رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


«غصة فى حلق د.جمال عصمت»

3-8-2017 | 23:06


بقلم – ايمان النجار

«فوز الدكتور جمال عصمت بجائزة النيل فى العلوم، خبر لم يتصدر الصحف لأنه ليس سياسيا، سأتحدث عن جمال عصمت الإنسان، تعلمت بوجودى بجوارك على مدار خمس سنوات كيف لا أرد محتاجا أو سائلا.. كيف أساعد من لا أعرفه لمجرد أنه قصدنى.. كيف أبذل الجهد والمال دون انتظار الشكر أو الشهرة.. شكرا أستاذى.. فخور بأنى واحد من تلاميذك».

 

الكلمات السابقة، صاحبها الدكتور محمد حسين الأستاذ بمركز الفيروسات الكبدية بقصر العينى وهو أحد أبناء وتلاميذ الدكتور جمال عصمت بالمركز، يهنئه من خلالها بفوزه بجائزة النيل فى العلوم.

رسالة الدكتور محمد حسين التى كتبها على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» ليست السبب الوحيد لكتابتى عن د. جمال عصمت هذه المرة، فالسبب الرئيسى هو حجم المرارة التى خرجت بها الكلمات أثناء حديثى مع الدكتور جمال عصمت منذ أيام، الذى نشرته «المصور» فى عدد سابق، وهذه مقتطفات من حديثه «حصلنا على جوائز الدولة ولم يحتفِ بنا الإعلام، هو فقط يحتفى بالفنانين والمثقفين ولاعبى الكرة، لم تذكرنا الصحف إلا قليلا، هل هذا وضع العلماء؟، لم نبتغِ شهرة ولا مادة، فقط أردنا التقدير وإظهار أهمية العلم والعلماء للمجتمع وللأسف لم نجدها، التجارة أصبحت مربحة عن العلم وهذا ما يفكر فيه زملاؤنا من العلماء بعد كل هذا التجاهل».

لن أطيل أكثر من هذا، لكنه الواقع.. فلنكتبها صريحة وبلا مبالغة، أين علماء مصر فى وسائل الإعلام، تحتفى بهم المنظمات العالمية والمحافل الدولية ويذكرهم الإعلام فى الخارج، فلنكن نحن من نصدر الصورة المشرقة لمصر.

الدكتور جمال عصمت عضو اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية، نائب رئيس جامعة القاهرة الأسبق، تعرفت عليه منذ عام ٢٠٠٨، لكن البداية الحقيقية -وبصفة شخصية وليست عملية - كانت عندما توجهت له بالمعهد القومى للأمراض المتوطنة والكبد بتوصية من الدكتور عبد الرحمن شاهين المتحدث الرسمى لوزارة الصحة فى ذلك الوقت بعدما اكتشفت إصابتى بـ«فيروس سى»، وكنت غاية فى القلق فى وقت لم يكن علاج «فيروس سى» وصل لما نحن عليه الآن، هدأ من روعى وأوضح لى الموانع وما هو مسموح لى من أغذية وأدوية وما هى المحظورات حتى يظل «فيروس سى» فى حالة خمول أو عدم نشاط، لم أهملها وظللت أتبعها حتى يومنا هذا.

لا أعتقد أن «د.جمال» يتذكر تفاصيل هذا اللقاء،، لكنه بالنسبة لى كان البداية، توطدت العلاقة بمرور السنوات على المستوى العملى والشخصى، وبمجرد ظهور الأدوية الحديثة لعلاج «فيروس سى» وتداول المصرى منها نصحنى بتلقى الكورس العلاجى، ترددت قليلا خاصة أننى كنت من أوائل المرضى الذين حصلوا على العلاج المصرى لـ«فيروس سى» بمركز الفيروسات الكبدية بجامعة القاهرة، ولكن لثقتى فى رأيه بدأت العلاج، الحمد لله أنعم الله علىّ بالشفاء، هو أول من لجأت إليه فى مرض والدتى رحمها الله وكان خير معين.

وجاء خبر فوزه بجائزة النيل فى العلوم لعام ٢٠١٦ – ٢٠١٧ ليتوج أعماله على المستويين العلمى والمجتمعى محليا وعالميا، فهى أعلى جوائز الدولة قيمة، لكن أحزننى فى حديثى والمنشور بمجلة المصور كثيرا غضبه ولومه على الإعلام عدم حفاوته بجوائز العلماء.

هذه ليست الجائزة الأولى التى يحصل عليها الدكتور عصمت، فنظرا لأبحاثه المتميزة وإسهاماته العلمية وإنجازاته لخدمة المجتمع والطب فى مصر، تم تكريمه مبكرا بحصوله على جائزة الدولة التقديرية فى العلوم الطبية عام ٢٠١٠- ٢٠١١، إضافة إلى منحه وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام ٢٠١٣، كما أنه العربى والمصرى الوحيد الذى ترأس الاتحاد الدولى للكبد وهو الوحيد الذى يشغل منصب مستشار منظمة الصحة العالمية للفيروسات الكبدية منذ عام ٢٠١٤ وحتى الآن.

كما حصل على جائزة الريادة من الجمعية الأمريكية لدراسة أمراض الكبد ٢٠٠٨، وتم اختياره بواسطة مديرة منظمة الصحة العالمية كاستشارى لوضع خطة علاج فيروس بى فى الدول النامية ٢٠٠٩.

الترشح لجوائز الدولة له شروط وفى مبررات ترشح الدكتور عصمت الكثير لنقوله ونكتبه، فله أكثر من ١٦٠ بحثا دوليا منشورا فى كبرى الدوريات العلمية العالمية، وله أكثر من ١١٠ أبحاث دولية فى مجال «فيروس سى» وبذلك يعد هو رائد هذا التخصص فى منطقة الشرق الأوسط وأول من درس السلالة الجينية الرابعة لـ«فيروس سى»، واعتمدت منظمة الصحة العالمية طريقته لتقسيم مرضي تليف الكبد البلهارسى وتقييم مضاعفات المرض، قاد الدكتور جمال تطوير دواء لعلاج «فيروس سى» وذلك لأول مرة فى مصر، حيث تم تطوير عقار الرافيداسفير (Ravidasvir) من خلال الأبحاث التى قام بها على هذا الدواء كباحث رئيسى لمجموعة من العلماء وسوف يتيح هذا التطوير أن يمتلك المصريون براءة اختراع وإنتاج علاج مناسب لمرضى «فيروس سى» ذى كفاءة عالية، وتعتبر هذه نقلة جديدة فى مجال البحث العلمى وتطوير الدواء فى مصر.

أشرف الدكتور عصمت على أول عملية زراعة كبد للبالغين فى مصر عام ٢٠٠١، وساهم فى إدخال هذا التخصص فى المستشفيات الجامعية (قصرالعينى) ومستشفيات وزارة الصحة (الساحل التعليمي)، كما أنشأ وحدة الأبحاث الدولية بالمعهد القومى للأمراض المتوطنة والكبد وكذلك مركز قصر العينى لرعاية مرضى الفيروسات الكبدية، وتأسيس صرح تعليمى جديد وهو مستشفى ثابت ثابت للأمراض الباطنية المتوطنة التابع لجامعة القاهرة كأول مركز مصرى جامعى متخصص فى الوبائيات والأمراض المتوطنة والمعدية ليكون مركزا للسيطرة على الأمراض .

بالنسبة للنشاط المجتمعى فهو عضو مؤسس فى اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية منذ عام ٢٠٠٦ وكانت أبحاثه هى الأساس فى وضع الاستراتيجية الأولى لخطة مكافحة الفيروسات الكبدية بمصر من ٢٠٠٨ إلى ٢٠١٢ ثم الاستراتيجية الثانية من ٢٠١٤ إلى ٢٠١٨، وساهم مع زملائه فى وضع بروتوكولات العلاج المصرية.

ما أكتبه ليس فقط عن الدكتور جمال عصمت ولكن عن كل علماء مصر الذين يتجاهلهم الإعلام حتي في أسعد لحظاتهم وهي تتويج أعمالهم بالفوز بجوائز الدولة المختلفة .. اهتموا بالعلماء لأنهم أمل مصر..