«بمعرض الشارقة للكتاب».. جلسة عن سمات الأدب الجماهيري وعبادي الجوهر يروي مسيرته الموسيقية
طرحت الإعلامية ليلى محمد، أسئلة جوهرية حول سعي المؤلفين لإيصال كتاباتهم الأدبية، وضمان تحقيق الجماهيرية والرواج والقبول بين القرّاء، أبرزها: ما هو مفهوم الأدب الجماهيري؟، وما هي مميزات هذا النوع من الأدب؟، وهل يمكن للروايات تحقيق جماهيرية أكبر من الشعر والمسرح والقصة القصيرة؟، وما هي العوامل التي تقرر الجماهيرية: هل هي المبيعات أم عدد القرّاء أم التقييمات؟.
وجاء ذلك في جلسة حوارية بعنوان «سمات الأدب الجماهيري»، التي عُقِدَت اليوم الجمعة ضمن فعاليات الدورة الـ41 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، والتي شهدت مشاركة كلٍّ من الكاتبة الكندية نيتا بروز، والدكتور الباحث والروائي بومدين بلكبير من الجزائر، والصحفي والناشر الدكتور صالح البيضاني من اليمن، والروائي العماني محمود الرحبي، ضمن برنامج الفعاليات الثقافية للمعرض.
وفي مداخلة خلال الجلسة، أشار الدكتور الباحث والروائي بومدين بلكبير إلى أن الإجابة على هذه الأسئلة المهمة تتطلب إجراء مسوحات دقيقة وشاملة للمنطقة العربية، مؤكدًا وجود عدة عوامل جعلت من الكتابات الجماهيرية في صدارة الأعمال الأدبية؛ منها الترويج الواسع والتسويق الجيد للكتب من خلال قوة صورة الغلاف وألوانه وتصميماته وجمالياته، وسلطة الأرقام، إذ إن كثيرًا من الناشرين يتعمدون كتابة عبارة «الأكثر مبيعًا»، «وبيعت منها ملايين النسخ»، بالإضافة إلى كاريزما الكاتب وصورته، وفقًا لاهتمام القراء بحياة الكاتب «النجم»، فضلًا عن أهمية الترجمة، والجوائز التي يسهم بدور أساسي في إبراز الأعمال.
وأضاف بلكبير: «في الولايات المتحدة وكندا يوجد صناعة حقيقية للكتاب تسهم في نجاحه، حيث نتكلم عن إنتاج ونشر وتوزيع الكتاب بمعايير عالمية تسهل إبرام العقود والاتفاقات، وسهولة إجراءات نفاذ الكتاب إلى الأسواق الداخلية والخارجية، وعلى الصعيد الشخصي لاقت رواياتي بعض الرواج لكن وصول آخر رواياتي (زنقة الطليان) إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر العالمية أسهم بإعادة طباعتها عدة مرات، وترجمتها إلى عدة لغات، فضلاً عن التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، ولا ننسَ دور الإعلام التقليدي؛ لأن وصول الكتابات الأدبية إلى الجماهيرية لا يمر على طريق واحد، وإنما على عدة طرق عبر استراتيجية متكاملة لدار النشر في الترويج للكتاب وتسويقه».
ومن جانبها، نوهت الكاتبة الكندية نيتا بروز، مؤلفة رواية «الخادمة» التي تُرجمت لأكثر من 35 لغة عالمية، إلى أن الترجمة تصنع فارقًا جوهريًا في تعزيز جماهيرية الكتاب، فإذا نجح الكاتب بترجمة عمله إلى لغات عالمية، سيضمن التغلب على عقبات الوصول إلى الثقافات المختلفة، والانتقال من الشخصي والمحلي إلى العالمي، وهو هدف يصعب تحقيقه، إذ ينبغي للكاتب ابتكار قصة وشخصيات لا تناسب ثقافته الشخصية فحسب، وإنما كافة الثقافات، والتواصل معها.
وأكد الصحفي والناشر الدكتور صالح البيضاني وجود تباينات كبيرة بين سمات الأدب الجماهيري في الغرب عمومًا وفي العالم العربي، حيث يتميز الغرب بمنصات إعلامية وثقافية راسخة يمكنها رصد أهمية الكتّاب والكتب التي صدرت حديثًا، بالإضافة إلى قوائم شهرية وأسبوعية بأكثر الكتب مبيعًا، والمؤسسات التي تأخذ بيد الكاتب وتقدم له نقلة هائلة على صعيد الانتشار والترجمة إلى لغات أخرى.
وأشار إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي استطاعت أن تحرر الكتّاب من سطوة المحرر الثقافي في الوسائل التقليدية، ومن سطوة الناقد، حيث أصبح الكاتب قادرًا على الحصول على آراء القرّاء مباشرة، ولم يعد رهينة للناقد.
وقال الروائي العماني محمود الرحبي: الكتابات الجماهيرية هي التي تبدأ من الجمهور، وفيها نوع من التنازل على المستوى الفني، لكن هناك بعض الكتابات التي تمزج بين الفائدة والمتعة، فليس من الضروري أن يكون الكاتب أديبًا ليكون عمله جماهيريًا، فربما يكون شخصية مشهورة في مجال ما، سياسي أو صحفي أو محاضر، وحين يصدر كتابًا يتحول إلى كاتب مقروء؛ لأن الجمهور لديه فضول لمعرفة تفاصيل حياته، وهذا ما حدث في كتاب غابرييل غارسيا ماركيز (عشت لأروي)، الذي انتشر بشكل كبير قياسيًا ببعض رواياته، ولأنه شخص معروف، كان لدى الجمهور فضول لمعرفة حوافز كتاباته ورواياته».
وفي جلسة حوارية أخرى، كشف المطرب والملحن السعودي عبادي الجوهر أن نشأته في مدينة جدة السعودية، شكلت شخصيته، نظرا لما تتميز به عروس البحر الأحمر من تبادل حضاري وإنساني وألوان عرقية وثقافية وموسيقية ولأنها مدينة ملهمة، قائلًا إنه بدأ الغناء في وقت مبكر لكن الليلة الفارقة في حياته تلك التي حل فيها مكان عازف إيقاع متغيب في حفل غنائي، وكان عمره حينها 14 سنة.
وأوضح أن الفنان الكبير طلال مداح استدعاه بعدها لسماع صوته، باقتراح من الفنان لطفي زيني، ووقع معه عقدًا فنيًا مباشرة، وشجعه ودعمه كثيرا، وقد لحن له في عمر 17 سنة، في وقت كان يتمنى ملحنون كبار التلحين له، وكان ذلك في سنة 1972م.
جاء ذلك في الجلسة الحوارية التي عُقِدَت اليوم الجمعة، تحت عنوان «مقامات مع عبادي الجوهر»، ضمن فعاليات الدورة الـ41 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، التي تحدث فيها المطرب والملحن السعودي عبادي الجوهر عن مسيرته الفنية، كما عزف على العود وغنى مقاطع عديدة لجمهور المعرض، بحضور رئيس هيئة الشارقة للكتاب أحمد بن ركاض العامري، ومنسق عام معرض الشارقة الدولي للكتاب خولة المجيني.
وعن ذكرياته مع طلال مداح، قال الجوهر: «كان طلال يقول لي عندك ست أصابع، نتيجة لسرعتي في عزف العود، ومن هنا انبثق لقب أخطبوط العود، وبعد ذلك أطلق علي آخرون سفير الحزن، مبينًا أن هذه الألقاب تزعجه أحيانًا، لأنه فنان اجتماعي بطبعه، لكن ارتباط الكلمات وتغنيها بالهجران واللوعة والنوى والبعد هو ما أعطى هذه الانطباعات».
وتحدث الجوهر عن الفن الخليجي والتكريم الذي حظي به في مختلف أقطار العالم العربي، والتعاون الذي جمعة مع الشعراء والفنانين الإماراتيين، حيث غنى كلمات من أشعار الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة حاكم دبي، كما تعاون مع مجموعة من الفنانين والملحنين، وسترى النور قريباً أغنية من ألحانه ستقدمها الفنانة أحلام.
وقال: «إن الموروث الموسيقي غني ومتنوع لكن الفنانين لم يستخدموا منه حتى الآن أكثر من 25%»، وقد حرص منذ بداية مشواره على توظيف الألحان الأصيلة من هذا الموروث، ليبتكر لونًا يتميز به، كما نصح الشباب بالاجتهاد والصدق والتعلم، مبيناً أن الدعم موجود وهناك حراك كبير لدعم الفنون.