رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


شهر ربيع الأنور.. ذكرى مولد النور

2-10-2022 | 16:02


طه محمود حجاج,

يظل شهر ربيع الأول يحمل لنا ذكريات من نور؛ نور يتلألأ في الوجود يراه كل موجود، فلقد كان ميلاد رسول الله – صلى الله عليه وسلم- نورًا مجيدًا وفجرًا جديدًا نَوّرَ الله به سماء الظلام، وأشرق به صبح الإسلام، ولقد كانت مكة على موعد مع هذا النور من قبل خلق آدم، فرسول الله – صلى الله عليه وسلم- مكتوب عند الله خاتم النبيين وآدم بين الماء والطين، فهو القائل : «إنى عند الله في أم الكتاب لخاتم النبيين، وإن آدم لمنجدلٌ في طينته».
وفى شهر ربيع الأنور من عام الفيل كان الزمان، وفى مكة شرفها الله كان المكان، وفى فجر يوم الإثنين الثانى من الزمان المقدر، رأت السيدة آمنة نورًا ينفصل عنها يضئ لها قصور الشام، نورًا حقيقيًا لمع في سماء الدنيا كلها، رأته يهود يثرب؛ فعن حسان بن ثابت -رضى الله عنه- قال: «إني لغلام يفعة ابن سبع سنين أو ثمان، أعقل كل ما رأيت وسمعت، إذا يهودي بيثرب يصرخ ذات غداة؛ يا معشر يهود فاجتمعوا إليه، وأنا أسمع قالوا: ويلك ما لك؟ قال: طلع نجم أحمد الذي ولد به في هذه الليلة».
فخرج من بطن أمه– صلى الله عليه وسلم- نورًا للدنيا كلها، يزيد نوره بزيادة عمره وينمو النور بنموه؛ تقول السيدة حليمة بنت أبى ذؤيب مرضعته – صلى الله عليه وسلم- متحدثة عن طفولته: ليس لنا مصباح في الليالى المظلمة إلا وجه محمد.
ويزداد نور رسول الله – صلى الله عليه وسلم-  نورًا يشع في الأفاق، فيضئ الكون بوجوده ويظلم الكون بغيابه، فعن أنس قال: «لمَّا كان اليوم الذي دَخَل فيه رسول الله – صلى الله عليه وسلم- المدينةَ أضاءَ منها كلُّ شيء، فلمَّا كان اليوم الذي مات فيه أَظْلَم منها كلُّ شيء». 
فكان النور ملازمًا لرسول الله – صلى الله عليه وسلم- حتى وصُف به؛ فقد جاء في وصف وجهه – صلى الله عليه وسلم- أنه كان يتلألأ تلألؤ القمر ليلة البدر. أى: حسنًا وضياءً ونورًا وبهاءً.
فرسول الله – صلى الله عليه وسلم- نورًا ومنيرًا، كان نورًا في حياته، ومنيرًا لنا بعد مماته؛ بدعوته وشريعته وسنته -- قال تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا» سورة: الأحزاب: 45-46. 
فحق للأرض أن تفرح بمولد النور، وحق للزمان أن يغرد بالبهجة والسرور، وحق لنا أن نشكر الله على هذا النور الذى أضاء لنا به معالم الحياة، فهو أعظم منة امتن الله بها علينا، قال سبحانه: «لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ» سورة: 
آل عمران: 164.
نورٌ من الرحمن أرسله هـــدىً                           للناس فازدهر الزمانُ وأينعا
دع عنك إيوانًا لكســرى عندما                           هتفوا بمولدهِ هـوى وتصدعا 
وأذكره كيف أتى شعوبًا فُرقت                           أهواؤها كلٌ يصـحح ما أدعا 
فهداهُم للحـــــق حتى أصبحوا                           في الله أحبة تراهـــم ركعــــا

 

** إمام وخطيب بوزارة الأوقاف