رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


وراء كل سالك حكاية

12-12-2022 | 17:53


وفاء أنور,

شخصية السالك في فيلم «الوزير جاي»، الذي قام بكتابة قصته الأديب الساخر الأستاذ أحمد رجب، قام بتجسيد دور السالك في هذا الفيلم الفنان القدير سيد زيان، وقد جاء اختيار اسم السالك بحسب اعتقادي من منطلق إلقاء الضوء على تفاصيل الشخصية، ومساعدة المشاهد في الاستيعاب السريع لصفة صاحبها.

السالك في هذه القصة هو ذلك الساعي الذي يقوم بتنظيف المكان ويتمكن من التردد على مكاتب الموظفين لنقل الأوراق والاستمارات من مكان إلى آخر، يعرف الأختام المطلوبة ويرشد المواطنين عن كل ما يرغبون في إنجازه من أعمال داخل تلك المصلحة الحكومية التي يعمل بها، لديه إجابة عن كل سؤال، يعطي النصائح للغير بالمال وليس بالمجان، السالك أيضًا هو عامل الكافيتيريا الذي يقوم ببيع الشاي والقهوة والمشروبات الغازية للموظفين، ولرواد المكان من المواطنين.

السالك هو صاحب مكتبة داخل أروقة المكان، يوفر فيها الاستمارات والإقرارات والدمغات للبيع بسعر أعلى، يضطر المواطن حينها للشراء منه حتى يتمكن من إنهاء مهمته ويستريح من دوامة البحث والبقاء لساعات داخل مكاتب هذا المكان، يقابل السالك كل عميل يلجأ إليه لاهثًا كأنه فريسة قد سقطت عليه من السماء.

السالك يعمل في السينما في أدوار الكومبارس والدوبلير أيضًا، يقوم بدور الخاطبة التي تكسب الأموال حينما توفق راسين في الحلال.

يقوم بجمع الأموال بعد أن سرقت أموال الجمعية من محسن الموظف في نفس المكان، والذي جسد دوره الفنان محمد الصاوي، سلمه المبلغ ثم طالبه بنسبة من هذا المال، على الرغم من أن هذا يبدو عملًا إنسانيًا بحتًا، إلا أن كلمة الإنسانية لم ترد في قاموس السالك، وليس لديه من العطاء مخزونًا ما دام هذا العطاء سيكون في النهاية بالمجان.

يعرض فرصة للعمل في السينما على الآنسة فتنة، التي قامت بدورها الفنانة عزة لبيب، والتي تعمل موظفة في نفس المكان، لكي يقتسم معها ما سوف تحصل عليه من راتب إن وافقت على العمل في هذا المجال.

يحضر الأدوية ويبيعها بسعر أعلى بهدف تحقيق الربح، فليست الخدمات عنده تقدم بالمجان، ستجد وراء كل سالك شخصية تبدو بسيطة تثير التعاطف بشكل فوري كممثل يبرع في تقمص الأدوار.

وهناك سالك آخر في مسلسل «ساكن قصادي»، الذي قام بتأليفه الكاتب الساخر يوسف عوف، قام فيه الفنان الجميل سيد حاتم بتجسيد دور «عطوة»، الذي تم طرده من محل الحلواني الذي يمتلكه سيد الأخضر، الذي قام بأداء دوره الفنان محمد رضا، واحتضنته عائلة «كمال الحمراوي» الفنان عمر الحريري، الذي كان يعمل موظفًا بإحدى الشركات الحكومية، وقد قام عطوة باستدرار عواطف أسرة كمال الحمراوي، فوجدوا له فرصة للعمل في رئاسة الحي، وسار عطوة على درب السالك حتى حصل على المال من المقاولين، الذين كانوا يقومون بشراء الطوب والرمل وباقي خامات البناء من عطوة الذي يقوم بتسهيل الإجراءات لهم بحكم عمله وتداخله مع المسؤولين في هذا المكان.

مرت الأيام وأصبح عطوة مقاولًا كبيرًا، ثم قام ببناء برجًا سكنيًا أطلق عليه اسم "برج الحوت"، وفي هذا معنى خفي ينبئنا بأن عطوة قد أصبح حوتًا من الحيتان الكبيرة، بعد أن أجاد القيام بدور الشخص المغلوب على أمره المستحق للمساعدة، حتى جاءته الفرصة للتطاول على من مدوا أيديهم لمساعدته.

هؤلاء السالكين المنتفعين، الرابحين على الدوام، سنجدهم حولنا في كل زمان ومكان، يتغير الرؤساء ويبقون هم، تتبدل القوانين واللوائح والقرارات، ويبقون هم.

احذروا هؤلاء ولا تغرنكم مظاهر ضعفهم التي يتفنون في إظهارها لكم، فبين أغلب السالكين ستجدوا هناك بعض الحيتان.