«إنقاذ العالم».. من شرم الشيخ
استضافة مصر لقمة المناخ كوب-27.. حملت العديد من الرسائل والمعانى المهمة التي تجسد ثقة العالم فى مصر.. وقدرتها على تنظيم مثل هذه المحافل الدولية المرموقة.. كماً وكيفاً.. فما بين روعة المدينة الساحرة التي أصبحت واحدة من أفضل مدن العالم.. وعبقرية الأداء والتخطيط والتنظيم.. وقدرة مصر على رئاسة القمة 27، وتحديد مسارات ومكونات خارطة إنقاذ الكوكب الذي نعيش فيه في توقيت دقيق وحساس.. يواجه فيه أخطار وجودية وتحديات غير مسبوقة بسبب التغير المناخى.. وهو ما يستلزم طبقاً للرؤية المصرية التي تعمل على سلامة وسلام العالم دائماً التكاتف الدولي.. وتحويل الوعود إلى واقع ملموس على الأرض.. خاصة لدعم الدول النامية والأكثر تضرراً والأقل تأثيراً في التغيرات المناخية.. لذلك يعول العالم وتتجه أنظاره إلى قمة العالم للتغير المناخي بشرم الشيخ في كل ما يواجه البشر وسائر الكائنات الحية من تداعيات خطيرة للبراكين والأعاصير والزلازل وارتفاع درجات حرارة الأرض.. والجفاف والتأثيرات السلبية على الأمن الغذائى والمائى.. وما تعرض له آلاف البشر من موت بسبب هذه الكوارث.. وما عاناه من تشريد بالملايين.. لذلك فإن مصر تقود العالم لوضع خارطة للإنقاذ قبل فوات الأوان.
قمة الوفاء بالوعود.. حتى تتحول إلى واقع ملموس فى ظل توقيت حساس ودقيق يواجه كوكب الأرض.. ويتعلق بحياة البشر.. قمة التغير المناخى التى تستضيفها مصر..تحمل رسائل كثيرة.. تجسد ثقة دولية.. وقدرة وطن استطاع أن يغير الواقع إلى الأفضل
«إنقاذ العالم».. من شرم الشيخ
ربما لا يعرف البعض أسرار أهمية استضافة مصر قمة التغير المناخى العالمية «كوب 27».. الحقيقة أن استضافة مصر لقمة المناخ هى لحظة تاريخية بكل المقاييس، تكشف عن حجم ثقة العالم فى هذا الوطن، وقدرته على تنظيم مثل هذه المحافل العالمية، والتى تشكل نقطة محورية ومفصلية فيما يواجه هذا العالم من تحديات وأخطار وجودية وغير مسبوقة تتعلق بمصير هذا الكوكب الذى نعيش فيه، وقدرتنا على العيش والحياة فيه، وما يشهده من متغيرات مناخية وبيئية حادة تنذر بخطر داهم وطوفان هائل على كوكبنا جراء زيادة الانبعاثات والتى فاقت حدودها الطبيعية فى تأثيرها على ارتفاع درجة حرارة الأرض وهو ما أدى إلى ظواهر خطيرة مثل عدم الاستقرار المناخى والبيئى فى العالم، وهو ما أفضى إلى ارتفاع فى درجة الحرارة، أوجد كوارث الفيضانات والأعاصير المدمرة التى شردت ملايين البشر وحرائق الغابات وتأثير ارتفاع درجات حرارة الأرض على البحار والمحيطات والأنهار وارتفاع معدلات الزلازل والبراكين وجفاف الأنهار وهو ما يهدد الكثير من المحاصيل الزراعية وبالتالى تهديد الأمن الغذائى لهذا العالم والتأثير على البشر، وقد وصلت درجة حرارة هذا الكوكب إلى 1.1 درجة مئوية، وتسعى دول العالم إلى الحفاظ على درجة حرارة الكوكب فيما لا يزيد على درجتين مئويتين، لكن مازالت كل الجهود والمحاولات والمواجهات لم ترق إلى مستوى خطورة هذا التحدى والتهديد.
منذ انعقاد قمة المناخ العالمية الأولى للأمم المتحدة فى مدينة برلين الألمانية عام 1995 وحتى قمة جلاسكو، لم يول العالم الاهتمام المطلوب لإزالة المخاطر المناخية والتصدى لها، فالوعود كثيرة، لكنها لم تلامس الواقع خاصة فى احتياج الدول النامية إلى الدعم والتمويل وهى الأكثر تضرراً فى العالم من ويلات وتداعيات التغيرات المناخية، فهى ضحية الدول الكبرى والتى يمكن إيجازها فى دول مجموعة العشرين الصناعية الكبرى والتى ساهمت بنسبة 80٪ من حجم التغيرات المناخية على مستوى الكوكب وقارة مثل أفريقيا لم تزد مساهمتها فى التغيرات المناخية على 4٪، ومصر أقل من 1٪ وهناك دول لم تسهم قط، خاصة فى ظل التوازن الأخضر مع الانبعاثات، فدولة مثل الصين تصل مساهمتها إلى 25٪، والولايات المتحدة إلى 13٪، والاتحاد الأوروبى إلى 13٪ لذلك فوعود الدعم والمساندة والتمويل والإمداد بالتكنولوجيا لمجابهة هذه التداعيات والمخاطر لابد أن تتجاوز مرحلة الوعود لتتحول إلى واقع وهو ما تسعى إليه مصر فى قمة شرم الشيخ كوب-27 وتحلى الدول الكبرى بالجدية والاهتمام نحو مساعدة الدول النامية سواء فى تنفيذ تعهدات وعود قمة باريس أو قمة جلاسكو.
نحن أمام مخاطر لا تهدد دولة بعينها ولكن هى تهديد للبشر والكوكب الذى يعيشون فيه، فارتفاع درجة حرارة الأرض عن 2 درجة مئوية فى حال التمادى فى نفس معدلات الزيادة، ومستوى الانبعاثات فسوف يؤدى إلى كارثة محققة وهلاك واضح وسوف يؤثر على الإنسان والحيوان، والحجر والبشر والمحيطات والبحار والأنهار والثروات ومستوى الأمن والاستقرار وهو أيضاً تهديد مباشر لرفاهية الدول الكبرى ومستقبلها فى ظل ارتفاع وتيرة الأعاصير والفيضانات وحرائق الغابات بسبب ارتفاع درجات الحرارة ولعل ما شهدته أوروبا هذا العام يشير إلى حجم الخطورة المتوقع فى ظل الإصرار على عدم التحوط والحذر والتراجع من الممارسات السلبية التى تغير المناخ وتؤدى إلى رفع درجة حرارة الأرض وارتفاع وتيرة الانبعاثات.. هنا يجب على العالم أن يتحرك سريعاً لإيجاد مصالحة بين الطبيعة والبشر، خارطة طريق للحفاظ على التوازن البيئى والمناخى حتى لا يتعرض الكوكب للفناء والدمار خاصة فى ظل توقعات العلماء باختفاء مدن بالكامل ربما بسبب ثورة البحار والمحيطات.
الحقيقة أن المشاعر تمتزج عندما تتواجد فى شرم الشيخ فما بين مشاعر الفرحة والفخر بمصر العظيمة، ومكانتها المرموقة، وثقة العالم فى قدرتها وأيضاً قدرة الإنسان المصرى على التفوق والإبداع فى تنفيذ هذا التنظيم الشامل والمتكامل الذى يأخذ كل صغيرة وكبيرة فى الاعتبار ولا يترك أمراً للصدفة وبمنتهى الفخامة والعصرية، وربما يتفوق فى تنظيمه على دول كبرى، فما بين روعة وعبقرية المكان فى «شرم الشيخ» والتى أعتبر أن هناك مدينة جديدة أضيفت لشرم الشيخ القديمة، فقد انبهرت وفوجئت بهذا التطور والجمال والروعة والرقي، إنها بحق مدينة عالمية وواحدة من أجمل مدن العالم، أضيفت لها أشياء كثيرة، شوارع ولا أجمل، زهور وخضرة، وأعلام، توسعات وأجواء عبقرية، إنها ساحرة، وأيضاً هذه القاعات الجديدة الفاخرة التى تليق بمصر ومكانتها وما وصلت إليه فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، رغم وجود عشرات الآلاف فى شرم الشيخ لا تشعر بأى مشكلة هناك انسيابية ومرونة وراحة فى التنظيم.. إجراءات بالفعل تكشف عن عقلية مبدعة، بالإضافة إلى أن البناء والتطوير والتحديث الذى شهدته مدينة السلام شرم الشيخ على مدار العام أضاف لها سحراً مضاعفاً.
الحقيقة إننى ذهبت بالأمس فى جولة بمدينة شرم الشيخ على مدار ساعة وذهبت إلى القاعات، ومراكز والمناطق ذات الألوان المتعددة وقلت لنفسى عمار يا مصر، عظيمة يا مصر، فعلاً تقدر وتستطيع، إن ما يحدث هو انعكاس طبيعى لروعة الرؤى والبناء والفكر، وروح الفريق الواحد المصرية، بصمة الـ ٨ سنوات عهد الرئيس السيسى واضحة هى العنوان الرئيسى لما يحدث فى شرم الشيخ من تفوق وإبداع عشناه ونراه على مدار 8 سنوات فى كل المجالات، فالخيال الواسع والعبقرى يتحول دائماً إلى واقع، طموحنا يفوق أى توقع، قدرتنا على العمل والإنجاز تناطح السماء، نفسى أن كل المصريين يكونون موجودين هنا يشاهدون عظمة وقدرة مصر.. لكنهم يرون على شاشات التليفزيون، يرون كيف يتحدث العالم عن مصر وقيادتها.
الحقيقة أن ما قاله الرئيس السيسى بالأمس فى تدوينة على صفحته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، يجسد بكل وضوح رسالة وأهداف قمة المناخ بشرم الشيخ والتى تأتى فى توقيت حساس وبالغ الدقة فى ظل ما يتعرض له عالمنا لأخطار وجودية وتحديات غير مسبوقة تؤثر على البقاء والحياة والعيش على هذا الكوكب، فى ظل ظواهر مناخية تشكل خطراً داهماً وأيضاً ارتفاع الانبعاثات وتداعياتها على المناخ والبيئة، سواء فى شكل فيضانات وأعاصير وبراكين وزلازل، وسيول ودرجات حرارة مرتفعة تؤثر على جميع الكائنات بمن فيها البشر وعناصر ومكونات حياتهم، وتباين الأجواء وعدم ملاءمتها لطبيعة فصول العام وتأخر وطول الصيف أو الشتاء، وشدة الحرارة أو البرودة كل ذلك ناتج عن الإفراط فى الانبعاثات التى تسببت فيها الدول الصناعية الكبرى وتشكل تهديداً خطيراً على كافة مجالات الحياة بالنسبة للإنسان وأمنه واستقراره ومدى توافر الأمن المائى والغذائي، فالأعاصير والفيضانات والسيول والبراكين والحرائق أودت بحياة عشرات الآلاف من المواطنين فى دول مختلفة، بالإضافة إلى تشريد ملايين المواطنين.
الرئيس السيسى وضع طريقاً للخروج من هذا المأزق الخطير الذى يواجه الكوكب الذى نعيش فيه جميعاً كعالم يتعرض لمخاطر عنيفة تنذر بكوارث إذا استمرت نفس المعدلات والمؤشرات والممارسات، فالرئيس السيسى أكد أن هذه الأخطار الوجودية والتحديات غير المسبوقة تستلزم وتتطلب تحركاً سريعاً من كافة دول العالم لوضع خارطة لإنقاذ العالم من التأثيرات الكارثية للتغيرات المناخية لذلك فإن مصر تتطلع خلال القمة التى تستضيفها لخروج المؤتمر من مرحلة الوعود إلى التنفيذ بإجراءات ملموسة على الأرض تبنى على ما سبق لاسيما مخرجات قمة جلاسكو واتفاق باريس.
الحقيقة أن مصر تعمل خلال هذه القمة على عدة محاور سواء فى إشعار العالم بخطورة التحديات المناخية التى تواجه الكوكب الذى نعيش فيه، وتجاوبه مع هذه التهديدات بالشكل الذى يتسق مع خطورتها، فعلى مدار 27 عاماً فإن الوعود التى أطلقتها القمم السابقة لم تتحقق سواء قمة جلاسكو أو اتفاق باريس لذلك فإن قمة شرم الشيخ يجب أن تكون هى قمة تنفيذ الوعود التى تعهدت بها الدول الكبرى ذات الإسهامات الكبيرة فى قضية التغير المناخى وزيادة معدلات الانبعاثات خاصة فى توفير المساعدات والدعم والتمويل للدول النامية والأكثر تضرراً من الانبعاثات على مواجهة تداعيات التغير المناخى والاتجاه إلى الاقتصاد الأخضر، وتنظيم مشروعات إنتاج الطاقة المتجددة وتقليل حدة الانبعاثات الدفيئة التى تؤثر على طبيعة المناخ وحجم التأثيرات السلبية والتداعيات الخطيرة على مستقبل كوكب الأرض وحياة الكائنات الحية، وسلامة ووجود المحاصيل الزراعية، وضمان أمن وأمان واستقرار وحياة البشر، فالوعود على مدار السنوات الماضية جاءت كثيرة إلا أنها لم ترق إلى تلبية طموح المطلوب من أجل مواجهة آثار التداعيات المناخية وتقويض مسببات التغير المناخى وتخفيف العبء الاقتصادى المترتب على استخدامات الطاقة التقليدية والتوسع مع القطاع الخاص والشركاء الدوليين فى مجالات الطاقة النظيفة والمتجددة.
الحقيقة أن ما نشهده فى شرم الشيخ تجسيد لقدرة مصر وأنها تستطيع أن تكون رقماً مهماً فى المعادلة الدولية وفى وضع رؤى وحلول لقضية التغيرات المناخية التى تعد تحدياً هو الأخطر يضاف إلى جانب تحديات أخرى تواجه هذا العالم من تداعيات الحروب والصراعات والإرهاب ولعل ما أحدثته الحرب الروسية - الأوكرانية ليس فقط على الأصعدة السياسية والأمنية والاجتماعية، والاقتصادية ولكن أيضاً على قضية التغير المناخى ففى ظل ندرة مصادر الطاقة عموماً سواء «الاحفورية» أو المتجددة والنظيفة وهو ما فرض على بعض الدول الاتجاه إلى العودة إلى استخدام الفحم كمصدر بديل للطاقة لكنه يزيد من التأثيرات السلبية على المناخ، ويزيد العبء والخطر على العالم.
الأزمات التى تواجه العالم مرتبطة فى نتائجها وتداعياتها ببعضها البعض لذلك يجب على العالم أن يكون جاداً فى مواجهة نفسه أولاً بالتحديات والتهديدات التى ترتبط ببقائه ووجوده وأمنه واستقراره وأيضاً فى تقديم الحلول والدعم والمساعدات للدول والأطراف الأكثر تضرراً والتى تواجه تحديات سواء فى مجابهة المتغيرات المناخية أو توفير التمويل اللازم من أجل هذا الهدف والاتجاه إلى التوسع فى مشروعات الاقتصاد الأخضر كما فعلت مصر، وأيضاً استخدام الطاقة النظيفة والمتجددة، مصر لديها استراتيجية الطاقة المستدامة لعام 2035 تهدف إلى زيادة مساهمة الطاقة المتجددة فى إجمالى الطاقة الكهربائية حيث من المقرر أن يصل إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة إلى 42٪ من إجمالى الطاقة الكهربائية المنتجة عام 2035 مقارنة بهذا العام الذى وصلت فيه النسبة إلى 20٪.
الحقيقة أن مصر تمضى وفق رؤية شاملة وموضوعية وواقعية وطموحة نحو تعزيز جهود التصدى للتغير المناخى وتحقيق استدامة الطاقة فى ظل تصاعد وتيرة التحديات المناخية وتهديدها للوضع البيئى العالمى وتأثيرها على عملية التنمية فى المجتمعات.
الدولة المصرية وضعت خارطة طريق تعمل فى مسارات متوازنة لمواجهة تحديات التغير المناخى خاصة فى ظل التوسع فى مشروعات الاقتصاد الأخضر وتنمية وتنويع مصادر الطاقة المتجددة سواء من الشمس أو الرياح أو المياه أو إنتاج الهيدروجين الأخضر والذى يمثل مستقبلاً واعداً للدولة المصرية واقتصادها فهى من أهم وأبرز دول العالم فى هذا المجال وهناك استثمارات أجنبية مهمة والقطاع الخاص، وهى شراكات تحرص عليها مصر من أجل إنهاء مسببات التغير المناخي، لكن هذا المستقبل الواعد جاء وفق رؤية وإرادة ومسار استثمرت فيه الدولة المصرية، وسوف يكون إضافة قوية للاقتصاد المصري، وخطوة مهمة على طريق مجابهة تداعيات التغير المناخى وفى هذا المسار أرى طعم الأفكار الخلاقة واستثمار الفرص الموجودة فى مصر وثرواتها وقدراتها وموقعها الجغرافي، فمصر تطل على بحرين هما المتوسط والأحمر ولم يفكر أحد قبل الرئيس السيسى فى تبنى هذا التوجه إلى جانب مجالات كثيرة لم يقترب منها أى رئيس سابق، وطبقاً لرؤية الرئيس السيسى فإن تنمية الموارد وتوفيرها فى ظل محدودية قدرات الدولة كان تحدياً نجحت الدولة فى مجابهته إلى حد كبير سواء بفضل الأفكار الخلاقة أو الاستثمار فى القدرات والفرص والموقع الجغرافى لمجابهة تحديات كثيرة وإنهاء أزمات وإشكاليات كثيرة ورثتها الدولة المصرية على مدار 50 عاماً، لكن القيادة السياسية على مدار ٨ سنوات أضافت شرايين جديدة وقوية للاقتصاد المصرى تدر عوائد كبيرة وعملات صعبة من أجل البناء والتنمية وتلبية آمال وتطلعات المصريين.
تحيا مصر