بالفيديو والصور.. سهرة "الهلال اليوم" في "الحسين".. مدد يا ولي النعم
هو حي لا يختلف فيه الليل عن النهار، ولا يهدأ زواره، الذين يقصدونه من كل مكان في الدنيا عن الحركة في أرجائه الفسيحة.
النظرة الأولى في وجوه رواد حي "الحسين" التاريخي، والذي يزيد عمره على ألف عام؛ تجعلك تعتقد أنه يحتضن أبناء جنسيات القارات الست، ولما لا وهو يضم بين جنباته، أغنى الآثار الإسلامية مصرية، وأكثرها عراقة وتفردا.
على أحد المقاهي العريقة المنتشرة في قلب ميدان الحسين، جلس فريق "الهلال اليوم"، يرصد بالصوت، والصورة، تفاصيل ليلة رائعة من ليالي الحسين العامرة.
ليلية رائعة
كانت عقارب الساعة تشير إلى الثالثة والنصف صباحا، ورغم ذلك لا أحد يشعر بالوقت، فحركة المطاعم مستمرة، والمقاهي ممتلئة عن آخرها، والجميع يتحركون بهمة ونشاط، جيئة وذهابا في ممر خان الخليلي، أشهر الأماكن السياحية في مصر على الإطلاق.
على أطراف الخان، نلمح عددا من السائحين العرب، وقد ملأت وجوههم ملامح تجمع بين السعادة، والانبهار، ووقفوا يشترون التحف، والمشغولات اليدوية الرائعة.
وفي قلب الميدان، وأمام مسجد الحسين، الذي ينتشر حوله مريدي، ومحبي آل البيت، تقف الفتيات النوبيات، متسلحات ببعض أدوات رسم الحنة، يستخدمن قدراتهم الخاصة، في تزيين وجوه الصغار؛ مقابل جنيهات قليلة يستعن بها على مصاريف اليوم.
ويحتشد الأطفال، حول حديقة الميدان؛ لشراء اللعب، والمشروبات، والأطعمة، ويلهون بين أسرهم، في أمان تام
الموسيقى الليل
وبينما تمتلئ أجواء المكان بخليط من روائح العطور التي يبيعها بعض رواد المكان، ودخان الشيشة التي يدخنها بشراهة، السائحون خاصة أبناء الكويت، وليبيا، والسودان، مزق عدد من الشباب المصريين، صمت الليل، بمعزوفات جميلة، من الآلات الموسيقية مثل: العود، والمزمار، والطبلة؛ مما أشاع جوا من البهجة والمرح.
تجاوزت الساعة الرابعة بقليل، ومازالت الأسر المصرية، والسائحون الأجانب، يتوافدون على المكان، فلا تكاد تغادر مجموعة، حتى تحتل مكانها مجموعة أكبر عددا، وسط طقس حرص الجميع عليه، وهو التقاط الصور التذكارية في جنبات المكان، وبخاصة أمام المشهد الحسيني العريق.
زيارة واجبة
مع اقتراب موعد صلاة الفجر، يفتح المسجد الحسيني أبوابه الضخمة، وأضيئت أنوار مآذنه العالية، وكان كبار السن، والسيدات، أول من دخل إلى صحن المسجد، إما للصلاة، أو زيارة ضريح الإمام الحسين، رضي الله عنه، وبين حين وآخر يردد محبي المكان، "مدد يا سيدنا الحسين.. مدد يا ولي النعم".
الإذاعة حاضرة
وقبل دقائق من انطلاق أذان الفجر، تقتحم المكان السيارة الوحيدة المسموح لها بالدخول إلى الميدان، ويصيح أحد الباعة، التليفزيون وصل، إنها سيارة الإذاعة التي تحضر يوميا تقريبا؛ لبث صلاة الفجر على الهواء مباشرة، ومع بدء عملها ينتشر في المكان صوت المذياع، وهو يتلو القرآن الكريم، عبر مكبرات الصوت الخاصة بالمسجد، لتخيم الروحانيات الإيمانية على المكان، ويبدأ أصحاب المقاهي، في الاستعداد لإغلاق الأبواب، إيذانا بانتهاء اليوم، مع خيوط الفجر الجديد.
خشوع وإيمان
ويتوافد المصلون، من خارج الميدان على المسجد، وما هي إلا لحظات ويتبدل حال المكان، من سائحين عرب، وأجانب، بينهم المصريون يلهون، وترتفع أصواتهم بالغناء أحيانا، والضحك غالبا، إلى أفواج من المصلين، الذين يغلب على ملامحهم الخشوع، وتغلف خطواتهم سكينة المشتاقين للوقوف بين يدي ربهم.
وفجأة يلفت مشهد الحاجة عائشة، تلك العجوز التي تجاوزت الـ65 عاما، بما ترتديه من ثياب بسيطة، وهي تحمل كرسيا بلاستيكيا ، وبجوارها زوجها الحاج حسن، الذي بلغ، الـ78، وهو يجر قدميه في تثاقل لم يمنعه من الحضور للصلاة في المسجد.
وانتبه الجميع بينما تضع الحاجة عائشة الكرسي لزوجها قرب المحراب، في الصف الأول؛ ليجلس عليه، لأداء الصلاة المفروضة.
حان الرحيل
وبعد جرعة إيمانية رائعة، عبر تلاوة القرآن، والابتهالات، نادى المؤذن، فاصطف المصلون، لأداء الفريضة، قبل أن يتصافح الجميع، متمنين من الله القبول، ويبدأ الجمع في التفرق كل إلى حيث يبدأ يومه الخاص، على أمل لقاء جديد، إما من بداية الليلة على أعتاب الحسين، أو مع أذان الفجر، وسط حرص بعض رواد المكان على توزيع إفطار رمزي على المغادرين، بالمجان، وهم يرددون، "مدد يا ولي النعم"، ولملمنا أوراقنا لنرحل مع الراحلين، ونحن نردد "مدد يا ولي النعم.. مدااااااد".