بقلم : عاطف بشاى
"الفورمات .. الفورمات .. هل لديك "فورمات" ؟!..
الجملة السابقة قالها لي منتج مسلسلات وهو يعيد لي أوراق معالجة درامية لمسلسل..
قلت له بدهشة :
- يعني إيه؟!
فاجأني بضحكة ساخرة مجلجلة وهو يردد :
- إنت حاتفضل قديم كده؟! .. معالجة إيه دي يا راجل؟!.. «انسى وخد البنسة وأديله في الحق سجق»
- يعني إيه برضه ؟!
- يعني بطلت حكاية المعالجات دي .. إحنا في زمن "الفورمات" .. يعني هات من الآخر .. إنت تركى ولا هندى .. ولا مكسيكى؟!
- لا .. أنا مصرى ..
- ما ينفعش .. شوف لك مسلسل من مسلسلات الدول المتقدمة في الدراما دي .. وأنقشه
صحت مأخوذاً :
المكسيك وتركيا والهند دول متقدمة درامياً ؟! .. وأنقشه يعني إيه ؟! .. قصدك أمصره؟!
- تمصره تسرقه .. تنقله زي ما هو .. ماشي الحال .. غيّر لنا بس الأسامي .. وأعمل لنا منه ميتين حلقة .. وعلشان نلحق رمضان أعمل ورشة .. شوية صبيان صنايعية مطقطقين كده تبقى أنت الأسطى بتاعهم .. وكله منه .. والرزق يحب الخفية .. وأديله ما تريحوش .. طريقك زراعي .. قشطة ..
هذا هو ما آل إليه حال الدراما التليفزيونية التي كانت رائدة المنطقة العربية والشرق الأوسط والتي أفرزت أجيالاً متعاقبة منذ الستينيات من المؤلفين العظام .. والمخرجين الأفذاذ الذين قدموا عصارة فكرهم وخلاصة مواهبهم .. وأثروا وجدان وعقول ووعي ملايين المتلقين وعبروا عن أحلامهم وأشواقهم وهمومهم ومشاكل واقعهم المعاش .. وقضايا مجتمعهم وتحولاته وصراع شخصيات تنتمي إلى شرائح اجتماعية مختلفة وتحمل أفكاراً متباينة .. تصيغ حاضراً وتصنع مستقبلاً .. وتتفاعل في أحداث غنية لها معنى ومغزى ومضمون .. فمن ينسى "ليالي الحلمية" و "بوابة الحلواني" و "رأفت الهجان" و "لا" و"دموع صاحبة الجلالة" .. وما زال النيل يجري" و "أبنائي الأعزاء شكراً" و"أرابيسك" و "الراية البيضاء" .. إلخ ويقارن دون قصد مثلما تفعل قناة "ماسبيرو زمان" بين إنتاج الزمن الجميل وبين إبداعات ورش الصغار في هذه الأيام الضنينة والزمن الردئ.. زمن الفورمات..