رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


مصر التى لن تتغير مبادئها

10-8-2017 | 17:58


بقلم –  أحمد أيوب

تتبدل الأوضاع، وتختلف المواقف، وتتزايد الأطماع، وتكثر المخططات، لكن فى النهاية لا يصح إلا الصحيح، ومصر منذ البداية لم تسلم عقلها لأحد فى الأزمة السورية، واختارت ما تمليه عليها مسئوليتها العربية كدولة قائدة، وشقيقة كبرى لا يمكن أن تتورط فى دم عربى أو تصمت على مؤامرات تستهدف إسقاط دول عربية، تحملت القاهر ة ضغوطا من كل الجهات للتأثير على موقفها أو تغيير وجهتها، لكنها كانت ثابتة على مبدئها، أن الدم السورى كله حرام، وأن الصمت على إراقته جريمة لا تغتفر، وأن المسئولية تقتضى أن نتدخل بكل السبل لإيقاف النزيف المرعب والاقتتال فى شوارع سوريا الشقيقة، أن نمنع الانهيار السورى، أن نواجه مخططات تقسيمها، فالمبدأ المصرى من البداية هو وحدة الأراضى السورية والحفاظ على جيشها الوطنى.

البعض حاول تشويه الموقف المصرى، حرضوا عليه مدعين ان مصر تقف مع نظام وحشى يقتل شعبه، أشاعوا بإعلامهم المأجور بين السوريين أن قيادة مصر تتآمر عليهم، لكن مصر كعادتها تحملت الإساءات من أجل الشعب السورى نفسه.

الآن وبعد أن وضحت الصورة وانكشف الغطاء عن اللاعبين من خلف الستار فى الملعب السورى، وظهر المحرضون على الحرب والممولون للميليشيات الإرهابية، تأكد الجميع أن مصر كانت على صواب وأن موقفها هو الأجدر بالاحترام، التف الجميع حول الرؤية المصرية، واقتنعوا أنها المنقذ من الكارثة التى صنعوها، ولم يقدروا على التحكم فى نتائجها.

الأهم أن الشعب السورى نفسه أيقن أن مصر هى الأحرص على مصلحته، والأكثر خوفا على مصيره، وأنها لم تكن فى موقفها تسعى لحماية نظام أو دعم تيار، وإنما كان همها وشاغلها الشعب السورى فقط، أن تحميه من القتل دون جريمة ارتكبها، أن تجنبه التشرد فى الصحراء والتسول على حدود بلاد العالم، ومواجهة الموت غرقا فى ماء البحر، بحثا عن أمل العيش.

اقتنعت كل فصائل المعارضة السورية الوطنية أن مصر هى الدولة التى لم تزايد بهم، ولم تستغلهم لتحقيق أجنداتها، تأكدوا أن مصر ليست لها أجندات خاصة فى سوريا أصلا، وأن أجندتها الوحيدة وهدفها الأكيد كان وما زال هو عودة سوريا لأهلها.

ولهذا ففى الوقت الذى تمول فيه دول ميليشيات القتل، وتحرض على استمرار الصراع، وتنفخ فى كير الحرب، كانت مصر تسعى لتطفئ نيران الفتنة وتحمى الشعب السورى الشقيق من مصير مجهول، فنجحت بمصداقيتها فى تحقيق الهدنة مرتين، وبينما كانت دول تمارس دور الشيطان ببراعة على الأراضى السورية، ويتسلل عملاؤها ليمولوا المقاتلين بالسلاح، الذى يضمن استمرار سيل الدماء والخراب السورى، كانت مصر تصر على سعيها، ويغامر دبلوماسيوها بحياتهم، ويتحركون بين مدنها من أجل إدخال المساعدات الإنسانية، التى تضمن لأهلها الأبرياء المغلوبين على أمرهم الحياة.

هى مصر ولو كره الكارهون، وهذا دورها التاريخى الذى لن تفلح محاولات الحاقدين فى إيقافه، وشهادات السوريين كانت كاشفة للفارق بين مصر وغيرها..، بين بلد يخاف على أشقائه العرب ويبذل ما فى وسعه من أجل تجنيبهم المخاطر، وبين بلاد أخرى ملأ الحقد قلوب قادتها، وينفقون المليارات من أجل هدم الدول العربية على رءوس أهلها.

اكتشف السوريون ماذا تعنى لهم مصر، واعتذر من أخطأ منهم فى حقها، واعترفوا أنهم كانوا مغيبين بفعل قنوات عميلة كانت تغسل أدمغتهم، تأكدوا أن مصر هى الأوضح فى موقفها، والأثبت فى مبادئها، والأحرص على مستقبلهم، فهِم السوريون لماذا كانت موافقة مصر على مشروعى فرنسا وروسيا المتناقضين، أيقنوا أنه طالما ظلت القاهرة قوية فسوف تظل الأمة العربية محمية وشعوبها مؤمنة ضد الخطر، قالوها بأعلى صوتهم، مثلما قالها غيرهم من الليبيين واليمنيين والعراقيين.. عادت مصر فعاد الأمان للعرب.