تتعدد صور العنف ضد النساء، ولكن ما أصعب أن تتعرض المرأة للعنف من قبل أسرتها نفسها، وذلك عن طريق ختانها والذي وصفته منظمة الصحة العالمية بأنه أسوأ أشكال العنف ضد الإناث واللواتي لهن الحق فى أجساد غير منتهكة، بالإضافة للأضرار الجنسية والنفسية والعضوية التي لا تنمحي أبداً من ذاكرة المرأة، ومن هنا نتساءل إلي أي مدى تظل هذه العادة تمارس ضد الفتيات...
تقول أستاذة نورا محمد مديرة برنامج مناهضة العنف بمؤسسة قضايا المرأة المصرية، أن ممارسة عادة ختان الإناث هي جزء من العنف المباشر الموجه للمرأة والتي مازالت قائمة وتمارس بشكل كبير لارتباطها بالعادات والتقاليد السلبية الخاطئة، وهى من الممارسات الضارة ضد الفتيات بحجة أن البنت المختنة لها فرص أفضل فى الزواج وكذلك يساعدها الختان على تحسين صورتها أمام زوجها وضمانه أنه تزوج من امرأة شريفة وذات أخلاق حميدة، وللأسف تلك العادة ليس مقصورة فقط على المجتمعات الفقيرة أو الريفية بل هناك حالات بين الطبقات المتعلمة تذهب للعيادات لتقيم تلك العادة، ولذلك نحن فى حاجة لكثير من الوعي لإقناع تلك الأسر أن الختان ليس له علاقة بأخلاق الفتاة وفرصها فى الزواج.
وتضيف مديرة برنامج مناهضة العنف أن ممارسة الختان ليست لها آثار على الفتاة فقط فى المرحلة الأولوية بالرغم من المضاعفات الخطيرة التي تحدث لها خاصة فى حالة ضعف بنيانها الجسدي أو إصابتها بأنيميا حادة مما يؤدي بها إلى الهبوط الحاد، بل يؤثر على المدى البعيد وذلك وفقاً لما صرحت به منظمة الصحة العالمية ونقابة الأطباء المصرية بأن الختان يسبب لها تكيسات فى المبايض وأورام فى الرحم واحتباس فى البول ويؤثر على العلاقة الزوجية، ويجعل الزوج يتهم زوجته بانعدام الأخلاق والخيانة والكراهية جراء إصابتها بالفتور أو البعد الزوجي.
وتطالب نورا محمد بضرورة التوعية الحتمية وكسر "التابوهات" والتحدث بصرحه عن تلك الأضرار ومشاكل الصحة الإنجابية الملحقة بالختان، والثقافة الجنسية، وتوعية الأجيال والأهالي أن العادات الخاطئة التي تربينا عليها تؤدي للدمار والعنف وكراهية النساء لأنفسهن وللحياة، وأكدت على فاعلية قانون العقوبات الذي يجرم الختان، ويعاقب من قام به سواء "داية" أو ممرض أو الطبيب الممارس، وكذلك غلق المنشاة الطبية لسنوات فى حال ثبوت الجريمة بها، ولكن لابد من عدم الخوف والتشجيع على الإبلاغ عن الحالات حتى يأخذ القانون مجراه الطبيعي، لأن القانون وحده لا يكفي للتصدي لتلك الجريمة بل لابد من الوعي المجتمعي عن طريق مراكز الشباب وعمل دورات تدريبية للمقبلين عن الزواج ودمج الذكور مع الإناث، لتأكيد دور الرجل ودعمه للمرأة فى مثل هذه الظروف حتى فى حالة الطلاق، وعمل حلقات نقاشية على مستوى المسئولين وصانعي القرار وتعديل وتفعيل القرار.