زوجات الأدباء.. عظيمات في الظل!
«وراء كل عظيم امرأة».. مقولة تنطبق علي كثير من الزوجات اللاتي يتوافر فيها حياتهن الحب والود والعطاء، ويزداد الأمر أهمية، حينما يكون الزوج، من تلك النوعية التي تحتاج إلى أجواء خاصة، ومعاملة مختلفة، وفهما دقيقا لطبيعة عمله، لا سيما إذا كان أحد الموهوبين، الذين يعتمد عملهم على الإبداع.
وتعاني زوجات الأدباء، من صعوبات لا تتحملها الكثيرات من السيدات الطبيعيات؛ الأمر الذي يجعلهن بحاجة إلى سمات شخصية خاصة جدا، يستطعن من خلالها تحمل جنون الموهبة، وجنوح خيال شريك الحياة، وهو ما يجبر هذه الزوجة على الصبر والتحمل، بالإضافة إلى ضرورة التمتع بقدر هائل من الحنان والتفهم، فمن من الأدباء الكبار الذين اكتظ بهم التاريخ العربي، حظي بتلك المرأة العظيمة التي وقفت وراء نجاحاته، وتحملت شطحاته.
أحمد شوقي
كان أمير الشعراء أحمد شوقي، من هؤلاء الذين حظوا بتلك المرأة التي قال عنها يحيى حقي: «كان مما أعانه ـ يقصد شوقي ـ على الانطلاق في الحياة؛ أن الله سبحانه وتعالى، أكرمه بزوجة صالحة، ساندته بمالها، ولم توجه له يوما أخف لوم، رغم أنه كان جديرا، في أحيان عدة، بلوم كثير، ولو كنت من الناشرين لهممت بكتابة اسمها، إلى جانب اسمه على ديوانه، فلو كان مكان هذه الزوجة زوجة عبوس غضوب، لتلجلج لسان أحمد شوقي، وعجز عن إبداع كل هذا الشعر الجميل».
خيري شلبي
الكاتب الراحل خيري شلبي، المشهور عنه الكتابة في المقابر، لديه زوجة تحملت طباعه الغربية في الكتابة، التي تبعده أياما وشهورا عن عائلته، وهي الشابة رائعة الجمال، ورغم ذلك أعانته وفق ما قررته ابنته ريم، دون تململ أو كلل. وتفرغ هو للكتابة وإتمام مشروعه الأدبي.
ولم تكتف زوجة شلبي بهذا، بل أنجبت له 4 أبناء وربتهم على خير وجه، وبالتالي أنفق هو عمره لتكوين ثروة هائلة لها، ولأبنائه، وصلت لأكثر من 70 كتابا ما بين الرواية، والقصة، والمسرحية، والنقد.
إبراهيم عبدالمجيد
ويقول الكاتب إبراهيم عبدالمجيد: «زوجات الأدباء من المبشرات بالجنة»، وهي إشارة لما قد تكون عانته زوجته، في رحلتها معه ككاتب وروائي فيقول: «حين تؤمن المرأة بقيمة ما يفعله الرجل؛ يستطيع أن يجابه المستحيل، والأدباء والمبدعون عادة، خارج حدود المنطق، ولهم عالم مواز لعالمهم هو ما يكتبونه، فيعيشون فيه أكثر مما يعيشه من حولهم، فتخيل صبر المرأة على ذلك، وهذه نعمة إذا توافرت للكاتب أبدع وتقدم في إبداعه، وكذلك تخيل أنت امرأة تصبر على عشق الكاتب لعشرات النساء اللاتي يكتب عنهن، وتدرك أنهن جميعا من خيال يصل الأمر به أن يكون حقيقة أثناء الكتابة فينادي الكاتب زوجته أحيانا باسم شخصية نسائية يكتب عنها، أو تضعها المصادفة أمامه وهو يكتب وترى حزنه حقيقيا على قصة فراق».
طه حسين
وفي قصة حياة عميد الأدب العربي، طه حسين، نموذج لإيثار الزوجة، سوزان الفرنسية، التي تعرفت عام 1915 على ذلك الشاب المصري الكفيف، فكانت عينيه التي يرى بهما العالم، فساعدته على إتمام دراسته، وتغلبت معه على مصاعب الحياة، فعاشت الرفيقة والحبيبة والأم.
وكتب طه حسين عنها في نهاية الجزء الثاني من رائعته الخالدة «الأيام» يصفها بأنها «الملاك» الذي بدّل حياته، من البؤس إلى النعيم، ومن اليأس إلى الأمل.
ماركيز
أما «مرسيدس» زوجة جابريل جارسيا ماركيز، فهي زوجة وفية، لولاها لما خرجت رواية «مائة عام من العزلة» إلى النور، وهو ما أكده ماركيز ذاته، حين أشار إلى أنها رهنت السخان الكهربائي، ومجفف الشعر، والمفرمة؛ لتسديد المستحقات البريدية، لإرسال الجزء الأول من رواته إلى الناشر في الأرجنتين ولم يتبق في منزلهما أي شيء.
تولستوي
ولا يمكن للتاريخ أن ينسى صوفيا الجميلة، زوجة تولستوي، التي عاشت معه ما يقارب نصف قرن، وأنجبت له 13 ابنا، ونسخت له بيدها «الحرب والسلام»، و«أنّا كارنينا».
ديستويفسكي
ومن المثير للشفقة، ما فعلته زوجة ديستويفسكي له؛ وما تحملته بصبر كبير من مقامرات زوجها، حتى وصل به الأمر إلى رهن ثيابها، وظلت على وفائها له بعد مماته.