د. عبد الحميد كمال,
الاندهاش يأتي من الأسئلة التي سوف نطرحها حول أوضاع محافظة السويس الثقافية باعتبارها حالة تستوجب العلاج السريع.
هل يتصور أحد أن محافظة السويس بمواقف أبنائها الوطني وبتاريخها العريق وباعتبارها احد المحافظات الحضرية الهامة أن تكون ميزانية ومخصصات الأنشطة الثقافية لها لا يتجاوز 37 ألف جنيه فقط للصرف على الأنشطة الثقافية لكل من "نادي قصر الثقافة - بيت ثقافة فيصل" بما لا يزيد من 8 آلاف جنيها لكل منها أما الصرف على المحاضرات الثقافية لا يتجاوز 7 آلاف جنيها ويخص أنشطة ذوي الاحتياجات الخاصة 10 آلاف جنيه.
ويبقى نصيب المؤتمر الأدبي السنوي 6 آلاف جنيها أما عن النشاط المسرحي فحدث ولا حرج فالمخصص للفرقة القومية المسرحية وفرقة مسرح قصر الثقافية 150 ألف جنيه وبإجمالي لكل الأنشطة للفنون الشعبية والتشكيلية والإبداعية بما لا يزيد في إجمالها عن 200 ألف جنيه سنويا وبحسبه بسيطة يظل نصيب المواطن من الخدمات الثقافية اقل من 3 قروش في العام.؟!
هل يعقل أن يكون حي الأربعين الذي يسكن ويعيش فيه ما يقرب من ٥٢% من تعداد السكان بدون قصر ثقافة رغم المطالبة بذلك منذ سنوات باعتباره الحي الشعبي الأكبر في المحافظة يظل بدون خدمات ثقافية !!
وهل يعقل أن تظل محافظة السويس بلا مكتبة عامة بعد أن تم حرق 18 ألف كتاب بسبب أعمال العنف والإرهاب للقوي الظلامية أثناء أحداث يناير 2012 الإرهابية التي كانت تستهدف الثقافة والسويس؟!
وبالرغم من تخصيص الأرض من قبل محافظة وبحضور رئيس هيئة مكتبات مصر السفير عبد الرؤوف الريدي وبناء على طلب لي أثناء عضويتي بالبرلمان حتى الآن لم تتحرك وزارة أو المالية لإنشاء المكتبة العامة بالسويس والملف مركون منذ أكثر من 3 سنوات بين المحافظة والتخطيط والمالية؟.
وهل يعقل أن يتم تجاهل بناء قصر ثقافة الطفل الذي وضع حجر الأساس له رئيس الوزراء الأسبق د.فؤاد محي الدين عام 1981 أي منذ 41 عاماً ويظل أطفال السويس محرومين من الخدمات الثقافية ؟؟
وقد بح صوتنا بتلك المطالبات!.
وهل يصح أن يتم تجاهل مشروع إنشاء مكتبة السويس الكبرى ويتم تعطيل المشروع منذ عام 2009، والذي كان باسم "سوزان مبارك" رغم الانتهاء من الرسومات الهندسية والتخطيطية والبنائية التي تمت عن طريق احد البيوت الاستشارية الهندسية الكبرى وظل المشروع حبرا على ورق رغم أن المشروع يحتوي على مكتبات وقاعات وصالات للطلاع وأماكن مخصصة بالمكتبات السمعية والبصرية وللخدمات الثقافية الأخرى لكن العنوان الحقيقي الواقعي هو التجاهل؟! موقع المكتبة كان مقدمًا في منطقة بورتوفيق وحتى الأن المشروع متعثرا ولا يعرف أين صرفت أمواله التي جاءت بالتبرعات حوالى 120 مليون جنيهاً مما يثير علامات استفهام؟
أما عن إنشاء بيت السمسمية والذي كان محور لمطالب برلمانية استجابة لفناني السمسمية وبخاصة الفنان سيد كابوريا مؤسس جمعية محبى السمسمية بالسويس والفنون الشعبية ورغم الوعود الوزارية إلا أنه لم يتم حتى الآن.
أما عن المركز التعليمي والثقافي لاكتشاف المواهب حتى الآن لم يتم افتتاحه رسميا فقد تم بناؤه من 5 سنوات والذي صرف عليه ما يزيد 65 مليون جنيه على اجمل منطقة على خور البحر وللأسف مازال معطلاً ولم يتم تشغيل الأحواض الزجاجية الخاصة بالأسماك والأحياء المائية، وكذلك عدم الاهتمام بتطوير القبة السماوية للعروض الفضائية الثقافية مما يثير أيضا علامات الاستفهام ؟؟!
وقد خسرت السويس وأبنائها المحبين الثقافة والفنون 14 دار عرض سينمائية كانت تملئ الحياة الثقافية وتقدم الخدمات للمواطنين ومن أشهر تلك السينمات التي كانت تحمل أسماء أجنبية ومصرية منها "شنتكلير" الشتوي وحديقتها الصيفية - سينما مصر - سينما نون التي كانت لها سقف متحرك يفتح صيفا ويغلق شتاء، بالإضافة إلى دور العرض التي تحمل أسماء الحرية - بورتوفيق- حنفي - أوبرا حنفي - رجب الشتوي والصيفي - رويال وسينما بلال في الأربعين وسينما معمل السويس للصنيع البترول التي لم يتم تشغيلها منذ عام 1964 منذ بنائها وحتي الآن ".
فضلا عن تحويل مكان مخصص في منطقة المثلث تم تحويل الأرض وتخصيصها لجمعية أبناء الشرقية بالسويس ولم يتم إقامة السينما، بالإضافة إلى دار العرض الجديدة ببلاج البلوبتش الذي إقامة المحاسب علاء حنفي ابن اشهر منتج في صناعة السينما الحاج حنفي محمود (ابن السويس).
قد تم تدمير وإصابة الكثير من دور العرض أثناء حروب ١٩٦٧ والاستنزاف بفعل الصواريخ والطائرات الإسرائيلية، وأصيب البعض الآخر بالإهمال وتم تحويلها إلى أبراج سكنية أو جراجات وبالالتفاف على القانون الذي كان يمنع هدم دور العبادة والسينمات وضرورة بديل لها فضلاً عن تحويل المكان المخصص لإنشاء دار عرض سينمائية بمنطقة المثلث وتم تحويلها إلى إنشاء جمعية أبناء الشرقية ولم يتم إقامة السينما.
ولم تبقِ الآن سوي السينما الوحيدة بمحافظة السويس وهي "سينما رينيسانس".
إن أوضاع السويس الثقافية تحتاج إلى وقفة جادة من الحكومة المركزية خاصة بعد معاناة السويس من القوى الظلامية والإرهابية وأعمال العنف والتطرف ومن أجل المحافظة على السويس ومستقبلها الاقتصادي والحضاري، وما يتم بها من تطوير ومشروعات جديدة ستجعلها قاطرة حقيقية للتنمية.
وغني عن البيان أن السويس التي كتب عنها الشعراء عبد الرحمن الأبنودي وزارها محمود درويش، وكتب الشعراء سيد حجاب وفؤاد حداد وفؤاد قاعود، وغنى لها الفنان محمد حمام أجمل الأغاني (بيوت السويس يا بيوت مدينتي) والعديد من الفنانين والفنانات حبا وتقديراً للسويس وبطولات شعبها المصريين وأنشد لها ابتهلالات الشيخ سيد النقشبندي والفنان سيد مكاوي بصوته الرخيم وصورت فيها أفلام سينمائية طويلة وتسجيلية ووثائقية لمكانتها العامة.
وبعد إننا نطالب بتطوير الأوضاع الثقافية بالسويس يستوجب إلى النظرة الأرقى لبناء مصر الجديدة التي نريدها أفضل دوما.