لم يكن يتخيل أبواق الخراب ووجوه البوم الذين ملأوا الدنيا ضجيجا وكذبا وتدليسا من أجل أن ينحرفوا بالمصريين عن مسارهم الذين اختطوه ورسموا ملامحه ووضعوا أهدافه في الثلاثين من يونيو إلى مسالك مدمرة مهلكة تشبع هوس هؤلاء وترضي شغفهم في الثأر من انتفاض المصريين الذي تسبب في شتاتهم وتجرعهم الذل في ليالي الغربة.
أكد المصريون مجددا أنهم أغلقوا صفحة الفوضى غير راغبين في التقام طعام مسموم بذلت جهود عريضة لتزيينه في عيونهم وتقديمه على أنه الخلاص المنشود وأدركوا جيدا أنه لا عهد لهؤلاء الذين يحاولون المتاجرة بآلامهم أو الصعوبات التي تواجههم كما أكدوا ترسخ حالة نضوج ووعي قومي باتت حصنا منيعا أمام محاولات الاختراق .
بات المصريون اليوم بعد أن أفشلوا دعوات الفوضى أكثر قدرة على تبصر موضع أقدامهم وجددوا العهد لمسار 30 يونيو عازمين على تخطي الصعاب والتحديات مهما تعاظمت.
الأمر الأكثر أهمية من فشل تلك الزمرة الشاردة الساكنة لأرض العار ميراثهم الذي سيتركونه بعد أن يواريهم النسيان هو إعلان انتهاء عصر التدليس الإلكتروني على مواقع التواصل وإغلاق بوابات السحرة صانعي المحتوى المفبرك والمغموس في مياه النذالة والخسة للدفع بأبرياء في مغامرة غير محمودة العواقب.
فشل هؤلاء الناعقون الذين ملئوا الشاشات بوجوههم القبيحة وآمالهم المنحطة في أن يزجوا بالوطن في أتون محرقة لا يعلم أحد سوى الله عواقبها.
إنها رسالة واضحة من المصريين لأعدائهم مفادها أن غادرونا أن ارتزقوا من مصادر أخرى أن كفوا عنا أذاكم فنحن متمسكون بمسارنا وعازمون على استكماله حتى بناء مصر المدنية القوية التي تكرهون أن ترونها حيث تدركون تمام الإدراك أنه لا مكان لكم فيها.
يرى المصريون اليوم بلدهم قويا ملء السمع والبصر وطرفا فاعلا في محيطه الإقليمي والدولي يواصل كالمقاتل بلا هوادة ترسيخ مكانه في حاضر البشرية ومستقبلهم مدركين أن ذلك لن يتحقق إلا بالعمل والصبر والاصطفاف كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا ولم تفلح صعوبات نجمت عن أزمة عالمية نتيجة الحرب الأوكرانية أن تحيد بعزم المصريين بعيدا عن ذلك الهدف وهو بناء الدولة المدنية الحديث التي تخلو من كيانات موازية للدولة تشغل مساحات أجبرت الدولة على تركها خالية نتيجة ضعف قدرتها ومحدودية جاهزيتها لتلبية متطلبات شعبها.
إن فشل هؤلاء المرتزقة في تثوير المصريين لا يعني أنهم سيتوقفون أو سينصرفون عن مسارهم الشيطاني بل سيكمنون للبحث عن مسار جديد نحو ذات الهدف وبأساليب أخرى لكن نفوسهم الضيقة قد تدفعهم إلى انتهاج العنف الذي أظن أنه سيكون خيارهم التالي عقب فشل دعوات التظاهر المتتالية من أجل هذا كان الرئيس السيسي يؤكد مرارا ومرارا أن الجيش والشرطة سيكونان بالمرصاد لكل مخبول قد يفكر أن العنف قد يحقق الحلم الضائع بإسقاط مصر.
يدرك المصريون أن رصيد النذالة بداخل تلك النفوس كبير ويسمح باللجوء إلى أي طريق يوصلهم لاستذلال المصريين وإضعاف شوكتهم ولم تكن دعاياتهم ضد الجيش والشرطة إلا إدراكا منهم لخصوصية العلاقة بين الشعب والجيش والشرطة وأنها إن بقيت متينة صامدة مثمرة فلا سبيل لهم أن يسقطوا مصر يوما ما لذلك فإن محاولة الوقيعة بين الشعب وتلك المؤسسات ستظل بندا رئيسيا في دعاياتهم واستراتيجياتهم .
حق لكل مصري أن يفخر بحالة الوفاق الوطني العميق الذي تحقق في مصر وأن مصر باتت أكثر قوة ولم تعد تجدي معها محاولة فرض الأمر الواقع أو الضغوط أو استدعاء الغرب لقد ولى هذا الزمن في مصر إلى الأبد وبقي أن نواصل العمل ونضاعف معدلاته ونسابق الزمن في إنجاز ما بقي من أجندة الإصلاح ولبيق هؤلاء المرجفين يهيمون في وادي الأوهام.