ستدفع بك بعض المواقف لإغلاق بابك بقوة في وجه العابثين، ستتخذ قرارك بقطع العلاقات مع كل شخص مر في طريقك ناسجًا لك من زيفه وكذبه رداءً جديدًا، فهو البارع في الضغط على نقاط ضعفك بكل مكر ودهاء.
طيبتك الزائدة ستجعلك تتأخر كثيرًا في اتخاذ القرار، لأنه اعتاد الخداع فسوف يتمكن من امتلاكك مستغلًا حسن نواياك لفترة طويلة، لكن صدقني إن الحل الوحيد هو توجيه تلك الركلة القوية والأخيرة لكل المزعجين الذين يمتصون طاقتك بلا توقف، وكأنهم أصيبوا بالسعار.
لقد تمكن بسحره القوي وبتأثيره الذي يشبه المخدر أن يجعل عينيك ترى كل نواقصه إخلاصًا ووفاء، إنه بارع حقًا، نحن ما زلنا نحكم بقانون الطيبين على كل من يمر بحياتنا لنجد أنفسنا فجأة وسط نيران الحيرة نتألم ونتعذب ثم نلجأ بعدها لاتخاذ القرار بعد أن نفدت كل محاولات الإصلاح وتعديل المسار.
اذكر جملة كانت ترددها إحدى قريباتي، وكنت أشعر بالضيق حقًا كلما ذكرتها، لكنها في النهاية أثبتت صحة نظريتها حتى بعد أن غادرت عالمنا وذهبت إلى دار الحق، لقد كانت تؤكد أن طيبتنا الزائدة التي تصل بنا إلى حد السذاجة التي تجعلنا نحكم حكمًا سريعًا على كل من نقابله فيبتسم في وجوهنا على أنه إنسان طيب، ومثالي دون التعمق والتدقيق في الحكم عليه، كأنما نختصر الزمن لأجله، وهو لم يكن سوى جلادنا، ونحن لا ندري.
علينا أن نمنح أنفسنا مدى زمنيًا مناسبًا نتمكن بعده من إصدار الحكم على العابرين، ليس عيبًا أن نفسح للشك مجالًا ليس جرمًا أن نطل بين الحين والآخر على خريطة نواياهم لندقق مرارًا في وعورة طرقهم المضللة، من حقنا أن نسيئ الظن ولو لبعض الوقت، فليس كل ما يلمع ذهبًا.