رغم تفاقم وتداخل وتشابك التحديات والأزمات على مدار 50 عاماً وارتفاع تكلفة الإصلاح.. وهو ما مثَّل حالة من الإحباط واليأس.. ويشكل تركة ثقيلة.. وعقبات أمام أى إصلاح.. إلا أن الرئيس السيسى قرر اقتحام جميع هذه التحديات والأزمات.. من خلال مسار واضح وواثق لم تربكه كثرة وتشابك الأزمات والتحديات.. وهو المضى قدماً فى البناء والتنمية والإصلاح فى جميع القطاعات والمجالات.. متسلحاً برصيد وافر وحب وتقدير وثقة المصريين.. وأيضاً كثرة فى الأفكار الخلاقة والحلول خارج الصندوق خاصة فى ايجاد موارد ووسائل لتمويل رؤية الإصلاح والبناء لترتدى مصر ثوباً جديداً بدلاً من الثوب المهترئ كثير الثقوب وتدخل عصر الجمهورية الجديدة.
فى اعتقادى أن الأوضاع والأحوال والتحديات التى انطلق منها السيسى واتخذ قرار الإصلاح والبناء والتنمية.. تجسد عمق وصلابة الإصرار والإرادة والتحدى لتحقيق الأهداف وتخليص مصر وشعبها من الأزمات والتحديات المتشابكة والمتداخلة.. فأى صانع قرار يتولى مجابهة هذه التحديات - غير السيسى - ربما كان أصيب بالإحباط من فرط الأزمات.. لكن صناع الأمل والأمجاد لا يلتفتون لحجم التحديات.. ولا يخشونها إذا كانت النوايا خالصة لوجه الله ثم للوطن والشعب.. إنه بحق رجل الأقدار.. الذى أنقذ وبنى ومازال الطريق طويلاً.. لكن أدركنا مسار النجاح.
«ليس فى الإمكان أبدع مما كان».. عندما يترسخ الإحباط واليأس.. وتتداخل وتتشابك الأزمات والتحديات
ربما نسأل أنفسنا لماذا حرص الرئيس عبدالفتاح السيسى على مدار 8 سنوات أن يكون الإصلاح والبناء والتنمية.. والتطوير والتحديث فى كل المجالات والقطاعات فى توقيت متزامن وليس بالتوالي.. ولماذا حرص أيضاً على أن تشمل رؤى البناء والتنمية كل ربوع البلاد.. والحقيقة ان الاجابة عن السؤالين توضح تأثير تأخر عمليات الإصلاح والإجراءات الحاسمة والحلول الجذرية.. خاصة وان تأخر الإصلاح على مدار 50 عاماً أوصل مصر إلى مرحلة المعاناة من أزمة عميقة أثرت فى كل المجالات والقطاعات.. وبدلاً من أن نعالج أى أزمة تتعلق بقطاع أو مجال أولاً بأول.. قمنا بتأجيل كل شيء خشية الخوف من ردود أفعال الشعب حيال أى إصلاح أو حلول جذرية.
تفاقم الأوضاع والتحديات فى ظل الأزمة العميقة المصرية.. أدى إلى تدهور كل المجالات والقطاعات وأصبح كل مجال أو قطاع فى حاجة شديدة إلى الإصلاح بسبب البنود التسعة الماضية المترابطة المترتبة على بعضها.. التى وصفها الرئيس السيسى ضمن 13 بنداً أو محوراً فى كلمته خلال افتتاح المؤتمر الاقتصادى.
من المهم أن نستعرض حالة الدولة المصرية وما آلت إليه أوضاعها وأحوالها فى كل المجالات على مدار 5 عقود.. فالرعاية الصحية ولأسباب تتعلق بعدم القدرة على اتخاذ الإجراءات والحلول الجذرية.. وانقاذ مسار الإصلاح تعرضت إلى الانهيار والتراجع تحت أوهام العلاج المجاني.. وأن تكون الخدمة بلا مقابل وهو الأمر الذى تعارض مع قدرات وموارد الدولة المحدودة لذلك كان من المهم الحفاظ والسعى إلى الارتقاء بالرعاية الصحية من خلال مبدأ التشاركية بين المواطن والدولة.. ونصل إلى صيغة السعر العادل الذى يحقق مصلحة المواطن وجودة الخدمة ويجعل الدولة تقوم بتطوير الرعاية الصحية والانفاق عليها.. لكن فى النهاية لا الدولة نجحت ولا المواطن استشفى بسبب تأخر الإصلاح.. أصبحت تكلفته تزداد يوماً بعد يوم.. ليس هذا فحسب ولكن تداعياته وانعكاساته على المواطن نفسه وهو الرافض للرؤى الإصلاحية لذلك وبسبب التراكمات المستمرة وصلت الرعاية الصحية إلى مستوى مؤسف فى الفترات التى سبقت عهد الرئيس السيسي.. فلا المستشفى يقدم خدمة أو رعاية والطبيب غير متواجد بسبب عدم القدرة المالية ومرتب الطبيب.. ولا الأجهزة الطبية فى عدم القدرة على صيانة الأجهزة القديمة ولا العلاج موجود.. وزادت المعاناة وتراكمت قوائم الانتظار.. وانتشرت الأمراض القاسية والمزمنة دون مواجهة حقيقية.. حتى وصلنا إلى أن نقول ورغم الإصلاح أننا نحتاج ضعف عدد الأسرة الموجودة حالياً.
الرئيس السيسى لم يقف صامتاً حيال هذا الانهيار فى الخدمة الصحية ومعاناة المصريين لكنه ومن خلال المبادرات الصحية التى أطلقها استهدف مشكلة وأزمة تلو الأزمة أو بعض الأزمات معاً مثل القضاء على فيروس «سي» وأصبحت مصر خالية من هذا المرض الذى شكل كابوساً للمصريين وأودى بحياة الكثيرين حتى ان الاحصائيات كانت تشير أحياناً إلى أن 20٪ من الشعب مصاب بالفيروس.. وأيضاً القضاء على معاناة قاسية وهى قوائم الانتظار فى ظل تكدس المرضى الذين يحتاجون إلى عمليات جراحية دقيقة دون جدوي.. ونجحت الدولة من خلال مبادرة الرئيس فى إجراء مليون و400 ألف عملية جراحية.. وتقلصت فترة الانتظار إلى أسبوعين أو ثلاثة أسابيع بعدما كان المريض ينتظر سنوات ربما يباغته الموت قبل إجراء الجراحة.. ناهيك عن مبادرات عديدة مثل 100 مليون صحة التى تستهدف الفحص والكشف على الأمراض وتقديم العلاج المجانى لها ثم مبادرات أخرى تستهدف جميع الفئات من المرضى أو المواطنين وشهدت الرعاية الصحية فى مصر طفرة كبيرة تجلت فى قدرة النظام الصحى المصرى عن مجابهة تداعيات كورونا ومتطلبات المواجهة وهناك أيضاً قانون التأمين الصحى الشامل الذى سيغطى محافظات مصر خلال 10 سنوات بدلاً من 15 عاماً.
التعليم أيضاً.. قلنا فى الدستور ان التعليم مجانى وهذا أمر جيد.. لكننا لم نعرف تكلفة هذه المجانية المطلقة.. ومن أين لنا بهذا الانفاق الذى يحتاج لتقديم تعليم عالى الجودة يواكب العصر إلى الانفاق على كل تلميذ 10 آلاف دولار سنوياً وبما ان عدد التلاميذ فى مصر 25 مليون تلميذ اذن نحن أمام 250 مليار دولار سنوياً والسؤال هل لدى مصر القدرة على توفير هذا المبلغ؟
الكثيرون يهاجمون وينتقدون وينظرون فى قضية (كثافة الفصول) والتى وصلت كما يقولون إلى 120 تلميذاً فى الفصل الواحد.. وتشير الاحصائيات إلى أن مصر تحتاج سنوياً 60 ألف فصل دراسى لكن السؤال ما هى تكلفة بناء 60 ألف فصل دراسى سنويا؟.. الاجابة ببساطة 60 مليار جنيه سنوياً فقط لمجرد بناء الفصول.. لكن ماذا عن مرتبات المعلمين الذين سيخدمون العملية التعليمية فى هذه المدارس.. وهل فقط نحتاج مدرسين أم ان هناك أطقم إدارية مساعدة وتكاليف للإنارة والتشغيل والخدمات والسؤال أيضا.. بكام ومن أين؟
ربما من وجهة نظرى إصلاح التعليم كان من المفترض ان تكون المجانية متدرجة تبدأ من الفئات الأكثر احتياجاً ثم الفئات المستورة والمتوسطة.. وان تكون مقابل مصروفات عادلة غير مبالغ فيها.. فلا هى المدارس الخاصة.. ولا مصروفات المدارس الدولية.. أى ان الحصول على مجانية التعليم ربما يكون متدرجاً.. وليس على اطلاقه وذلك لمساعدة الدولة على الانفاق لتقديم تعليم عالى الجودة.. ربما يتشدق المتشدقون بالشعارات والمزايدات والمتاجرات ودغدغة المشاعر.. لكن هذا هو حالنا وواقعنا وامكانياتنا وقدراتنا.. الأمر المهم أيضاً أننا تركنا الأزمات والمشاكل والتحديات تتفاقم دون مواجهة.. كالتالي:
أولاً: لم نمتلك الوعى الكافى والفهم الصحيح لخطورة النمو السكانى أو الزيادة السكانية المنفلتة وحالة الاختلال والفجوة بين النمو السكانى المتصاعد وقدرات وامكانيات وموارد الدولة.
ثانياً: لم يقدم صناع القرار فى الـ50 عاماً على تبنى الأفكار الخلاقة.. والرؤى التى تصغها من خارج الصندوق.. فلم يتم التوصل إلى موارد إضافية للدولة غير الموارد التقليدية والنمطية والطبيعية ولم نخلق شرايين جديدة للاقتصاد المصرى تزيد الناتج المحلى وتضيف رصيداً من الدخل الإضافى لموارد الدولة.. يساعدها فى مجابهة النمو السكاني.. وتحقيق رؤى الإصلاح النسبي.. أو حتى العمل على ترسيخ الوعى لخفض معدلات النمو السكاني.
ثالثاً: السؤال المهم.. ماذا نتج عن النمو السكانى المنفلت فى ظل حالة الاختلال بين عدد السكان وحجم الموارد والقدرات؟
- تراجع الخدمات فى مجالات الصحة والتعليم والإسكان والنقل والمواصلات.. وتردى البنية التحتية وجمود الاقتصاد المصرى.. وعدم البحث عن حلول خلاقة وشرايين جديدة لزيادة موارده.
- زيادة السكان أدت إلى زيادة الطلب على السكن ولم توفر الدولة آنذاك مطالب الناس بسبب عدم القدرة.. فاتجه المواطن إلى التعدى على الأراضى الزراعية وهو الأمر الذى يمثَّل خطورة على الأمن الغذائى وفرص العمل.
- زيادة السكان مع عدم توفر السكن أدت إلى انتشار ظاهرة العشوائيات.. وهى مناطق خطرة لا تتوفر فيها الحياة الكريمة.. وتفتقر لأدنى الخدمات الآدمية وأساءت إلى مصر.. لكنها عبرت عن حالة العجز من اتخاذ قرار الإصلاح وتجمد وتفاقم الأوضاع ووصولاً إلى ذروتها.
رابعاً: عدم التوازن فى الانفاق على بناء الدولة والتطوير.. وخلق شرايين جديدة للاقتصاد وبالتالى فرص للاستثمارات.. فقد جاء الانفاق على رضاء الناس.. من خلال الانفاق الاستهلاكى على حساب البناء والتنمية فى ظل زيادة سكانية متصاعدة وهو ما أدى إلى سوء الأوضاع وانهيار الخدمة خلال الخمسة عقود السابقة.
خامساً: انه من الخطأ.. ان التقدم يحسب على أساس ما يتحصل عليه المواطن.. فهذا تفكير قاصر لا يبنى دولة ولا يؤسس وطناً قوياً وقادراً على تلبية احتياجات وآمال شعبه.
سادساً: ان تأخر عمليات الإصلاح والإجراءات والحلول الجذرية فى اعتقادى كان أحد الأسباب فى التشوهات المجتمعية التى وقعت فى مصر خلال الـ50 عاماً السابقة.. وأنه السبب الرئيسى فى بزوغ ظاهرة التطرف والتشدد والإرهاب.. فالتأخر فى الإصلاح أدى إلى تفاقم الأوضاع والتحديات وأدى إلى زيادة معدلات الفقر والعوز.. وأيضاً انتشار ظاهرة العشوائيات.. وهو ما أدى إلى لعب الجماعات الإرهابية والتكفيرية على الفئات الأكثر احتياجاً.. والفئات التى تقطن العشوائيات.. خاصة فى خلق وجود مواطن ناقم وساخط وأدى إلى خلق حالة احتقان بين الدولة والمواطن وهو الأمر الذى افسح المجال أمام الجماعات المتأسلمة وتوظيفها للمساعدات الانسانية لأغراض الاستقطاب والتمييز والتوظيف السياسى للقضية واستغلال حالة التصحر وعدم التعليم وغياب الوعى والفهم لدى هذه الفئات لتتحول إلى قنابل موقوتة فى المجتمع المصري.
- تأخر الإصلاح خلق حالة من الإحباط لدى قطاع كبير من المواطنين فى ظل تعاظم وتفاقم التحديات والأزمات وتشابكها مع تصدير فكرة وطرح (مفيش فايدة) وانه ليس فى الامكان أبدع مما كان.. ففى ظل تراكم التحديات والتداعيات لعدم الإصلاح وتأجيله خوفاً من رد الفعل الشعبى وفى ظل النمو السكانى غير الملائم مع موارد الدولة أدى هذا الاختلال إلى ارتفاع مطالب واحتياجات المواطنين دون وجود قدرة للدولة على تلبيتها.. فأدى ذلك إلى تراجع وتدهور البنية التحتية ووسائل النقل والمواصلات حتى أصبحت قطارات السكة الحديد مواكب للموت وانهارت الخدمات فانتشرت ظاهرة الطوابير على العيش والبنزين والسولار والبوتاجاز وأصبح هناك نقص وعجز فى منظومة الكهرباء يصل إلى 11 ألف ميجاوات حتى كان التيار الكهربائى ينقطع فى محافظات الصعيد لأيام وفى المدن والعواصم إلى عشر ساعات يومياً.. وهو الأمر الذى فاقم الإحباط لدى إحباط الأغلبية من المصريين.
أصبح صناع القرار فى العقود الماضية فى حيرة من أمرهم وأمام ضغوط لا حصر لها.. فى ظل ازدحام أجندة المطالب والأولويات.. بعد تراكم الأزمات وتشابكها وتعددها وشمولها لكل المجالات والقطاعات دون جدوي.. وشكل قرار الاصلاح نفسه أكبر حيرة وتحدياً.. فقد استسلم صناع القرار تماماً لعدم اتخاذ منحى الاصلاح والحلول الجذرية فى ظل الخوف من ردود الأفعال الشعبية.. ولنا فى عام 1977 المثل.. وأيضاً الحيرة فى ظل من أين نبدأ.. وعلى أى مجال ننفق.. فالخرق فى «الثوب» اتسع وتعدد فى مناطق كثيرة منه وتحول إلى كهنة لم يعد يصلح للارتداء وهذا هو الحال التى وصلت إليها مصر وعندما جاءت 25 يناير 2011.. لم تكن تغييراً على الاطلاق.. ولكنها أجهزت على ما تبقى من الثوب المهترئ اصلاً وزادت من عمق الأزمة المصرية.. ووضعت الدولة فى مأزق وعلى المحك.. ربما اعتقد اعداؤها وربما أيضاً اصدقاؤها انها لن تقوم لها قائمة.
الحقيقة أن مشاكلنا وأزماتنا وتحدياتنا ساهمت بالقدر الوفير فى صناعتها.. فلم تعجبنا قرارات الاصلاح والإجراءات والحلول الجذرية وارتضينا بالمسكنات.. واستسلمنا تماماً.. وبالتالى غلت أيدى صانع القرار لحسابات الحفاظ على استقرار الدولة الهش حيث ظنوا أن محاولة التفكير فى تنفيذ مسارات الاصلاح مقامرة ومغامرة بالبلد.. ارتضينا أن نأكل ونشرب ونسكن.. ويظل السوس ينخر فى أعمدة الوطن.. حتى أصبح آيلاً للسقوط.. بفعل الأزمة العميقة المتصاعدة أو بفعل التآمر عليه لإسقاطه سريعاً كما حدث فى يناير 2011 عندما تحالفت قوى الشر على مصر وغررت بشعبها واتخذت مساراً مدمراً.
الحقيقة وبكل أمانة وموضوعية والواقع موجود وحاضر بين أيدينا أن الرئيس لم يأخذ مصر إلى المسارات القديمة المترسخة فى العقل الجمعى لدى صناع القرار السابقين أو المصريين أنفسهم.. واتجه إلى مسار الإصلاح والحلول الجذرية.. متسلحاً بالأفكار الخلاقة والحلول من خارج الصندوق خاصة فى ايجاد الموارد ووسائل التمويل لتنفيذ رؤيته فقد وازن بين الانفاق على احتياجات المواطنين.. وأيضاً متطلبات البناء والتنمية.. فلا يمكن القبول أن تظل مصر على هذه الحال مريضة من أوجاع وآلام مبرحة تكاد تعصف بحياتها لكن الرئيس مضى فى الاتجاه التالي:
أولا: مصارحة الشعب بالتحديات والأزمات والأوضاع الكارثية التى تعيشها البلاد.. وأن هذا يتطلب مواجهة حاسمة من خلال الاصلاح والتشاركية بين الدولة قيادة وحكومة وشعباً للعمل بوتيرة غير مسبوقة تسابق الزمن وتشمل اصلاح كل المجالات والقطاعات فى كافة ربوع البلاد.
ثانياً: الاستثمار الأمثل لرصيده الوافر لدى المصريين وشعبيته المرتكزة على مواقف بطولية مضيئة وشريفة فى تمرير مسار الإصلاح والحلول الحاسمة والجذرية ومعالجة المرض العضال الذى لم تعد المسكنات تجدى نفعاً معه من خلال (دواء مر) يؤدى فى النهاية إلى التعافى والشفاء.. وحقق نجاحاً كبيراً.
ثالثاً: انتهج الرئيس السيسى سياسة ومبدأ الأفكار الخلاقة والحلول من خارج الصندوق.. والعمل ليس فقط للحاضر ولكن من أجل المستقبل وأهم ما كان يشكل تحدياً لمصر وعائقاً امام البناء والتنمية هو ايجاد التمويل اللازم لتوفير الاحتياجات المناسبة للشعب.. وأيضاً الانفاق على البناء والتنمية والتعمير والاصلاح.. لذلك تجدها فى اقامة 40 مدينة بمواصفات عصرية وعالمية لم تكلف الدولة مليماً واحداً وأضافت 10 تريليونات جنيه لأصول الدولة.. أيضا فكرة التفاوض بنفسه مع كبريات الشركات العالمية والوصول إلى السعر والتكلفة التى تناسب مصر وظروفها وعلى سنوات طويلة.. أيضاً فكرة الشراء الموحد التى وفرت المليارات للدولة وحتى القطاع الخاص.. وأيضاً استغلال كل نقطة مياه فى التوسع الزراعى وهو ما أحدث نهضة زراعية مصرية أضافت للرقعة الزراعية أكثر من 3 ملايين فدان.. جاءت عبقرية الرؤى والأفكار فى انتشال توشكى من الفشل على مدار سنوات ما قبل السيسي.. وقد كان هذا المشروع نسياً منسيا ثم الدلتا الجديدة ثم سيناء وغيرها من المشروعات التى أضافت لمصر سواء لتأمين أمنها الغذائى أو التصدير أيضاً فكرة انشاء قناة السويس الجديدة وتطوير القناة.. أدر على مصر موارد مهمة وشهدت طفرة فى هذا المجال حتى وصلت إلى 7 مليارات دولار سنوياً وبلغت فى شهر.. مليار دولار وهو إنجاز كبير.. ثم رؤية وإرادة الرئيس سواء فى اكتشاف حقل ظهر بشرق المتوسط وسرعة تنفيذه ودخوله الخدمة فى زمن قياسى وهو ما أمن احتياجات مصر من الغاز وأيضا جلب عوائد وموارد من التصدير وهو ما يعتبر الرئيس السيسى هبة ربانية خاصة وأنه لولا حقل ظهر لاحتاجت مصر استيراد غاز بمليارات الدولارات سنوياً.. والسؤال من أين؟
رابعاً: حالة التوازن الجديدة بين احتياجات المواطن وهى مهمة.. وأيضاً متطلبات البناء والتنمية والاصلاح.. فلا افراط أو تفريط فعملية البناء والتنمية تؤدى أيضا إلى موارد جديدة تزيد من عائد المواطن.. هذا بشكل مباشر أما الشكل غير المباشر.. فانه يعيش فى وطن قوى وقادر وينعم بالاستقرار.. ولديه مستقبل واعد المواطن نفسه والاجيال القادمة هما من يستفيدون من هذا الوطن الذى يقف على أرض صلبة وهذا المنظور لابد أن يترسخ فى عقلية المواطن.
الحقيقة أن جدول الأولويات لدى الرئيس السيسى فى بناء الدولة كان متسقاً وواعياً.. ومنفرداً فقد ورث حالة من تداخل الأزمات وتشابكها لكنه لم يرتبك أو يستسلم وقرر أن يمضى فى البناء والتنمية والاصلاح فى كل المجالات والقطاعات معاً وفى توقيت واحد وبشكل متزامن.. بل وقرر أن يخوض معركتى البقاء فى الحرب على الإرهاب واستعادة الأمن والاستقرار فى تزامن مع معركة البناء والتنمية.
الحقيقة أن البند العاشر الذى تحدث فيه الرئيس خلال توصيفه وتشخيصه لأسباب الأزمة العميقة التى عانت منها الدولة المصرية على مدار 50 عاماً فى منتهى الأهمية والوضوح.. فتأخر الاصلاح أدى إلى زيادة الأزمات وتفاقمها وتداخلها وتشابكها.. حتى أصبحت مهمة صعبة على من قرر المضى فى الاصلاح ليسأل نفسه من أين يبدأ ومن أى مجال فى ظل حالة الإحباط التى استشرت بين الأغلبية من المصريين لكن هذا البعد استوقفنى وأبهرنى مسار الرئيس السيسى فى التصدى لهذا التحدى عندما قرر أن يمضى فى الإصلاح والبناء والتنمية فى كل القطاعات والمجالات لمواجهة كل الأزمات فى توقيت واحد.
.. ويكتب من الجزائر
«لم الشمل».. قمة مواجهة التحديات والأزمات
تأتى القمة العربية الـ 31 التى انطلقت بالجزائر أمس تحت عنوان «قمة لم الشمل» وسط تحديات وأزمات إقليمية ودولية وتحديات تتعلق فيما يشوب المشهد العربى من أزمات واختلافات فى وجهات النظر السياسية وكذلك أزمات تواجه عدداً من الدول العربية تتصدرها القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطينى المشروعة بالإضافة إلى أزمات سوريا وليبيا واليمن والصومال وما يواجه لبنان من أزمة عنيفة.
لا شك أن مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى بدأت مبكراً فى احتواء الأزمات السياسية بين الدول العربية وتحرص على تقوية العلاقات الثنائية الأخوية.. ودفع وتعزيز العمل العربى المشترك.. ودعم التلاحم والتكاتف والتكامل العربى فى مختلف المجالات وهى تعتبر ان الأمن القومى العربى جزء لا يتجزأ ومرتبط بالأمن القومى المصري.
حرص مصر على تدعيم أواصر علاقات التعاون والإخوة مع جميع الدول العربية الشقيقة.. واستمرار دور مصر المحورى فى تعزيز جهود دفع آليات العمل العربى المشترك لصالح الشعوب العربية جميعاً تأتى وراء حرص الرئيس السيسى على المشاركة فى القمة العربية بالجزائر فى إطار دور مصر فى تعزيز العمل العربى المشترك والتنسيق والتشاور على صعيد كافة القضايا العربية ولدعم متطلبات التلاحم العربى فى مواجهة التحديات.
القمة العربية الـ31 بالجزائر تأتى فى توقيت غاية فى الدقة حيث تواجه الأمة العربية تحديات وتهديدات كثيرة تتمثل فى الآتي:
أولاً: القضية الفلسطينية فى ظل التعنت والتجاهل الدولى لحقوق الشعب الفلسطينى المشروعة وما يعانيه من ممارسات تخرق القوانين والمواثيق والأعراف الدولية.. والعرب وفى صدارتهم مصر تولى هذه القضية اهتماماً كبيراً.. خاصة فيما يتعلق بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 4 يونيو 1967 عاصمتها القدس الشرقية وايقاف الاستيطان والحصار الإسرائيلى على الشعب الفلسطيني.
ثانياً: استمرار الأزمات فى سوريا وليبيا واليمن والصومال وأهمية الوصول إلى تسويات سياسية للحفاظ على وحدة وسلامة هذه الدول الشقيقة واستعادة الأمن والاستقرار فيها.. وأيضاً استعادة الدولة الوطنية فى ليبيا واليمن.
ثالثاً: الأزمة العنيفة التى تواجه لبنان الشقيق وما يستوجب ذلك من اللبنانيين بأهمية إعلاء المصلحة الوطنية اللبنانية والتوافق على مصلحة الوطن اللبنانى والدعم العربى المطلوب لانتشال لبنان من أزمته العنيفة.
رابعاً: تواجه الأمة العربية تحديات التدخل الأجنبى سواء الإقليمى والدولى فى شئونها الداخلية وتواجد قوات أجنبية إقليمية على أراضيها وهو ما يتعارض مع سيادة هذه الدول ويتعارض أيضاً مع الأمن القومى العربى ويمثل انتهاكاً للقوانين والأعراف والمواثيق الدولية خاصة وأنها دول أعضاء فى الأمم المتحدة.
خامساً: أهمية الاتفاق على طرد المقاتلين الأجانب والمرتزقة والجماعات الإرهابية والتكفيرية من أراضى هذه الدول المأزومة ودعم الدولة الوطنية ومؤسساتها فى هذه الدول خاصة الجيش الوطنى الذى يجب ان يتصدى للإرهاب ويعمل على استعادة الأمن والاستقرار فيها.
سادساً: تنامى التواجد من بعض القوى الإقليمية والتدخل من قبل قوى إقليمية فى العواصم العربية.. وهو ما يجسد محاولات الهيمنة والأطماع وتهديد الأمن القومى العربي.. وهو ما يستوجب موقفاً عربياً واضحاً ومحدداً تجاه هذه الأطماع والممارسات الإقليمية.
سابعاً: على الصعيد الدولى فإن الأزمات العالمية والدولية والتى تتعلق سواء بجائحة «كورونا» أو الحرب الروسية- الأوكرانية وتداعياتها على الصعيد السياسى والأمنى والاقتصادى ومحاولات الاستقطاب الدولية فى ظل الانقسام إلى معسكرين وهو ما يفرض على العرب مواجهة هذه التحديات وتعزيز ودفع العمل العربى المشترك.
- الأمر المهم أيضاً هو ضرورة مواجهة العرب لتداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية خاصة على الصعيد الاقتصادى من خلال تحقيق التكامل العربى وتأمين الأمن الغذائى العربى فى ظل المعاناة والأزمات التى تواجه شعوب العرب خاصة وان العرب يمتلكون مقدرات الاستقرار فى هذه الأزمة العالمية وتداعياتها القاسية.
الحقيقة العرب فى حاجة إلى مواجهة مع النفس وقراءة خريطة التحديات والتهديدات الإقليمية والدولية والإدراك الضرورى لتفعيل عنوان القمة العربية فى الجزائر إلى لم شمل حقيقي.. وأقل ما يحقق تطلعات الشعوب العربية فى إحداث التوافق على أهمية تعزيز العمل المشترك والتكاتف والتلاحم العربى فى ظل هذه التحديات الإقليمية والدولية التى تهدد أمن العرب.
(مصر- السيسى) لا تدخر جهداً وتبذل أقصى الجهود لتعزيز العمل المشترك وتحقيق التقارب العربي.. والسعى إلى إحداث حالة التقارب والتوافق العربي.. ومساعدة الدولة التى تواجه أزمات عنيفة فى استعادة الدولة الوطنية فيها.. ولعل جهود وزيارات واتصالات ولقاءات الرئيس السيسى على الصعيد العربى تجسد ثوابت الدولة المصرية وتحركاتها من أجل توحيد الصف العربي.. ومصر لديها علاقات ورصيد كبير بين جميع الأشقاء العرب فهى التى نجحت فى تقوية جدار العلاقات العربية على المستوى الثنائى والجماعى وتربطها علاقات وتعاون كبير فى مجالات عديدة تحقق صالح ومصالح وآمال الشعوب العربية وتساعد الدول العربية معاً على تحقيق أهداف التنمية.
مصر أيضاً لم تدخر جهدا فى دعم الأشقاء فى فلسطين ورعاية قضيتهم.. فمصر هى الراعى التاريخى للقضية الفلسطينية والمدافع الأول عن حقوقهم المشروعة وتنادى على كافة المستويات وفى المحافل الدولية بالعمل على استئناف المفاوضات نحو تحقيق السلام الدائم والعادل وكذلك إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 4 يونيو وعاصمتها القدس الشرقية.
ومصر التى تقف على مسافة متساوية مع جميع الأشقاء فى ليبيا للحفاظ على أمن وسلامة ووحدة أراضيهم.. وتدعم استعادة الدولة الوطنية ومنع التدخلات الأجنبية فى شئونها.. وخروج القوات الأجنبية من أراضيها.. وطرد المقاتلين المرتزقة من أجل ترسيخ الأمن والاستقرار للشعب الشقيق وأيضاً الاتجاه نحو البناء والتنمية.
مصر أيضاً لديها اهتمام كبير بالأزمتين السورية واليمنية وتطالب دائماً بتنفيذ الاتفاقيات والقرارات الدولية وللحفاظ على هاتين الدولتين وإنهاء الأزمة من خلال حلول تفاوضية لتحقيق التوافق بين كافة الشركاء والأطياف الوطنية فى هاتين الدولتين.
مصر تذهب إلى القمة العربية فى الجزائر ولديها أهداف وثوابت شريفة جلها توحيد الصف العربى المشترك والعمل معاً لمجابهة التحديات الإقليمية والدولية.. وإنهاء الأزمات فى بعض الدول العربية.. ودعم العلاقات الثنائية مع الدول الشقيقة ومجابهة التحديات والتهديدات التى تواجه الأمن المائى العربى والحفاظ على الأمن الغذائى وايقاف التدخلات الإقليمية والتصدى للأطماع الإقليمية والدولية وتقريب وجهات النظر والرؤى السياسية لمعالجة الخلاف فى وجهات النظر من خلال مسار عربى يستطيع ان يعيد اللحمة العربية فى مواجهة التحديات والتهديدات.
مصر الكبيرة والعظيمة فى القمة العربية بالجزائر تؤدى دورها ورسالتها فى قيادة العمل العربى المشترك ودعم العلاقات الأخوية مع الأشقاء لأن ذلك يمثل جل السياسة المصرية.. التى تتجه دائماً صوب مصلحة وأمن واستقرار ووحدة الدول العربية.
هناك تحديات كثيرة تواجه الأمة العربية ليس فقط فى حجم الأزمات والتحديات والتهديدات وليس فقط فيما يواجه الأمن الغذائى العربى أو التهديدات.. التى تحدث بالأمن المائى العربى ولكن أيضاً فى حملات وحروب وغزو ثقافى وفكرى يحاول تجريد الأمة من هويتها العربية والعبث فى عقول شعوبها.. سواء مع أعداء الأمة أو الجماعات الضالة والتكفيرية والظلامية المدفوعة والمدعومة من أعداء الأمة العربية.. وأيضاً الغزو الثقافى عبر العديد من الوسائل لاستهداف الشعوب العربية لابعادها عن قضايا الأمة وهويتها وإزالة القواسم المشتركة ربما يرى البعض انها قمة الأزمات.. لكن دعونا نكون أكثر تفاؤلاً وتبشيراً لنقول انها محاولة جادة إلى لم الشمل العربى وربما تحدث المعجزات فى ايجاد مخرج للأزمات العربية فى دول كثيرة لعلها تجد طريقها إلى الحل والاستقرار وأيضاً الاختلافات بين الأشقاء ربما تجد طريقها إلى الجلوس على طاولة التفاوض والخروج بنتائج ترضى الشعوب العربية التى تتوق إلى أمة واحدة تدرك تحدياتها ومتطلبات أمنها واستقرارها ووجودها.
الحقيقة كمواطن مصري.. عربي.. أثق فى نوايا وقدرة وطنى مصر العظيمة فى دفع دفة التوافق والتكامل العربى على الطريق الصحيح.. خاصة وأن مصر لها قيادة تتمتع بأعلى درجات الحكمة وتربطها علاقات أخوية مع جميع الأشقاء العرب من ملوك ورؤساء وكبار مسئولين لذلك فإن القادم أفضل.