قالت د. هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية إن تقييم التجربة التنموية المصرية والنظرة المستقبلية لها ينبغي ألا يتم بمعزل عن المتغيرات الدولية المحيطة.
جاء ذلك في كلمة للسعيد خلال مشاركتها في جلسة بعنوان "السياسات المطلوبة لتعزيز قدرة الاقتصاد المصري على مواجهة الأزمات"، خلال فعاليات اليوم الأول للمؤتمر الاقتصادي مصر 2022 الذي انطلق اليوم /الأحد/ ولمدة ثلاثة أيام، بتكليف من الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ بهدف التوافق على خارطة طريق اقتصادية للدولة خلال الفترات المقبلة، واقتراح سساسات وتدابير واضحة تسهم في زيادة تنافسية ومرونة الاقتصادي المصري.
ولفتت السعيد إلى التحديات العالمية والأزمات المتعاقبة التي تؤثر على الاقتصاد، ومن بينها: جاحة "كوفيد-19"، حيث لم يكد العالم يتعفى من تداعيات هذه الأزمة حتى ظهرت أزمة جيوسياسية مرتبطة بالحرب الروسية الأوكرانية، وما شهدته سلاسل التوريد من اضطرابات، وأزمة طاقة في أوروبا، وارتفاع في معدلات التضخم وكذلك في تكاليف الاقتراض.
وأشارت السعيد إلى أن هذه الأزمات تهدد بمزيد من مخاطر دخول العالم في ركود تضخمي، لافتة إلى أن الأزمات المتعاقبة أدت إلى فقدان العالم نحو 228 مليون فرصة عمل، وارتفاع مؤشرات الفقر العالمي حيث يتوقع انضمام 75 مليون شخص إلى فقراء العالم، مع ارتفاع نسبة الدين العام العالمي إلى الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 350%.
وأكدت السعيد أنه على الرغم من وصول معدلات النمو الحقيقي للاقتصاد المصري إلى معدلات موجبة ومرتفعة، إلا أن هذه المعدلات تتسم بعدم الاستدامة، حيث رغم تنوع الاقتصاد غير أن هناك تواضعا في مساهمة قطاعات الاقتصاد الحقيقي.
وحول أهم تحديات سوق العمل، شددت السعيد على أنه رغم انخفاض معدلات البطالة لأقل معدل منذ 20 عاما، حيث تراجع المعدل في الربع الثاني من 2022 ليصل إلى 2ر7% رغم تداعيات الأزمة الرسوية الأوكرانية، إلا أن هناك بعض التحديات تتمثل في: ارتفاع نسبة المتعطلات الإناث خاصة حملة المؤهلات الجامعية وما يعلوها لتصل إلى 5ر17% من إجمالي الإناث في قوة العمل في الربع الثاني من عام 2022، وارتفاع نسبة المتعطلين من حملة المؤهلات الجامعية وما يعلوها لتصل إلى 9ر14% من إجمالي قوة العمل في عام 2021، وارتفاع معدل البطالة في الفة العمرية من 15-29 عاما لتصل إلى 3ر16% من إجمالي قوة العمل في الربع الأول من عام 2022.
وأشارت السعيد إلى برامج الاصلاح الاقتصادي المتعاقبة في مصر بدءًا من عام 1991 حتى برنامج الاصلاح الاقتصادي عام 2016 والذي قامت الدولة من خلاله باصلاح مالي ونقدي، وإصلاح تشريعي من خلال إصدار حزمة من القوانين، وإصلاح هيكلي في قطاع الطاقة وتوجيه فائض الترشيد إلى الفئات الأكثر احتياجًا من خلال برامج الحماية الاجتماعية.
وسلطت السعيد الضوء على إطلاق الحكومة المصرية لأول مرة برنامج للاصلاح الهيكلي ، والذي يستهدف القطاعات الانتاجية الصناعة والزراعة وتكنولوجيا المعلومات، ويؤدي إلى زيادة مرونة الاقتصاد المصري ويجعله قابل لامتصاص الصدمات، لأنه سيكون اقتصاد حقيقي، قائم على المعرفة وقادر على المنافسة، ويهدف البرنامج إلى زيادة نسبة مساهمة القطاعات الانتاجية في النمو حيث كانت نسبتها عام 2019/2020 تصل إلى 26%، ومن المستهدف أن تصل النسبة إلى 35% عام 23/2024، وهي وصلت بالفعل إلى 30% .
وتطرقت السعيد إلى زيادة نسبة الصادرات الصناعية المصرية ذات المكون التكنولوجي المرتفع، والتي تستطيع المنافسة في الاسواق الدولية، إلى جانب تحسن ترتيب مصر في مؤشر الأمن الغذائي العالمي وزيادة الزراعة التعاقدية ، موضحة أنه تم اختيار قطاعات الصناعة والزراعة وتكنولوجيا المعلومات في برنامج الاصلاحات الهيكلية لأنها قطاعات واعدة قادرة على النمو السريع، ووزنها النسبي في الناتج المحلي كبير، ولديها قدرة على التشابك مع باقي القطاعات.
وأشارت السعيد محور رفع كفاءة ومرونة سوق العمل وتطوير منظومة التعليم الفني والتدريب المهني بالشراكة مع القطاع الخاص، موضحة أن هناك فجوة بين مخرجات العملية التعليمية واحتياجات سوق العمل، ويهدف البرنامج إلى زيادة نسبة الملتحقين بالتعليم الفني، واعتماد مدارس التعليم الفني دوليا لتغيير الصورة الذهنية لهذا التعليم، إلى جانب اطلاق منصة لمجالس المهارات القطاعية.
وفيما يتعلق بمحور تحسين بيئة الأعمال وتعزيز دور القطاع الخاص، أوضحت السعيد تطور استثمارات القطاعين العام والخاص من اجمالي الاستثمارات الكلية حيث وصلت نسبة الاستثمارات العامة عام 19/2020 إلى 62%، والخاصة إلى 38%، لافتة إلى أن نسبة المشتغلين بالقطاع الخاص تصل إلى 78,4%.
وتناولت السعيد الاجراءات المتخذة لتمكين القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي والمتمثلة في وثيقة تنظيم ملكية الدولة، سياسة الحياد التنافسي، انشاء صندوق مصر السيادي، تعديل قانون الشراكة مع القطاع الخاص رقم 67 لسنة 2010، إلى جانب تفعيل بعض مواد قانون الاستثمار الخاصة بالحوافز الخضراء، إلى جانب تحويل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لمركز صناعي لوجيستي عالمي.
وفيما يتعلق بمحور تنمية رأس المال البشري، أشارت السعيد إلى مبادرة "حياة كريمة" والتي تعتبر تطبيق عملي لمؤشر الفقر متعدد الابعاد وتشمل جميع أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر وعمل على توطين أهداف التنمية المستدامة، مؤكدة أنها أكبر مشروع تنموي في العالم وتهدف إلى تحسين مستوى خدمات البنية الاساسية والعمرانية، تحسين جودة خدمات التنمية البشرية، إلى جانب تحقيق التنمية الاقتصادية والتشغيل.
ولفتت السعيد إلى المشروع القومي لتنمية الاسرة المصرية، والذي يتم من خلاله لأول مرة التعامل مع القضية السكانية من منظور تنموي شامل، ويهدف الى الارتقاء بجودة حياة المواطن من خلال ضبط النمو السكاني والارتقاء بالخصائص السكانية، منوهة إلى تطور نصيب الفرد من الاستثمارات العامة والذي وصل إلى 90 ضعف خلال الاربعين سنة الماضية وانعكس بشكل أساسي على نوعية الخدمات المختلفة التي قدمتها الدولة للمواطنين، إلى جانب زيادة نسبة الاستثمارات العامة الخضراء والتي كانت 15% ثم وصلت العام الماضي إلى 30%، ونستهدف إلى 50% العام المقبل ، وكل هذه الاستثمارات ساهمت في تحسن وضع مصر في تقرير التنمية البشرية العالمي 2021/2022 حيث قفزت مصر 19 مركز في مؤشر التنمية البشرية العالمي ووصلت الى المرتبة 97 في التقرير.
وحول عملية تحديث رؤية مصر 2030، قالت السعيد إنها تستهدف مواكبة التغيرات والمستحدثات المحلية والدولية باعتبارها وثيقة حية ، والتأكيد على الاتساق والترابط بين الاهداف الاستراتيجية للرؤية واهداف التنمية المستدامة الأممية، واجندة افريقيا 2063، ومواكبة التغيرات التي طرأت على مؤشرات الاقتصاد المصري بعد تطبيق برنامج الاصلاح الاقتصادي، والتأكيد على ترابط الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة، مؤكدة أن رؤية مصر 2030 تعتبر وثيقة تشاركية تم إعدادها الحكومة ،المجتمع المصري، القطاع الخاص، المجتمع المدني، مراكز الفكر والابحاث والبرلمانيين والاعلاميين.