رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


السُّمُوُّ الحضاري في مدح الشعراء المسيحيين للصادق الأمين

5-10-2022 | 22:29


نصر سمعان

أ.د. صبري أبوحسين

من الظواهر الثقافية الإيجابية والبانية والهادية والواقية في مُدَوَّنة الشعر العربي الحديث والمعاصر، إقبال كثير من الشعراء المسيحيين، من أبناء الحضارة العربية المُقيمة والمُهاجِرة، على مدح سيدنا محمد-صلى الله عليه وسلم- بأشعار تنويرية سامية راقية، تدل على نفوس صافية نقية، وعقول معتدلة مُنصفة، ووجدان رحيب، من أبرز هؤلاء الشعراء: خليل مطران(1842-1945م)، وشبلي شميل(1850-1917م)، ومحبوب الشرتوني(1855-1931م)، ونقولا فياض(1871-1930م)، وشبلي الملاط(1875-1961م)، ورشيد سليم الخوري(1887-1984م)، وحليم دموس (1888-1957م)، الملقب بـ«حسان»؛ تيمنًا باسم شاعر الرسول حسان بن ثابت، رضي الله عنه، وإلياس فرحات (1893-1976م)، وجورج صيدح (1893-1978م)، وحسني رشيد جرجيس غراب (1899–1950م)، وميشال المغربي(1901-1977م)، وإلياس طعمة(1903-1947م)، وميخائيل خيرالله ويردي(1904-1978م)، ونصر سمعان (1905-1967م)، وجورج ميشيل سلسلمي (1909-1968م)، ووصفي قرنفلي(1911-1971م)، وعبد الله يوركي حلّاق(1911-1996م)، ورياض المعلوف(1912-2002م)، وإلياس قنصل (1914-1981)، ، وجاك صبري شماس(1947م-2017م)،...وغيرهم، هذا إضافة إلى الشعراء المسيحيين الغربيين أمثال الفرنسي (ألفونس لامارتين1790-1869م)، والروسي(ألكسندر بوشكين(1799-1837م)...وغيرهما ! 

 

ومثل هذه الأشعار تحتاج منَّا في عصرنا هذا أن نكثر من تسليط الضوء عليها، وأن نزيد من عرضها على الأجيال الشابة في أوطان العروبة كافة، بكل وسيلة متاحة ومُمكنة؛ حتى نشيع هذه الروح الإنسانية العالية: روح الإنصاف، والاعتدال، والمواطنة، وروح التقريب بين أهل هذين الدينين السماويين، ومن ثم نُحارب نزعات التشدد، ونزعات التعصب، وأساليب الاستقطاب والإرهاب، التي تظهر كل حين، ويظهر ضررُها في أحداث مروعة وسلوكيات همجية، والتي يستغلها أعداء العروبة ودعاة الاتجاهات الأحادية الأنانية التدميرية والتخريبية، أولئك الذين يحاولون أن يجعلونا على شفا حفرة من التمزق والتشرذم، فنصير قبائل يغير بعضها على بعض، ونقع في فتن وقلاقل وفوضى، تصيب الجميع، وتنال من الجميع، وتقضي على وحدتنا وقوتنا!

 

وبقراءة بعض الأشعار المسيحية الخاصة بسيدنا محمد-صلى الله عليه وسلم- نجدها تنطلق من مرجعية ثقافية عربية واحدة، تنبني على احترام كل طرف للآخر، وتقوم على إعلاء قيم التعايش المشترك، والمواطنة الحقة للجميع! ومن الجميع! بعيدًا عن اختلاف الدين والعقيدة. 

ومن أبرز الرؤى الحضارية السامية في خطاب هذه الأشعار النبوية المسيحية، ما يأتي:

 

1- الصادقُ الأمين مُصطَفى الشرق:

 

رأى الشعراء العرب المسيحيون في الصادق الأمين-صلى الله عليه وسلم- أنموذج الإنسان المُبَرِّز والمُمَيَّز في الشرق، مثلُه في ذلك مثل المسيح عليه السلام، وأدلُّ دليل على ذلك قول الشاعر (رياض معلوف) معلنًا عن عظمة نبي الإسلام، وعن أخوته في النبوة لأخيه عيسى ابن مريم، عليهما السلام، ومشيدًا بالمآذن التي تفوق ناطحات السحاب، ومفتخرًا بمكة المكرمة:

 

يا رسولَ الأنامِ أنتَ وعيسى     خيرُ مَن يُصطَفَى ويُرجَى ويُقصَدْ

شرْقُنا باسمٌ بعيدِك زهوًا            شرْقُنا كلُّه بعيدِك عيَّدْ

أينَما سِرْتَ رُكَّعٌ لصلاةٍ           ودُعاءٌ كأنما الشرقُ معبدْ

يا لَتلك المآذنِ الشُّمِّ تعلو        ناطحات السحابِ فيها تُمجِّدْ

بوركتْ مكَّةُ وبُوركَ يومٌ          أنتَ فيه وُلدتَ للدِّينِ فَرْقدْ

وكفَى العُرْبَ فخرُهم بنبيٍّ         عبقريٍّ هو النبيُّ محمدْ

وفي قصيدة ثانية يقول شاعرنا (رياض المعلوف) مخاطبًا الصادق الأمين:

قُدْتَ شعبًا إلى تقًى وصلاحِ    هذه مَيزةُ الرجالِ العِظامِ

فاتخذتُ الكلامَ عنك بليغًا     إن شعري من وحيك المتسامي

وإذا ما أجدت فيك قصيدي      عاد فضلي إليك في إلهامي

 

وما أجمل أن يربط بين ذاته والذات النبوية! وما أجمل أن يجعل شعره من وحي رسولنا وإلهامه، صلى الله عليه وسلم! 

 

وهذا الشاعر (رشيد سليم الخوري)، يزيد بروز الرسول الخاتم من حيث المساحة، لتشمل الكون كله، حين مدحه، يوم مولده، بقصيدته "عيد البرية"، فقال:

عِــيــدُ  الــبَـرِيَّـةِ عِــيــدُ الـمَـوْلِـدِ الـنَّـبَـوِيّ      

فِــي الـمَـشْرِقَيْنِ لَــهُ وَالـمَغْرِبَيْنِ دَوِي

عِـيدُ الـنَّبِيّ ابـنِ عَـبْدِ اللهِ مَـنْ طلعَتْ      

شَـمْـسُ  الـهِـدَايَةِ مِــنْ قُـرْآنِـهِ الـعلوَي

بَــدَا  مِــنَ الـقَـفْرِ نُــورًا لِـلْـوَرَى وَهُـدًى     

 يَـــا  لِـلْـتَمَدُّنِ عَــمَّ الـكَـوْنَ مِــنْ بَــدَوِي

يَــــــا  فَـــاتِــحَ الأَرْضِ مَــيْــدَانـًا لِــدَوْلَــتِـهِ     

 صَـــارَتْ  بِـــلادُكَ مَـيْـدَانًا لِــكُـلِّ قَــوِي

يَـــــا  قَـــــوْمُ  هَـــــذا مَــسِـيـحِـيٌّ يُــذَكِّـرُكُـمْ      

لا يُـنْهِضُ الـشَّرْقَ إلاّ حُـبُّنَا الأخَـوِي

فَــــــإنْ  ذَكَـــرْتُـــمْ رَسُــــــولَ اللهِ تــكــرِمَــةً     

 فَــبَـلِّـغُـوهُ  سَـــــلامَ الــشَّــاعِـرِ الـــقَــرَوِي

 

فيعبر الشاعر القروي فيها عن كونه-صلى الله عليه وسلم- رمزًا عالميًّا، حيث عيد مولده عيد البرية، ولهذا العيد دوي وتأثير عال في المشرقين والمغربين، وفي هذا المولد الشريف الهداية والنور والتمدن للعالَم كله، ويُبيِّن شاعرنا الأثر القوي لكونه –صلى الله عليه وسلم فاتحًا، ويُذكِّر الدرس الأعظم من هذا الميلاد وهو أن المواطنة والحب الأخوي بين عنصري الأمة(المسلمين والمسيحيين) هو أساس نهضة الشرق، ثم يعلن في الختام عن تبجيله وتحيته للصادق الأمين! 

 

2- الصادق الأمين مُطبِّق للأخوة الإنسانية:

للشاعر المهجري الجنوبي (إلياس قنصل) قصيدة نونية طويلة تبلغ ثلاثة وثمانين بيتًا، يخاطب فيها المصطفى -صلى الله عليه وسلم- ويُمجِّد في أبياتها رُوح الأُخوَّة والمساواة والتسامح، التي تتحلَّى بها شخصيته وسيرته، يقول مخاطبًا إياه كأنه حاضر في مخيلته بنور القيم الحضارية السامقة، وبضياء السيرة الذكية العطرة:

إني ذكرتُك يا محمدُ ناشرًا

رُوحَ الأُخوَّةِ في بني الإنسانِ

يعلو "بلالُ" العبدُ أشرفَ قُبَّةٍ

ليُذِيع منها أشرفَ الألحانِ

حقُّ المواهبِ أن يُقدَّرَ أهلُها

لا فرقَ في الأجناسِ والألوانِ

إني ذكرتُك يا رسولُ مُقابلاً

أسراكَ أسرى الشكِّ والعِصيانِ

لم يَظْفروا بكَ مِثْلما رَغِبوا ولو

ظَفِروا لجدَّ الحقدُ بالغَلَيانِ

وظفرتَ أنتَ فلم تشأْ تجريمَهم

أو رميَهُم بمَعرَّةٍ وهَوانِ

وبنيتَ أعظمَ دولةٍ نَشرَتْ على

قاصي الوجود صلاحَها والدَّاني

 

فرسول الله –صلى الله عليه وسلم- في نظر شاعرنا المسيحي المنصف-معلن للأخوة البشرية، ومُقدِّر للمواهب، مهما كان لون أصحابها أو جنسهم! ومُكرِّم للأسرى من المشركين الذين شملهم رسول الله  –صلى الله عليه وسلم- بعفوه وسماحته وجوده، فالإنسان أخو الإنسان أيا كان دينه أو لونه أو موطنه! ورسول الله الخاتم - في نظر شاعرنا المسيحي المنصف-هو باني دولة الصلاح المنتشر في كل أرجاء البلاد: قاضيها ودانيها! ويقرر شاعرنا هذا المعنى، في قصيدة ثانية بائية فيقول:

 

يقابلُ بالصبرِ الجميلِ ضغائنًا         

تَمادى بها وغدٌ يسُبُّ ويَثلُبُ

ويعفو عن الأسرى وكان وعيدُهم    

 بما في نواياهم من الثأرِ يُلهبُ

إذا جاءه الملهوفُ فهْو له أخٌ       

 وإنْ جاءه المحرومُ فهْو له أبُ

صفاتُ نبيٍّ أحسنَ اللهُ خلْقَه         

نفوسُ الورَى من رِفْدِها تَتَهذَّبُ

 

فنبي الإسلام عفو غفور، سمح نبيل، حكيم، يخفف عن الضعاف ويعطي المحرومين! 

 

3- التطابق بين عيسى ومحمد، عليهما السلام

فالربط بين عيسى ومحمد-عليهما السلام-، والنظر إليهما نظرة عاقلة هادية، لا تكاد تخلو منه قصيدة مسيحية في مدح الصادق الأمين، ونجد ذلك جليًّا في قول الشاعر (حسني رشيد جرجيس غراب) مخاطبًا النبي الأعظم:

شعلة الحق لم تزلْ يا محمدْ      

منذُ أضرمْتَ نارَها تتوقَّدْ

جئتَ والناسُ في ضلالٍ وغَيٍّ   

  ومن الهدْي في يديكَ مُهَنَّدْ

فإذا الأرض غيرُ ما كنت تلقى     

وإذا الناسُ غيرُ ما كنتَ تَعهدْ

وكما كنتَ كانَ عيسى على        

الباطل والتابعين سيفًا مُجرَّدْ

لم ير الكونُ فاديًا مثل عيسى        

لا ولا ضمّ هاديًا كمحمدْ

 

ونجد ذلك المعنى الحضاري الفريد في شعر الشاعر(رشيد سليم القروي) من قصيدة ميمية مطولة، حيث يقول:

أكرِّم هذا العيدَ تكريمَ شاعرٍ       

 يَتِيهُ بآياتِ النبيِّ المُعظَّمِ

ولكنني أصبو إلى عيدِ أمةٍ       

مُحرَّرة الأعناقِ مِن رقِّ أعجمِ

إلى عالَمٍ من نسجِ عيسى وأحمدٍ    

 وآمِنَةٍ في ظلِّه أختُ مريمِ

 

فهو هنا ينبذ التعصب والتطرف، والخضوع للسيطرة الأجنبية، ويرفض أن يفرض هذا التعصب على أبناء الأمة العربية الواحدة، ويؤكد أن الرسول محمدًا -صلى الله عليه وسلم- هو باعث هذه الأمة الأول، ومُوَحِّدها بدينه ودعوته...

4- الصادق الأمين منقذ العروبة:

 

ونجد هذا المعنى عند شاعر القطرين (خليل مطران) معبرًا عن أثر رسول الإسلام- صلى الله عليه وسلم- في محاربة الجهل والشرك وإقامة العدل والإحسان إلى أهل الكتاب؛ حيث يقول:

بأيِّ حلمٍ مُبيدِ الجهلِ عن ثقةٍ   

وأيِّ عزمٍ مُذلِّ القادةِ الصِّيدِ

أعاد ذاك الفتى الأمِّيَّ أُمَّتَه  

 شملاً جميعًا من الغُرِّ الأماجيدِ

وزاد في الأرضِ تمهيدًا لدعوتِهِ     

بعهدِهِ للمسيحيينَ واليهودِ

 

فالصادق الأمين صنع أمة غرَّاءَ بالعلم والدعوة والقوة والسماحة عن طريق الجمع بين عناصر الأمة وأطيافها...

 

وهذا الشاعر السوري (وصفى قرنفلي) يصف الصادق الأمين -صلى الله عليه وسلم- بـ«منقذ الشرق»، في قوله:

 

أو ليس الرسول منقذَ هذا الـــ      ـــشرقِ من ظُلْمةِ الهَوى والهوانِ

أَفَــكُـــنَّــا لولا الرسولُ سِوى            العُبدانِ بئستْ معيشةُ العُبدانِ

 

وفي هذا المعنى نفسه نجد الشاعر (إلياس فرحات) يزهو بأنوار النبوة، وآثارها في القضاء على الجهل والخرافات وانتشار ضياء المعرفة والحضارة واليقين، فيقول:

غمر الأرض بأنوار النبوةْ     كوكبٌ لم تُدرك الشمسُ علُوَّهْ

لم يكد يلمعُ حتى أصبحتْ     ترقبُ الدنيا ومَن فيها دُنُوَّهْ

بينما الكونُ ظلامٌ دامسٌ      فُتحتْ في مكةٍ للنورِ كُوَّهْ!!!

وطمى الإسلام بحرًا زاخرًا           بأواذيِّ المعالي والفُتُوَّهْ

مَن رأى الأعرابَ في وثبتِهم      عرفَ البحرَ ولم يجهل طُمُوَّه

إن في الإسلام للعرْبِ عُلًا       إن في الإسلامِ للناسِ أُخُوَّهْ

يا رسولَ اللهِ إنَّا أمةٌ           زَجَّها التضليلُ في أعمقِ هُوَّهْ

ذلك الجهل الذى حاربته         لم يزلْ يُظهر للشرقِ عُتوَّهْ

قل لأتباعك: صلوا وادرسوا      إنما الدينُ هدًى والعلمُ قُوَّهْ

فما أحوجنا إلى أنوار النبوة الخاتمة، وما فيها من معالم المعالي والفُتُوَّة، وما أحوجنا إلى هُدَى هذه الرسالة وما فيها من علم وقوة!

فالعروبة هي الجامع الأكبر والمُشتَرَك الأعلى بين المسيحيين والمسلمين، باعتبارها الوطن الكبير، ومن ثم نجد حبَّها والانتماء إليها حاضرًا في الشعر العربي المسيحي بقوة؛ فهذا الشاعر المهجري الشمالي (محبوب الخوري الشرتوني) يقول:

قالوا تحب العُرْب؟ قلت: أحبهم       يقضى الجوارُ عليَّ والأرحامُ

قالوا: لقد بخلوا عليك، أجبتهم:     أهـلي، وإن بخلوا عليَّ كِرامُ

ومحمـد بطـل البرية كـلِّها    هـو للأعـارب أجمعـين إمامُ

 

ومن جميل الرؤى العروبية دعوة الشعراء المسيحيين إلى الاهتمام بقضية العرب الكبرى، يقول الشاعر (جورج صيدح):

يا من سريتَ على البُراق وجُـزت أشواط العَنانْ

آنَ الأوانُ لأنْ تُجـــدّدَ ليلةَ المعـراجِ .. آنْ

عرّجْ على القُدْسِ الشريـفِ ففيهِ أقـداسٌ تُهـانْ

 

فبَيِّنٌ أن الشاعر دارسٌ السيرة النبوية الشريف بعمق، ومُوظِّف لأبرز أحداثها، ورابطٌ بينها وبين واقعنا العروبي المنكسر الأليم!

5-الدعوة إلى أخذ المصريين بأسباب النهضة:

ونجد ذلك في قصيدة (خليل مطران) التي نظمها سنة ١٩١١م، يحيّي بها العام الهجري ١٣٢٩هـ، ويخاطَب فيها شباب مصر ويدعوهم إلى الاعتبار بما في هجرة الرسول الكريم من المعاني الجليلة، والأغراض السامية، يقول في مطلعها:

هلَّ الهلال فحيُّوا طالعَ العيدِ     حيُّوا البشيرَ بتحقيقِ المواعيدِ

يا أيها الرمزُ تَستجلي العقولُ به    لحكمةِ الله معنًى غيرَ محدودِ

كأن حُسنك هذا وهْو رائعنا        حُسن لبكرٍ من الأقمار مولودِ

ثم يقول:

أيْ مُسلمي «مصر» إن الجِدَّ دينُكمُ     وبئس ما قيل: شعبٌ غيرُ مجدودِ

طال التقاعس والأعوام عاجلةٌ          والعام ليس إذا ولَّى بمردودِ

هُبُّوا إلى عملٍ يُجدِي البلاد فما         يُفيدها قائل: يا أمَّتي سُودي

سعيًا وحزمًا فودُّ العدل ودُّكم        وإن رأى العدلَ قومٌ غيرَ مودودِ

تعلَّموا كلَّ علم وانبغوا وخذوا           بكلِّ خُلْقٍ نبيهٍ أخذَ تشديدِ

فكُّوا العقول من التصفيد تنطلقوا         وما تُبالون أقدامًا بتصفيدِ

وما كانت هذه الدعوة من شاعر القطرين إلا لأن في نهضة مصر نهضة الشرق كله، يقول:

أبناء «مصر» عليكم واجبٌ جلَلٌ           لبعثِ مَجدٍ قـديمِ العـهدِ مـفـقـودِ

فليرجع الشرقُ مرفوعَ المقامِ بكمْ          ولْتُزهَ «مصرُ» بكم مرفوعةَ الجِيدِ

 

... هذا، وهناك الكثير من الرؤى الإيجابية الهادفة في الشعر العربي المسيحي الدائر حول الذات النبوية الشريفة الخاتمة، وهي تحتاج إلى مزيد من المقالات والأُطروحات التي تعيش معها وفيها، وتعلن عنها؛ لما فيها من تنوير ثقافيٍّ وإنهاض فكريٍّ وصيانةٍ وحمايةٍ لعقول الأجيال الشابة والقادمة من أبناء وطننا وعروبتنا، بإذن الله تعالى وتوفيقه...