتوح التي كانت تنتهجها المستشارة السابقة أنجيلا ميركل مع المهاجرين واللاجئين، حيث أدت سياساتها إلى ظهور لافت لحزب البديل، غير أن النشاط الأخير مدفوعا بنتائج نظرائه في السويد وإيطاليا".