رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


عندما صاغ مسيحيو الشرق العرب أروع القصائد في حب النبي محمد

5-10-2022 | 22:20


جانب من الكتاب

د. رائد العزاوي

ولدت وترعرعت في منطقة من أقدم مناطق العاصمة العراقية بغداد، وهي منطقة باب الشيخ "نسبة إلى الشيخ عبدالقادر الجيلاني" ذلك الولي الفقيه الذي أسس مدرسة فقهية بغدادية لها ملايين الأتباع في العالم، وفي ذلك الحي درست في سنيني الأولى بمدرسة الأرمن الكاثوليك، حيث الكنيسة المشهورة في بغداد، والتي تحتوي على مدرسة من أهم المدارس العراقية، تعرفت على أستاذتي "السيدة ماريانا إلياس" التي كانت من محبي الشعر الصوفي الذي عرف به أبناء حي باب الشيخ، حيث تصدح الأصوات بحب النبي محمد (ص)، ومن هذه الأستاذة التي أكن لها كل التقدير حيث كتبت في حب الرسول قصيدة "بدرا تجلى في أم القرى – نال علوًا من رب السماء". 

 

وهكذا بدأت رحلتي للبحث عن الإخوة من الديانات الأخرى، ممن صدحوا في مديح رسول الله  -صلى الله عليه وسلم-، ولم يقتصر على الشعراء والأدباء المسلمين، بل هناك الكثير من الأدباء والشعراء المسحيين الذين أنشدوا قصائد حب في رسول الإسلام  -صلوات الله عليه-. 

 

الدافع الذي جعل الشعراء المسيحيين يمتدحون رسول الإسلام -صلى الله عليه وسلم-، لم يكن للظفر بعطاءات مادية أو مكاسب دنيوية، فقد تجردوا من أي ميول أو تعصبات دينية، وتدثروا بشعار الإنسان أخو الإنسان، أيًا كان دينه أو لونه أو موطنه، فنجد وجدانهم يفيض من كلماتهم عطايا الحب، مهدين الإنسانية جمعاء ميراثًا أدبيًا زاخرًا بالسلام والمحبة والسماحة، للتأكيد على عظمة وقوة العلاقة بين المسلمين والمسيحيين الأقباط.

 

ويرجع بعض النقاد الأسباب التي أدت بالشعراء المسيحيين العرب، إلى نظم قصائد يمتدحون فيها رسول الإسلام محمد  -صلى الله عليه وسلم-، إلى أنهم يهدفون إلى إبراز القيمة الإيجابية للموروث الثقافي والوطني والتاريخي المشترك منذ مئات السنين، وهذا الموروث يربط المسلمين بالمسيحيين فوق أرض العروبة.  

 

وحاول هؤلاء الشعراء والأدباء، لإغلاق أبواب عبثية الاستقطاب الطائفي الذي يعمل البعض جاهدًا لإيقاع قطبي الأمة فيه، وهذا كان دافعًا قويًا لنظم هذه القصائد.  

 

والجانب الثالث وهو الأهم، أنهم سعوا للتعبير عن مشاعر جياشة وقعت في صدورهم تجاه رسول الإسلام، وأرادوا الإفصاح عنها كمواطنين عرب بعيدًا عن أي انتماءات دينية.

 

عمل الكاتب ماجد الحكواتي، على جمع مجموعة كبيرة من القصائد والنصوص الشعرية التي ألقاها شعراء مسيحيون في ساحة المدح النبوي في كتابين، وهما: 

 

الكتاب الأول يحمل عنوان: "شعراء النصارى العرب والإسلام". 

 

والكتاب الثاني جمعت فيه قصائد أخرى لشعراء مسيحيين مصحوبة بدراسات نقدية أعدها وقدمها محمد عبدالشافي القوصي، تحت عنوان "محمد في شعر النصارى العرب". والكتابان من أهم المراجع التي يعتد بها.

 

وهدف"الحكواتي"، إلى إبراز هذا اللون من الإبداع الشعري الذي اختفى وكاد يندثر، رغم أن القارئ يستشف من حروفه تسامحًا وترابطًا جمع بين المسلمين والمسيحيين في بلاد الشرق، الذين يركنون إلى مرجعية ثقافية واحدة أسس بنيانها على احترام كل طرف للآخر، وإعلاء قيم التعايش المشترك بعيدًا عن اختلاف الدين والعقيدة،  حيث ترسم لنا القصائد الشعرية التي ورد ذكرها في الكتابين، صورة واضحة للتسامح والسلام الذي عاشه المسلمون والمسيحيون في هذه الفترة.  

 

ومعظم الشعراء المسيحيين الذين وضعت قصائدهم في الكتابين، ينتمون إلى سوريا ولبنان، وهم شعراء من العصر الحديث.  

 

وعند البحث في هذا الموضوع ستجد نفسك أمام آخر فصل في كتاب للكاتب محمد عبدالشافي القوصي، بعنوان: "محمد مشتهى الأمم"، والذي أطلق عليه  عنوان: "في عالم الجمال"، حيث سلط الضوء فيه على 20 شاعرًا مسيحيًا، مدحوا رسول الإسلام محمد-صلى الله عليه وسلم-، بقصائد ومطولات شعرية. 

 

ومنهم حليم دموس، والشاعر القروي، ومطران خليل مطران، وإلياس قنصل، وشبلي شميل، وعبدالله يوركي حلاق، وجاك صبري شماس، وإلياس فرحات، وجورج صيدح، ورياض المعلوف، وشبلي ملاط، وجورج سلستي، وميخائيل ويردي وغيرهم كثير. 

 

لكن يبقى صديقي الشاعر السامق  المتفرد القس جوزيف إيليا متفردا في قصائده المتعددة في حب النبي محمد (ص) والقس جوزيف من مواليد مدينة المالكيّة التابعة لمحافظة الحسكة عام  ١٩٦٤ كان رئيسًا للطّائفة الإنجيليّة فيها لمدّةٍ اقتربت من ربع قرنٍ حتّى نزوحه عنها بسبب مخاطر الحرب وتبعاتها  إلى ألمانيا حيث يقيم فيها حاليًّا يكتب الشِّعر العموديّ وقصيدة التّفعيلة وأناشيدَ للأطفال، وقد شارك في العديد من الأمسيات الشّعريّة وأجريت معه عدّة لقاءاتٍ تلفزيونيّةٍ وإذاعيّةٍ سوريّةٍ وعربيّةٍ وعبر مجلّاتٍ وجرائد عديدة، وتثبّت اسمه في أكثر من موسوعةٍ شعريّةٍ 

وبعنوان ماذا أقول في يوم مولد المصطفى (ص) ؟.. يقول الأب جوزيف:

ماذا أقولُ؟

إنَّ   الكلامَ   على   فمي   يتجمّدُ

فأنا      ضعيفٌ    حائرٌ     متردِّدُ

 

ماذا   أقولُ   بمَن  لهُ  كلُّ  السّما

كانت  بأحلى  القولِ  وحيًا تُنشِدُ

 

وفطاحلُ  الشّعراءِ  فيهِ  شِعرُهم

عذبٌ    كلامي    عندهُ     يتبدّدُ

 

وتفنّنَ   الخطباءُ   بالمدحِ   الّذي

مِنْ   وحيهِ   غدتِ  الشّفاهُ تغرِّدُ

 

ماذا  أقولُ   وكلُّ  صوتٍ   هادرٍ

مِنْ  صوتِكَ الأقوى  جريئًا  يولَدُ

 

فاقبلْ هشاشةَ منطقي وتلعثمي

فالقولُ  وحدكَ  أنتَ فيهِ السّيّدُ

سأقولُ  قولًا  واحدًا  وسأكتفي

بابُ   الزّمانِ   أمامهُ  لا يوصَدُ:

إنَّ  "المسيحَ"  بهِ فؤادي  مفعَمٌ

وبهِ   تقيمُ    مكرَّمًا   يا "أحمدُ"

---

وبالغوص في أعماق الشعراء المسيحيين الذين مدحوا المصطفى صلى الله عليه وسلم، فسنجدهم يؤكدون أن قصائدهم خرجت من القلب وتهدف لخدمة "العروبة"، الوطن الواحد الذي يستظل بسمائه الجميع.  

ومن بينهم الشاعر السوري جاك شماس، المولود في عام 1947 ميلادية، يجيب عن سؤال طرحه على نفسه قبل أن يطلع عليه العامة: لماذا أتحدث عن رسول الإسلام محمد؟.

 وبيقين راسخ يجيب شماس، قائلًا: "إنه حديث من شغاف القلب، لا يأخذ منحنى آخر سوى خدمة وطني وعروبتي".

وفي معرض حديثه عن قصيدته "خاتم الرسل"، التي تقدم بها في عام 2010، لمسابقة «البردة النبوية» التي تنظمها وزارة الثقافة الإماراتية، يقول "شماس": "أنا ثقافتي عربية إسلامية، وإذا مدحت رسول الإسلام محمدًا، فذلك لأنى أحبه". 

وتسائل: "كيف لا أحب إنسانًا بهذا المستوى النبيل من الإنسانية والخلق؟، لقد نشر محمد، عقيدة جميلة ونبيلة تدعو إلى الإنسانية، وثقافتنا العربية الإسلامية تدفعنا إلى حب هذا النموذج الرائع، ولقد كتبت هذه القصيدة لأعبر بها عن حبي لهذا الرجل".

ونلمس صدق مشاعر «شماس»، حين نغوص في أبياته التي تنم عن ثناء فائق الإبداع ألقى به في ساحة المدح النبوي قائلًا:

"يمت طه المرسل الروحاني

ويجل طه الشاعـر النصرانـي

ماذا أسطر فـى نبـوغ محمـد

أنا يا محمد من سلالـة يعـرب

أهـواك ديـن محـبـة وتـفـان

وأذود عنـك مولـهـًا ومتيـمـًا

حتى ولو أجـزى بقطـع لسانـي

أكبرت شأوك في فصيـح بلاغتـي

وشغاف قلبـى مهجتـي وبيانـي

وأرتل الأشعار فـي شمـم النـدى

دين تجلى فـي شـذي الغفـران

وتسامـح يزهـو ببـرد فضيلـة

وشمائـل تشـدو بسيـب أغـان

أغدقت للعـرب النصـارى عـزة

ومكانـة ترقـى لـشـم مـعـان

وزرعت في قلب الرعيـة حكمـة

شماء تنطق فـى نـدى الوجـدان

أودعت يمنك في حدائـق مقلتـى

ووشمت مجدك في شغاف جنـان

ونذرت روحـى للعروبـة هائمـًا

بالضـاد والإنجـيـل والـقـرآن

ونقشت خلق محمد بمشاعـرى

ودرجت أرشف كوثـر الرحمـن

وشتلت في دوح التآخـى أحرفـى

أختال زهـوًا فـى بنـى قحطـان

آخيت فاطمة العروبة في دمـى

وعفاف مريم في فـؤاد كيانـى

ولئـن تغطـرس أجنبـى حاقـد

كفقاعة الصابـون فـى الفنجـان

وإذا قرأتـم للـرسـول تحـيـة

فلتقـرءوه تحـيـة النصـرانـي

مهما مدحتـك يا رسـول فإنكـم

فوق المديح وفـوق كـل بيانـي". 

 

بينما يبدع الشاعر السوري إلياس قنصل ويسهب "إلياس"، الذي عاش بين عامي 1914 و1981 ميلادية، في أبياته متحدثًا عن صفات نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، قائلًا:

"يقابل بالصبر الجميل ضغائنا

تمادى بها وعد بسب ويثلب

ويعفو عن الأسرى وكان

وعيدهم بما في نواياهم من الثأر يلهب

إذا جاءه الملهوف فهو له

أخ وإن جاءه المحروم فهو له أب

صفات نبى أحسن الله خلقه

نفوس الورى من رفدها تتهذب. 

 

وعلى ذات الدرب يكتب الشاعر السوري جورج سلستي، الذي عاش بين عامي 1909 و1968 ميلادية، لينظم قصيدة أسماها "نجوى الرسول الأعظم"، أفاض فيها بمشاعره الجياشة التي تملكت قلبه تجاه رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم:

"أقبلت كالفجر وضاح الأسارير

يفيض وجهك بالنعماء والنور

على جبينك فجر الحق منبلج

وفى يديك مقاليد المقادير

أطلعت من هامت الدنيا بطلعته

ونافست فيه حتى موئل الحور

أطلعت أكرم خلق الله كلهم

وخاتم الرسل الصيد المغاوير

بوركت أرضًا تبث الطهر تربتها

كالطيب بثته أفواه القوارير

الدين ما زال يزكو في مرابعها

والنبل ما انفك فيها جد موفور

فذاك افتخارًا على الأكوان قاطبة

بما حبوت الورى يا بيد من نور

يا سيدى يا رسول الله معذرةً

إذا كبا فيك تبيانى وتعبيري

ماذا أوفيك من حقٍ وتكرمةٍ

وأنت تعلو مدى ظنى وتقديري

واكلا – عليك صلاة الله - أمتنا

حياك ربك حتى نفخة الصور".  

ولم يخش الشاعر وصفي قرنفلي، الذي عاش بين عامي 1911 و1978 ميلادية، توجيه نقد له، أو أن تثار ضده حرب تطال كل شيء في حياته حين وصف محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، بـ"منقذ الشرق"، في أبياته التي عبرت حروفها عن شهادة حق قالها مواطن عربي في حق رسول الإسلام:-

"أوليس الرسول منقذ هذا الشرق.. 

من ظلمة الهوى والهوان..

أفكنا لولا الرسول سوى.. 

العبدان بئست معيشة العبدان".  

 

 

 

وأهدى لنا الشاعر جورج صيدح، الذي عاش بين عامى 1893 و1978 ميلادية، مطالبين معه باقي أفراد أمتنا العربية بأن يكون لهم في رسول الله  -صلى الله عليه وسلم-، أسوة حسنة، حيث قال:-

" يا صاحبي بأي آلاء النبي تكذبان؟.. 

يا من سريت على البراق وجزت أشواط العنان.. 

آن الأوان لأن تجدد ليلة المعراج آن". 

 

ويدخل الشاعر السكندري السوري الأصل ميشال مغربي، ميدان المديح النبوي، مهديًا رسول الإسلام محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، أبيات رائعة في ذكرى الاحتفال بمولده:

"لا عيد للعرب إلا وهو سيده.. 

ما دارت الأرض حول الشمس دورتها.. 

هي العروبة لا ينهد حائطها.. 

يا صاحب العيد يا من في موالده.. 

إن كان للغرب عرفان وفلسفة". 

 

وإلى لبنان، فسيشنف آذاننا الشاعر إلياس فرحات، الذي عاش بين عامي 1893 و1976 ميلادية، بأبيات يخاطب فيها رسول الإسلام محمد  -صلى الله عليه وسلم-، وكأنه يشكو له فيها ما ألم بالأمة العربية من تخبط وتخلف عن باقي الأمم، ويطلب منه مددًا يخرجنا مما نحن فيه، قائلًا:-

"يا رسول الله إنا أمة زجها التضليل في أعمق هوة.. 

ذلك الجهل الذي حاربته لم يزل يظهر للشرق عتوه". 

 

 

 

ونرقى مع الشاعر اللبناني حليم دموس، المتوفي في عام 1957 ميلادية، إلى أعلى درجات المحبة الإنسانية المجردة من أي ميول، حين يمتدح النبى الكريم قائلًا:-

"أمحمد والمجد بعض صفاته.. 

مجدت في تعليمك الأديانا.. 

إنى مسيحى أحب محمدا..

وأراه في فلك العلا عنوانا". 

 

أما شاعر القطرين اللبناني خليل مطران الذي عاش بين عامي 1872 و1949 ميلادية، وكتب أبياتا متنوعة نستشف منها أثر رسول الإسلام محمد -صلى الله عليه وسلم-، في محاربة الجهل والشرك وإقامة العدل والإحسان إلى أهل الكتاب؛ حيث يقول:-

" بأي حلم مبيد الجهل عن ثقة

وأي عزم مذل القادة الصيد

أعاد ذاك الفتى الأمي أمنه

شملا جميعا من الغر الأماجيد

وزاد في الأرض تمهيدا لدعوته

بعهده للمسيحيين واليهود". 

 

 

 

أما الشاعر اللبناني محبوب الخوري الشرتوني، الذي عاش بين عامي 1885 و1931 ميلادية، فيرقى بنا في قصيدته "عرب الحجاز.. تحية وسلام"، داحرًا الفتن التي يحاول البعض دسها بين المسلمين والمسيحيين، معلنًا للجميع أن العرب جميعًا أهل وأشقاء دون النظر إلى الديانة، ومطفئًا جزوة الصراع الطائفى الذي يسعى البعض لإبقائه مشتعلًا:-

" قالوا تحب العرب قلت أحبهم

يقضى الجوار علىَّ والأرحام

قالوا لقد بخلوا عليك أجبتهم

أهلي وإن بخلوا علىَّ كرام

قالوا الديانة قلت جيل زائل

ويزول معه حزازة وخصام

ومحمد بطل البرية كلها

هو للعرب أجمعين إمام".

 

بينما يصف الشاعر اللبناني رشيد خوري، المعروف بـ«الشاعر القروي» الذي عاش بين عامي 1887 و1984 ميلادية، مولد رسول الإسلام محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، بـ"عيد البرية"، ناظمًا في هذا الجانب قصيدة حملت نفس العنوان، قال فيها:-

"عيد البرية عيد المولد النبوي

في المشرقين له والمغربين دوي

عيد النبى ابن عبدالله من طلعت

شمس الهداية من قرآنه العلوي

يا قوم هذا مسيحى يذكركم

لا ينهض الشرق إلا حبنا الأخوي

فإن ذكرتم رسول الله تكرمة

فبلغوه سلام الشاعر القروي".  

 

وما دمنا في لبنان فلا يعقل أن نغفل تلك الأبيات التي نظمها واحد من أبرز شعراء النصف الأول من القرن العشرين، وهو الشاعر الكبير شبلى الملاط، المعروف بـ" شاعر الأرز"، الذي عاش بين عامي 1878 و1961 ميلادية، ويقول فيها:-

"من للزمان بمثل فضل محمد

رفع الرسول عماد أُمة يعرب

وأعزها بالأهل والأصحاب". 

 

لم يكتفِ الشعراء المسيحيون بنظم أبيات يمدحون فيها رسول الإسلام محمدًا صلى الله عليه وسلم فقط، وإنما تجاوزوا تلك المرحلة ليعارض الشاعر السورى ميخائيل خير الله ويردي، المتوفى في عام 1945 ميلادية، قصيدة «نهج البردة» لأمير الشعراء أحمد شوقي، مهديًا للإنسانية بكل انتماءاتها الدينية جملة أبيات أقل ما توصف به أنها بالغة الرقة والجمال:

"أنوار هادي الورى في كعبة الحرم

فاضت على ذكر جيرانٍ بذى سلم

يا أيها المصطفى الميمون طالعه

قد أطلع الله منك النور للظّلم

صلى الإله على ذكراك ممتدحًا

حتى تؤم صلاة البعث بالأمم

رحلة مع شعراء الغرب".  

 

وإذا ما رحلنا إلى بلاد الغرب ستطالع أعيننا وتسمع آذاننا كلمات ليست أقل جمالًا وأروع رقة، سطرها شعراء وأدباء الغرب المسيحيون في حق رسول الإسلام محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم. 

 

 

الشاعر الفرنسي الشهير "لا مارتين" ويصف دراسته لحياة رسول الإسلام محمد بن عبدالله بأنها: "أعظم حدث في حياتي هو أنني درست حياة رسول الإسلام محمد دراسة واعية، وأدركت ما فيها من عظمة وخلود، إن الرسول والخطيب والمشرع والفاتح ومصلح العقائد الأخرى الذي أسس عبادة غير قائمة على تقديس الصور هو محمد، لقد هدم الرسول المعتقدات التي تتخذ واسطة بين الخالق والمخلوق".

واعتبر الشاعر الروسي الشهير "بوشكين"، أن حادثة شق صدر رسول الإسلام محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهو صغير في بادية بني سعد، بداية النور الذي بدد ظلمات القلوب، حيث يقول:"شق الصدر، ونزع منه القلب، وغسلته الملائكة، ثم أُثبت مكانه.. "قم أيها النبي وطف العالم، وأشعل النور في قلوب الناس".

 

إبراهيم غضنفر