تكتسب استضافة مصر فعاليات المؤتمر الأممي لمجابهة تغير المناخ Cop27 أهمية كبرى حيث ترفع مصر صوت العرب وأفريقيا في تبني العدالة بدعم الدول النامية لمساندة أجنداتها الوطنية وأيضا تبني حتمية التحول من مرحلة التعهد بتوفير التمويل إلى التنفيذ حيث يداهم الوقت البشرية في النجاة من الآثار المدمرة للتغير المناخي.
إن قيادة مصر لهذه المهمة الصعبة لم يكن من قبيل المصادفة بل هي تصديق لجهد وطني لتضمين سياسات وخطط تعمل على حماية البيئة وخفض الانبعاثات الكربونية التزاما من مصر وقناعة منها بأهمية التحرك سريعا وبشكل جماعي نحو التحول للأخضر الذي قطعت مصر فيه شوطا طويلا فوضعت استراتيجية للطاقة المستدامة لعام 2035 تهدف إلى زيادة مساهمة نسبة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة الكهربائية حيث سيشكل إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة نسبة 42% من إجمالي الطاقة الكهربائية المنتجة عام 2035 بل تنتقل مصر إلى عصر الهيدروجين الأخضر وسوف تعلن مصر استراتيجيتها الوطنية لإنتاجه والانتقال إليه خلال فعاليات مؤتمر COP 27، حيث تشير الإحصاءات إلى أن مصر تخطط للوصول إلى 8% من السوق العالمية للهيدروجين خاصة مع امتلاكها القدرة على إنتاجه بأقل تكلفة في العالم.
إن مصر تقود العمل المناخي وهي في مقام رفيع على صعيد قضاياه فمصر تقدمت 5 مراكز في مؤشر التحول الفعال بمجال الطاقة، حيث شغلت المركز 76 عام 2021، مقارنة بالمركز 81 عام 2018، كما تقدمت 35 مركزاً في مؤشر الاستدامة البيئية لتشغل المركز 42 عام 2021، مقابل المركز 77 عام 2015.
كما وضعت الوكالة الدولية للطاقة مصر ضمن 5 دول فقط بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا تستحوذ على ثلاثة أرباع من مقدار التوسع في الطاقة الاستيعابية لمصادر الطاقة المتجددة التي من المتوقع أن تتضاعف خلال الخمس سنوات المقبلة كما أصبحت مصر الثالثة عربيًا والأولى بشمال أفريقيًا في معدل النمو المتوقع للطاقة الاستيعابية لمصادر الطاقة المتجددة في السنوات الخمس القادمة حيث توقعت الوكالة الدولية للطاقة، أن تنمو الطاقة الاستيعابية للطاقة المتجددة في مصر بنسبة 68%.
ينطلق المؤتمر الأممي في وقت تتسع فيه الفجوة المناخية يوما بعد يوم وتشير التقديرات إلى أن دول العالم تحتاج ما بين 140 إلى 300 مليار دولار للتكيف البيئي، وضمان التحول وبناء قدرات التحول الأخضر ومن هنا تعمل مصر وبقوة ومن خلال نهج تشاركي على تطبيق معايير الاستدامة البيئية وجعل خطة الاستثمار الوطنية صديقة للبيئة والوصول بنسبة المشروعات الخضراء إلى 50% بنهاية 2024-2025، ويشمل ذلك مشروعات النقل النظيف وتحسين المياه والصرف الصحي والطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة بل كانت مصر أول دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تصدر "سندات خضراء" بقيمة 750 مليون دولار لتمويل المشروعات الخضراء خاصة في مجال النقل النظيف ويعد برنامج "نوفي" برنامجا وطنيا يعكس توجه الدولة نحو تنفيذ التعهدات المناخية، وتحفيز التحول إلى الاقتصاد الأخضر، والمساهمة بفاعلية في الجهود الدولية الهادفة لتقليل الانبعاثات الضارة، كما أنه يمثل مسارا إقليمياً للربط ما بين القضايا الدولية للمناخ وقضايا التنمية مع حشد التمويل الإنمائي الميسر لحزمة من المشروعات التنموية الخضراء ذات الأولوية، بهدف تحقيق نمو اقتصادي مستدام وتنمية منخفضة الانبعاثات وتعزيز البحث العلمي ونقل التكنولوجيا في مجال تغير المناخ.
وفي التاسع من الشهر الجاري تطلق مصر خلال فعاليات المؤتمر المناخي "يوم التمويل" الذي يستهدف تعزيز الفرص التمويلية للاستثمارات الخضراء من أجل مكافحة التغيرات المناخية خاصة بالبلدان النامية والأفريقية على نحو يؤدي إلى خفض تكلفة تمويل المشروعات الصديقة للبيئة باستخدام آليات ميسرة لتحفيز التحول إلى الاقتصاد الأخضر وحشد التمويل للتنمية المستدامة.
لا شك أن قيادة مصر مؤتمر Co27 الأممي محاطة بمسار راسخ من تبني السياسات التي من شأنها تقديم النموذج العملي والجاد في مكافحة التغير المناخي وهو جهد كبير لم تبذله دول كبرى مسؤولة عن نسبة كبيرة من الأضرار البيئية والانبعاثات الكربونية كما أن قدرة مصر على قيادة مسار عربي وأفريقي ينعكس بكل تأكيد على تلك القضية الحيوية وتمنحها زخما قادرا على التحرك والتغيير التي تمس قدرة كوكبنا على الحياة وتهدده باضطراب كبير لن ينجو منه أحد إن ارتكن بعضنا إلى بعض في التصدي لتلك التداعيات البيئية المخيفة التي تحيطنا.