لم يكن وليد الركراكي، مدرب المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم، يهذي حين قال، خلال اللقاء الذي نظمته الجامعة الملكية المغربية (الاتحاد)، لتقديمه مدربًا جديدًا لأسود الأطلس، إنه اتفق مع جميع اللاعبين على عدم الوقوف عند حدود خوض ثلاث مباريات في مونديال فقط، وتكريس هذا الأمر.
قال هذا المدرب آنذاك قولا كان من الصعب أن يصدقه الآخرون، لكنه بدا واثق الخطوة، وهو يقول إن اللاعبين مؤمنون بدورهم بمشروع التألق في المونديال وصناعة ما كان يبدو مستحيلا في الدورات السابقة لكأس العالم.
قبل المونديال كانت بين الركراكي وكثير من عشاق الكرة في المغرب ويوسف النصيري مهاجم إشبيلية الإسباني خلافات، فبعد إعلان وليد أن هذا اللاعب سيكون حاضرا في قطر، لأنه يخدم المجموعة ويطبق على أرض الملعب ما يطلب منه من قبل المدرب.
لم تمر تلك التصريحات عادية، بل إنها جرت على المدرب المغربي جبال النقد، وساهمت في اتساع دائرة معارضيه، لكنه لم يغير موقفه، وظل يعتمد على خريج أكاديمية محمد السادس قبل أن يحترف في إسبانيا.
الغريب في الأمر أن الانتقادات والمعارضة لحضور النصيري مسبوقة بتألق اللاعب في مونديال روسيا عام 2018 حيث أحزر هدفا ضد إسبانيا بعد ارتقائه أعلى من سيرجيو راموس وجيرار بيكي قطبي الدفاع السابقين، وأيضا، مع فريق إشبيلة في الليجا الإسبانية، والدوري الأوروبي.
الآن، وبعد تأهل المغرب إلى نصف نهائي المونديال لأول مرة في تاريخ العرب والأفارقة، بفضل الفوز البرتغال بهدف لصفر في ربع النهائي والتوقيت الأصلي، من توقيع النصيري، (الآن) سيشكر الكثيرون المدرب الركراكي والهداف النصيري، الذي سبق أن ساهم في الهدف الأول ضد كندا في الدور الأول وأحرز الهدف الثاني في المباراة نفسها، بل عليهم أن يعتذروا باعتبارهما من صناع الإنجازات غير المسبوقة وتخطي حواجز كندا وبلجيكا وإسبانيا والبرتغال.
أذكر أني كتبت سابقا لدار الهلال عن جرعة أمل المغاربة، واليوم وفي فورة الحماس والفرح يجدر أن كتب عن وادي الفخر العربي والإفريقي، لأن المنتخب المغربي وهو يصطف مع الأربعة الكبار في المونديال أضحى فخرا للعرب والأفارقة.
ما يحققه المغرب حتى الآن يعد معجزة، وهو ما سبق أن وصفته بالتأسيس لنظام كروي عالمي جديد، لكنه ليس معجزة ولا حلما بالنسبة لوليد الركراكي وأسود الأطلس، طالما أنه بشر بذلك من قبل، وظل يردده بعد كل مباراة، وسايره اللاعبون في ذلك وهم يؤكدون في تصريحاتهم أنهم مازالوا جائعين ومتعطشين لتحقيق المزيد من الانتصارات وبث السعادة في أوساط الجمهور المغربي والعربي والإفريقي.
إن المنتخب المغربي الذي يعد بالفعل ملح مونديال قطر، جعل هذا المونديال عربيا تنظيما من قبل قطر وإنجازا من طرف المنتخب المغربي، وهو ما ستذكره الأجيال اللاحقة بمزيد من الفخر.
وكأننا بصدد كتاب أو مجلة أو صحيفة تطبع هناك في قطر وتوزع عبر جنبات الملعب ومنها توزع النسخ بسخاء كبير عبر مختلف البلدان العربية والإفريقية التي يحمل هذا الجيل من اللاعبين المغاربة لواءها بكل فخر واعتزاز.