رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


المسرح ومهرجانه القومي (2)

6-8-2017 | 13:53


بقلم: د.عمرو دوارة

سجلت في العدد قبل السابق (المقال الأول عن المهرجان القومي) اعتراضي على إصرار كل رئيس جديد لدورة من دورات "المهرجان القومي للمسرح المصري" على تغيير بعض بنود اللائحة الأساسية للمهرجان أو إجراء تعديلات محورية على بعض بنودها بمجرد توليه المسئولية !!. في الدورات الأخيرة - على سبيل المثال - قام رئيس المهرجان بتنفيذ بدعة جديدة وهي إطلاق أسماء بعض كبار الفنانين على جوائز المهرجان، وكان اعتراضي حينذاك ليس على الفكرة في حد ذاتها ولكن على أسلوب تنفيذها وكيفية اختيار أسماء كبار الفنانين وتوظيفها، فرفضت بشدة أن يطلق اسم النجمتين سناء جميل وعايدة عبد العزيز على الجائزة الثانية للأدوار النسائية!!، أو إطلاق اسم كل من الممثلين القديرين عبد السلام محمد وماجدة الخطيب على جوائز النجوم الصاعدة!! أما هذا العام فاعتراضي بالدرجة الأولى على تغيير هوية المهرجان وأهدافه الأساسية.

قام د.حسن عطية (رئيس الدورة العشرة) هذا العام أيضا بإجراء كثير من التعديلات الأساسية على اللائحة، لينحرف بالمهرجان عن مساره الأساسي وأهدافه الرئيسة، وكما صرح بنفسه في المؤتمر الصحفي أن الهدف من ذلك هو: تقديم "فورم" (شكل) جديد للمهرجان يخرجه من إطار "مسابقة قومية" ليصبح تظاهرة مسرحية ثقافية ذات بعد عربي !!، تقدم للمتلقي إطلالة بانورامية واسعة علي المشهد المسرحي !!، ومما لاشك فيه أن الانطلاق بالمهرجان نحو آفاق مسرحية جديدة ليصبح مهرجانا للمسرح العربي قد يستدعي بالضرورة تغيير اسمه إلى "المهرجان القومي للمسرح العربي" !!.

أعلم ومتأكد تماما - وطبقا للأوراق التي تحت يدي - أن د.حسن عطية كانت لديه رغبة عارمة مع بدايات هذا العام في تنظيم مهرجان جديد للمسرح العربي برئاسته مع منح الرئاسة الشرفية لسيدة المسرح العربي سميحة أيوب - وهى رغبة مشروعة بالطبع - وقد قام بالفعل بتقديم مشروع لوزارة الثقافة، ولكن بعض كبار المسئولين والمسرحيين اعترضوا على الفكرة نظرا لوجود مهرجان آخر بنفس العنوان والأهداف والتوجهات، خاصة وأن مهرجان "المسرح العربي" الذي أسسته "الجمعية المصرية لهواة المسرح" مع بداية الألفية الجديدة قد حقق نجاحا كبيرا بتكامل دوراته التي وصلت للدورة الخامسة عشرة، كما نجح من خلال دوراته المتتالية في تحقيق أهدافه واستضافة كبار رواد وأعلام المسرح العربي وأيضا كبرى الفرق العربية، وذلك بالرغم من أن تكلفته الإجمالية كل عام لا تتجاوز خمسين أو ستين ألف جنيه فقط، وذلك لاعتماده على روح الهواية والتطوع، خاصة وأن الجمعية ومنذ عام 2015 تقوم سنويا بتنظيمه برعاية وزارة الثقافة وبالتنسيق مع قطاع الإنتاج الثقافي.

هل أراد د.حسن عطية بمجرد توليه مسئولية رئاسة دورة هذا العام للمهرجان القومي للمسرح المصري أن يحقق رغبته العارمة فقرر أن يعطيه بعدا عربيا ؟؟!!، فقام بتغيير اللائحة - دون عرضها على لجنة المسرح بالمجلس الأعلى للمسرح - كما قام باختيار إمارة "الشارقة" ضيف شرف المهرجان مع استضافة عرض من دولة الإمارات العربية المتحدة !!، وعرضين من عروض "مسرح الشارع" من دولة العراق الشقيق !!، وذلك بخلاف قراره بضم أحد المسرحيين العرب إلى عضوية لجنة التحكيم !!، وإتاحته الفرصة للنقاد العرب أيضا للمساهمة بمسابقة النقد. ومما لاشك أن تلك الإضافات الجديدة تفقد مهرجان المسرح المصري هويته، وتجعل انشطته تتداخل وتتقاطع مع أنشطة وفعاليات ثلاثة مهرجانات أخرى هي: "مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي"، "مهرجان المسرح العربي"، "مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي".

برصد وتحليل أهم الإضافات والتعديلات التي أضيفت هذا العام لفعاليات المهرجان نجد أن اختيار دولة عربية لتكون ضيف شرف المهرجان ربما يفتح الباب أيضا خلال السنوات التالية إلى إهداء المهرجان ببعض دوراته القادمة لاسم إحدى الشخصيات العربية المرموقة!! كما أن استضافة بعض العروض العربية يكون غالبا على حساب حرمان بعض العروض المصرية الراغبة بالمشاركة بفعاليات المهرجان، خاصة ونحن نعاني من كثرة عدد الفرق وندرة دور العرض.

طبقا للتعديلات والإضافات التي أجريت على اللائحة العامة هذا العام استحدثت إدارة المهرجان مسابقة للمقال النقدى، وطبقا لشروطها على كل ناقد يرغب في المشاركة أن يتقدم بمقال نقدي واحد سبق نشره فى إحدى الصحف المصرية أو العربية، خلال الفترة من أول مايو عام 2016 وحتى أول مايو 2017 وهذا في حد ذاته هدف نبيل أتفق معه تماما، ولكن للأسف فقد تضمنت شروط المسابقة أيضا إمكانية مشاركة النقاد العرب !!، والحقيقة أنني أختلف تماما مع هذا التوجه الذي لا مبرر له، فالمهرجان للمسرح المصري وبالتالي يجب أن يتم حصر المسابقة على مشاركة النقاد المصريين، كما كنت أفضل أن تقتصر المسابقة على مقالات النقد التطبيقي للعروض المصرية فقط أو تلك التي تتناول بعض القضايا الخاصة بالمسرح المصري بصفة عامة. وأقترح في هذا الصدد ألا يتم حصر مجال المسابقة بالدورات القادمة بإذن الله على التنافس بمقال واحد لكل ناقد، بل يكون تقييم اللجنة شاملا لإسهامات ومقالات كل ناقد على مدار العام.

بمناسبة النقد والنقاد أؤمن تماما بضرورة تشجيع الشباب ومنحهم الفرص كاملة، ولكنني أؤمن أيضا بضرورة تحقيق فكرة توصل الأجيال وتبادل الخبرات، والحقيقة أنني للأسف بجميع الفعاليات التي أعلن عنها بهذه الدورة افتقدت أسماء عدد كبير جدا من كبار نقادنا ومن بينهم - على سبيل المثال فقط وليس الحصر - الأساتذة: د.كمال عيد، عبد الغني داود، عبد الرازق حسين، عاطف النمر، حسن سعد، زينب منتصر، د.سيد علي إسماعيل، د.أحمد سخسوخ، د.رضا غالب، د.سيد الإمام، د.عصام عبد العزيز، أحمد عبد الرازق أبو العلا، د.حسام عطا، د.سيد خطاب، د.سامية حبيب، ناهد عز العرب، إبراهيم الحسيني، يسري حسان، محمود الحلواني وآخرون من أصحاب الأقلام النقدية المهمة أيضا.

تمر "مصرنا" بظروف صعبة جعلت الدولة ترفع شعار ضرورة التقشف وترشيد النفقات في جميع أوجه الصرف للأنشطة المختلفة"، وفي هذا الصدد يجب علينا كمثقفين أن نعي دورنا في ترشيد الصرف لصالح الأنشطة الثقافية الحقيقية والتي تخدم الجموع من دافعي الضرائب، لذلك يجب توجيه الشكر لوزير الثقافة وجميع المسئولين الذين رفضوا طلب إدارة المهرجان القومى للمسرح المصري بزيادة الميزانية المخصصة لدورة هذا العام والمقدرة بمليون وثلاثمائة ألف جنيه - بخلاف بعض الدعم العيني - إلى خمسة ملايين جنيه، وبمقارنة سريعة مع الدورة الخامسة عشرة لمهرجان "المسرح العربي" والتي عقدت في أبريل الماضي برعاية وزارة الثقافة والإشراف المالي الكامل لقطاع الإنتاج الثقافي برئاسة المخرج الفنان خالد جلال - التي استضافت مائة فنان عربي يمثلون عشر دول عربية - نجد أن ميزانية المهرجان لم تتعد الخمسة والسبعين ألف جنيه، معنى ذلك أن ميزانية هذه الدورة دون أي زيادة تكفي لتنظيم ما يقرب من عشرين دورة من دورات مهرجان "المسرح العربي" !!!!!

كشف الفيلم التوثيقي الذي قدم بحفل الافتتاح من إنتاج "المركز لقومي للمسرح والفنون الشعبية" مدى عشوائية القرارات وتخبط إدارة المهرجان، حيث أصدرت بيانا تستنكر به ما جاء بالفيلم بأن ثورة يناير هي مجرد اضرابات وليست ثورة !! وتضمن البيان أن الإدارة تعلن رفضها التام لما جاء بالفيلم، ثم سرعان ما أصدرت بيانا آخر تؤكد فيه أن إدارة المهرجان لا تزايد على المركز القومي للمسرح وأنها تثق في حسن نوايا القائمين عليه، وأنها بعد مراجعة الفيلم لم تر فيه كلمة تسيء لثورة يناير!! ويتضح مما سبق أن الإدارة لم تشاهد الفيلم حتى الآن وتعتمد على السمع فقط.