د. هبة سعد الدين,
ساذج من يتخيل أن طريق الضحك سهل وقصير، وهو يعمل تحت شعار "سأضحكك وأجرى"؛ لأن الضحك يحتاج إلى خارطة للبحث عن الجديد والمبتكر، والبحث فى التفاصيل ليمكنه رسم صورة متكاملة للضحكة يمكنها أن تمشى وتقف وتتجول فى المكان، لذلك رغم غزارة الإنتاج الكوميدي هذا العام وتجاوزها 60% من الإجمالى، إلا أن ذلك لا يعنى أن الأفلام أصابت الهدف وحصلت على الضحك أو حصدت شباك التذاكر، فالكثير منها اكتفى بالاستسهال وظن أنه بمجرد أن يتم إخبارك أن الفيلم كوميدي ستذهب للسينما وتضحك!
ولذلك اختفوا سريعاً وكأنهم لم يكونوا، ولم يصمد بعضهم فى دور العرض أسبوعين، فقد تصورا أن الكوميديا مواقف غير منطقية وبعض الإفيهات وممثلين لا خلاف على كوميديتهم، وتخيلوا أن الجميع ينتظر وسط كل ما يحدث "الإلهاء" ولو ساعتين.. فمن الذى لا يريد ضحكة؟ لكنهم خسروا الرهان الذى اعتقدوا أنه آمن!
ورغم أن قلة فقط من حصدت نوط الضحك الجماهيرى هذا العام، وعرفت طريقها نحو الضحك؛ فاختارت "الحركة دى"، أو شعار "الغزالة رايقة" أو اسم "هاشتاج جوزونى" وغيرها من الابتكارات، إلا أن ذلك لا يكفى للاستمرار فى الذاكرة، ولا أتصور استفتاءً عن الأفلام الكوميدية يشمل كل هذا الضحك.
والواقع الذى حدث منذ فترة ليست ببعيدة يؤكد ذلك، فرغم العهد الكوميدى بين رامز جلال وجمهوره وحصاده فى شباك التذاكر كل مرة، إلا أن استفتاء مهرجان الإسكندرية حول المائة فيلم كوميدى لم يشمل أياً منها؟ وكذلك أفلام حلمى لم ينجح منها سوى "كده رضا"؛ والأفلام الأخرى ارتبطت باسم المخرج سعيد حامد "رشة جريئة" و"صعيدى فى الجامعة الأمريكية" و"همام فى أمستردام" و "جاءنا البيان التالى"، ولن نتطرق لأسماء أخرى باعتبارهم من الجنس الكوميدى، بل كان الاختيار لتجارب حديثة قليلة، أتقنها المخرج أحمد الجندى ومكى، وكذلك بعض تجارب الثلاثى شيكو وهشام وفهمى "المتْقَنة"!
واتجه الاختيار بنسبة تتجاوز 70% نحو الخمسينيات والستينيات؛ ذلك ما يطرح السؤال عن الكم الضاحك كل عام الذى لا يصمد للاختبارات على مر السنين؟ ولماذا عاشت الضحكة "القديمة" فى زيها الأبيض والأسود ولا تزال؟ والإجابة بسيطة كبساطة صنعها "المتْقَن"، فقد كانت الشخصية وحوارها ومواقفها وتصرفاتها تصب فى الضحكة المرسوم خطواتها؛ فتعرف جيداً خط سيرها ولذلك "كوميديانات" ذلك الزمن كانوا فى إطار لوحات سينمائية يمكنك أن تبحث فى كل مرة عن تفاصيلها فتضحك.