د. أمانى ألبرت,
أثار مقال الكاتبة الصحفية ليندا سليم، - تعقيباً منها على مقالي «احذر الشخصيات السامة»- داخلي رغبة جديدة للحديث حول نفس الموضوع، خاصة وقد طرحت جدليتها التي تقول «هل بالفعل ما نعايشه يؤكد ضمنيًا أن زمن الأخلاقيات ولى وانقرض؟ وأن البقاء حقًا سيكون للأدهى المتلاعب الذي يملك أدوات تجعل من يقف أمامه ليردعه خصمًا».
وقبل أن أبدي اعتراضي على ما تقول، لحقتها بعبارة «إن لم يكن محصنًا ومدركًا كيف يتعامل مع الأوبئة» فأثارت إعجابي بما كتبت.
حقًا قد يبدو في وقت ما، أن الأخلاقيات تتلاشى، وأن «الأدهى» يتراقص بخبث كالأفعى أمام الموسيقى ليقول أنا هنا، مستخدمًا أدوات الشر، مكشرًا عن أنيابه أو أنيابها القبيحة، ولكن صبرًا فهذا ليس كل شيء، هذا ما تبدو عليه الأشياء ولكن ليس شرطاً أن يكون هذا جوهر حقيقتها، فحتى تكتمل الصورة لا بد أن نضع في حساب المعادلة يد الله الحكم العدل، حتى لو لم نراها لحين، حتى فعلاً لو احتلت المشهد الشخصيات السامة «المريضة»، فهذا لا يعني أنه غير موجود في المشهد، لكنه ينظر منذرًا ومنتظرًا علها ترجع عن شرها أو فسادها، ومن رحمته أنه يعطيهم فرصة مرة ومرات، ولكن مع إصرارهم على نشر سمومهم يكونوا كمن يملأون مكيال عقابهم الذي يزداد يومًا فيومًا، فدائمًا هناك نهاية لكل أمر، والأهم هو كيف ستكون النهاية.
وهو ما أشارت إليه ليندا حينما قالت «نفوس تتبع أجندة شمطاء لم تكترث لنهايتها ولا حتى تؤمن أن الخلود لا يشملها، لما باتت عليه من كِبر نازعت فيه الرحمن "بغثاء أحوى" يشتد سواده في ظلمات شيدتها معاصيهم».
وصدقت الكاتبة الغالية، فالكِبر والتجبر إلى نهاية، وحتى لو تصدرت الشخصيات السامة المشهد، دعينا لا نفقد إيماننا بما تربينا عليه، فزمن الأخلاقيات لن ولم ينتهى حتى لو عمت وسادت فوضى مؤقتة.
تشير بقية المعادلة أن «ما يزرعه الإنسان إياه يحصد أيضًا»، من يصر أن يزرع الشر هو دون أن يدري يملأ مكيال إدانته، وما زلت عند نفس رأيي في عدم الانصياع والانخراط مع تلك الشخصيات، أما كما ذكرت «لو اضطررنا أن نتعامل أحيانا مع فُتات البشر بدون رغبتنا» فليكن، لنتعامل ونحن واقفين على قمة صخرة القيم والأخلاق والحق فهي أقوى، والحق أعلى صوتاً من أي أصوات أخرى كاذبة.