رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


القوات المسلحة وعبورٌ جديد لعصر ما بعد الإرهاب 5

31-10-2022 | 22:37


د.شريف درويش اللبان,

تمثلت مشكلة الدراسة المهمة التي أجراها د. مجدي عبد الجواد الداغر أستاذ الإعلام المساعد بكلية الآداب جامعة المنصورة في دراسة أُطر المعالجة الصحفية التي صاحبت العمليات العسكرية التى قامت بها القوات المسلحة المصرية ضد التنظيمات الارهابية والمعروفة بالعملية الشاملة "سيناء 2018"، بالمواقع الإلكترونية للصحف المصرية، إلى جانب ذلك فإن وجود قدر من التأييد المجتمعي لعملية مكافحة الإرهاب، والذي ارتبط بثورة الشعب ضد حكم "جماعة الإخوان" الإرهابية في 30 يونيو 2013، وما تلاها من "مليونية التفويض" التي دعا إليها وزير الدفاع آنذاك الفريق أول عبد الفتاح السيسي في 26 يوليو 2013، جعل سياسات مكافحة الإرهاب في الفترة التالية لفض اعتصاميْ رابعة والنهضة في 14 أغسطس 2013، تحظى بتأييد مجتمعي كبير.

فقد شهدت مصر عقب بيان 3 يوليو 2013 نمواً كبيراً فى عدد ونوعية الجماعات والتنظيمات المتطرفة، والتي باتت تهدد الأمن القومي المصري، وتعطل مسيرة التنمية فى مختلف قطاعات الدولة، واتخذت من شبه جزيرة سيناء ملاذاً آمناً لها، حيث تتبنى هذه التنظيمات الفكر الجهادى لسيد قطب مثل تنظيم "داعش"، و"أنصار بيت المقدس"، وتنظيم "حسم" و"لواء الثورة" التابعين لشباب "جماعة الإخوان" الإرهابية. ونظراً لتنامى المواقع الالكترونية دولياً وعربياً، وظهور عديدٍ من المواقع الإلكترونية ثم صدور المئات من الصحف الإلكترونية التي نشأت أساساً على شبكة الإنترنت، كان من الضروري البحث عن المعالجات التى تتم داخل هذه البيئة التفاعلية الجديدة، وخاصةً في قضايا الارهاب والتنظيمات الارهابية.

من هنا تبلورت مشكلة الدراسة في الكشف عن أطر المعالجة الصحفية للعمليات العسكرية التى تقوم بها القوات المسلحة المصرية ضد التنظيمات الارهابية في سيناء 2018 من حيث الممارسة المهنية والمعايير الأخلاقية، وتقويم أطر المعالجة الصحفية للمواقع الإلكترونية للعملية الشاملة "سيناء 2018".

ووفقًا لموضوع الدراسة، فقد بلغ عدد ما تم تحليله من صفحات إلكترونية بالصحف المصرية محل الدراسة نحو (185) صفحة إلكترونية، بإجمالي 292 موضوعاً تم تحليلها بكل من صحيفتيْ "الأهرام" و"المصري اليوم".

وقد خرجت الدراسة التحليلية بجملة من النتائج المهمة؛ فقد كشفت الدراسة عن تزايد حجم اهتمام الموقع الإلكتروني لصحيفة "المصري اليوم" بالعملية العسكرية المصرية "سيناء 2018" بنسبة (52.40)، فيما جاءت اهتمامات صحيفة "الأهرام" أقل نسبياً بنسبة (47.60)، وهو ما يفسر أهمية دورية التحديث الدوري والمتابعات الفورية عن تطور العمليات، والذي ساعد على تفوقها، مقارنةً بصحيفة "الأهرام".

وأشارت الدراسة إلى تعدد الأطروحات التي صاحبت الإعلان عن العملية الشاملة ضد التنظيمات الإرهابية في سيناء، حيث جاء موقع "الأهرام" الأعلى اهتماماً بموضوعات الانتخابات الرئاسية 2018، حيث خصص "الأهرام" صفحات كاملة لنقل أخبار الدوائر والأحداث المصاحبة ، بالإضافة الى متابعة ما يتعلق بأخبار المنافس موسى مصطفى رئيس حزب الغد، وصدى الانتخابات على المستوى الدولي.

وأوضحت الدراسة تصدُّر عمليات التخريب وتدمير المنشآت وتفجير الكمائن الأمنية قائمة قضايا الارهاب الأكثر اهتماماً بنسبة (22.26)، والعمليات الإنتحارية بنسبة (19.17)، والاغتيالات السياسية بنسبة (17.13)، وخطف واحتجاز الرهائن بنسبة (15.07)، والتهديد والقرصنة الإلكترونية بنسبة (14.73)، والسيارات المفخخة بنسبة(6.85)، والسطو ونهب الثروات بنسبة (4.79). وعلى مستوى صحف الدراسة تصدرت العمليات الانتحارية قائمة المعالجة الصحفية للعملية العسكرية الشاملة "سيناء 2018" بموقع صحيفة "الأهرام" بنسبة (35.25)، بينما تصدر التخريب وتدمير المنشآت والكمائن قائمة اهتمامات موقع صحيفة "المصري اليوم" بنسبة (26.14)، فيما جاء الاتفاق بين صحف الدراسة على أن التخريب وتدمير المنشآت والكمائن الذى تقوم به التنظيمات الإرهابية يُعد العمل الأخطر ضد قوات الجيش والشرطة، والقدرة على التخفي عن الجهات الأمنية.

 أظهرت الدراسة اتفاق صحيفتيْ الدراسة على أن العمليات العسكرية والتي استهدفت تصفية الخلايا الإرهابية في سيناء قد خلفت وجود قتلى وجرحى بنسبة (13.98)، يليها محاصرة جبل الحلال بنسبة (13.12)، واعتقال عناصر إرهابية في سيناء بنسبة (12.75)، ونقص المواد الغذائية بمدن سيناء بنسبة (12.69)، وتزايد العنف إزاء المواجهات العسكرية بنسبة (12.43)، وتعطيل العملية الدراسية بالمدراس والجامعات في العريش بنسبة (12.31)، وإغلاق الحدود مع غزة بنسبة (11.51)، وحظر التجوال فى العريش ورفح والشيخ زويد بنسبة (11.18)، الأمر الذى يشير إلى تعدد الموضوعات التي صاحبت العمليات العسكرية التى كانت تقوم بها القوات المسلحة ضد التنظيمات الإرهابية أبرزها تصفية عدد كبير من العناصر الإرهابية ومحاصرة جبل الحلال، وهو ما يؤكد نجاح العمليات التي يقوم بها الجيش المصري ضد التنظيمات الإرهابية والقضاء على كثيرٍ من عناصرها ، ومن ثم لجأت إلى الخروج نحو الواحات والدلتا، وعملت على استهداف الأمن الوطني والأقباط عام 2017.

أظهرت الدراسة اهتمام صحيفتيْ الدراسة بموضوعات الإرهاب فى مختلف دول العالم تقريباً، فيما تصدر النطاق المحلى بنسبة (69.17)، ثم المستوى العربي بنسبة (17.82)، والمستوى الدولي بنسبة (13.01)، وهو ما يشير إلى أهمية النطاق الجغرافي فى التغطية الإعلامية للأحداث الارهابية، باعتبارها أحداث مهمة لوسائل الإعلام من ناحية وأفعال مجرَّمة دولياً من ناحية أخرى.

كما بينت الدراسة تعدد مصادر الإدلاء بالمعلومات عن العملية العسكرية الشاملة "سيناء 2018"؛ حيث كشفت النتائج تصدُّر المتحدث باسم القوات المسلحة المصرية بنسبة (70.90)، ثم بيانات رئاسة الجمهورية بنسبة (7.88)، والمتحدث باسم وزارة الداخلية بنسبة (8.56)، وتصريحات المؤسسة الدينية (الأزهر، الكنيسة، تيارات دينية) بنسبة (6.16)، والخبراء والمتخصصون بنسبة (3.76)، ووسائل الإعلام ومواقع الإنترنت بنسبة (2.74)، وهو ما يعنى التزام صحيفتيْ الدراسة بمعايير النشر المطبوع، ومصادر الإدلاء بالمعلومات عن العمليات العسكرية في سيناء.

وقد أظهرت الدراسة تنوع القيم الإخبارية بالمعالجات الصحفية للعمليات العسكرية في سيناء، وتصدُّر أهمية الحدث والإعلان عن العملية العسكرية الشاملة بنسبة (23.29)، والموضوعية بنسبة (18.18)، والجدية بنسبة (15.46)، والمسئولية الاجتماعية بنسبة(15.35)، والاهتمامات الانسانية بنسبة(11.37)، والصراع بنسبة (8.29)، والإثارة بنسبة (8.06)، وهو ما يعنى أهمية العملية العسكرية الشاملة التى كانت تقوم بها القوات المسلحة المصرية، والتي تتطلب عن معالجة تفاصيلها الالتزام بالموضوعية والجدية والتأكيد على مسئولية الإعلام عند نقل المعلومات عن العمليات أو المتحدثين باسمها، والقيم الإخبارية المستخدمة بشأنها.

وأوضحت الدراسة التزام صحيفتي "الأهرام" و"المصري اليوم" بالسياسة التحريرية التى تقوم عليها نسختها المطبوعة، حيث جاءت الأطر المحددة في الترتيب الاول، بينما جاءت الأطر العامة في الترتيب الثاني، وهو ما يؤكد حرص الصحيفتيْن على صبغ الأحداث المصاحبة للعمليات العسكرية بنمط الملكية وهامش الحرية المتاح عند التناول والمعالجة لظاهرة الإرهاب، يقابلها التراجع في العمليات الإرهابية، والانخفاض الملحوظ في منحى الإرهاب.

كما كشفت الدراسة عن تصدُّر الأطر الأمنية أُطر المعالجة الصحفية بنسبة (28.59)، يليها الأطر الدينية بنسبة (26.54)، والأطر السياسية بنسبة (22.78)، والأطر الاقتصادية بنسبة (15.58)، والأطر الإحصائية بنسبة (6.51)، وهو ما يعنى تركيز صحف الدراسة على أهمية البعد الأمني فى العمليات العسكرية التى يقوم بها القوات المسلحة المصرية ضد التنظيمات الإرهابية فى سيناء عام 2018؛ حيث تم الاعتماد على المعلومات الواردة من أجهزة الأمن الوطني والمخابرات، واعتبار العملية بمثابة حماية للأمن القومي والحفاظ على حدود مصر مع ليبيا وقطاع غزة، ومن ثم كانت شمولية العملية داعماً رئيساً في سيادة الطرح الموضوعي نحو جدية مصر فى مكافحة الإرهاب في سيناء .

وأظهرت الدراسة أيضاً تنوع الأطر الفرعية التى صاحبت المعالجة الصحفية للعمليات العسكرية في سيناء، وجاءت محاصرة الخلايا الإرهابية بنسبة (11.77)، ثم تصفية القيادات الإرهابية بنسبة (11.48)، وهجوم التنظيمات الإرهابية على معسكرات الجيش بنسبة (10.72)، ومد العمل بقانون الطوارئ بنسبة (10.32)، وتأجيل الانتخابات الرئاسية الثانية بنسبة (9.80)، وغلق المعابر الحدودية بنسبة (9.45)، وتفكيك قنابل وعبوات ناسفة بنسبة (9.25)، وتأييد العمليات العسكرية ضد الارهاب بنسبة (8.15)، واستهداف كمائن للجيش والشرطة بنسبة (7.75)، وإدانة المنظمات الحقوقية بنسبة (7.17)، واحتجاجات الأهالي فى مدينة العريش جراء توقف الدراسة وإغلاق المعابر والحدود أثناء العمليات العسكرية بنسبة (4.55)، وهو ما يعنى إغلاق واحدة من أخطر الثغرات فى مواجهة التنظيمات الإرهابية، وهى عمليات تسلل الأفراد عن طريق البحر، وتهريب الأسلحة وغيرها .

وأوضحت الدراسة تنوع أطر الأسباب التي دفعت نحو العمليات العسكرية فى سيناء، والتي تمثلت فى تحقيق الأمن القومي بنسبة (13.09)، وتصفية الخلايا الإرهابية فى سيناء بنسبة (10.47)، ومنع استهداف قوات الجيش والشرطة بنسبة (9.20)، واقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الثانية بنسبة (9.12)، ومحاولة إفشال التنمية فى سيناء بنسبة (8.88)، ووقف امتداد الإرهاب إلى الدلتا والواحات بنسبة (8.65)، وتأمين الحدود مع ليبيا وقطاع غزة بنسبة (8.09)، يقابل ذلك صمتٌ دولي إزاء الأحداث الإرهابية فى مصر بنسبة (7.38)، والسعي نحو تأمين المجرى الملاحي لقناة السويس بنسبة (6.98)، وقطع إمدادات تمويل الإرهاب بنسبة (6.11)، ووقف تهريب وتجارة المخدرات بنسبة (4.92)، وإعادة توطين سكان سيناء بعيداً عن العمليات العسكرية بنسبة (4.28)، وفتح الاستثمار السياحي فى سيناء بنسبة (2.77)، وهو ما يعنى تعدد الأسباب التى دفعت نحو القيام بالعمليات العسكرية ضد التنظيمات الارهابية فى سيناء، والتي تمثلت فى تحقيق الأمن القومي وتصفية الخلايا الإرهابية فى جبل الحلال، ووقف العمليات التي تستهدف قوات الجيش والشرطة وكمائن تواجدهم، كما كشفت "العملية الشاملة" العلاقة العضوية بين الأنشطة الإرهابية، والنشاطات الإجرامية الأخرى مثل زراعة البانجو والخشخاش، وتجارة الحشيش والحبوب المخدرة، وتهريب البشر والبضائع، وهو ما يؤكد ارتباط تلك التنظيمات الإرهابية بعصابات التهريب فى سيناء، وامتداداتها على الحدود الجنوبية والغربية.

وأظهرت الدراسة تصدُّر فئة الإبراز موضوعات العملية العسكرية الشاملة بنسبة (30.04)، ثم التكرار ومواصلة النشر والمتابعة بنسبة (25.57)، يليها الاستشهاد الجزئي بتاريخ العمليات الإرهابية والعنف المسلح ضد قوات الجيش والشرطة بنسبة (15.29)، والاستشهاد المباشر من واقع الأحداث بنسبة (13.12)، وتقارب الحدث وارتباطه بالشأن المصري والأمن القومي بنسبة (10.55)، والعملية بنسبة (5.43)، وهو ما يعنى اهتمام صحف الدراسة بأدوات التأطير وخاصة الإبراز والتكرار والاستشهاد الجزئي بالجرائم الارهابية التى تستهدف الحشد الشعبي والاجماع الدولي ضد الارهاب.

ونستكمل استعراض نتائج هذه الدراسة المهمة الأسبوع القادم بإذن الله.

 

د. شريف درويش اللبان