رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


«الهلال».. 130 عاما من صناعة القلم

12-12-2022 | 20:31


عبد الصادق الشوربجي

عبد الصادق الشوربجي

حين أكتب عن «الهلال» داراً ومجلة، فأنا أكتب عن جزء من تاريخ مصر، لأن مائة وثلاثين عاماً –عمر دار الهلال ومجلة الهلال- ليس بالأمر الهين، فأنا أكتب عن دار ومجلة تأسست عام 1892، وبالتحديد كان عددها الأول في 1  سبتمبر من العام نفسه، وقد ولدت "الهلال" كبيرة لما كان لها من دور بارز في مسيرة الثقافة العربية المعاصرة، إذ كانت "الهلال" أول مجلة تصدر في الوطن العربي كله تهتم بالأدب والثقافة، وقد تلتها مجلات أدبية أخرى وعديدة توقف معظمها مع الوقت، لتكون مجلة "الهلال" من أبرز المجلات الأدبية حتى وقتنا الحالي، ويتوالى صدورها بلا انقطاع لتحمل لقب "أطول المجلات الثقافية العربية عمراً " منذ 130 عاماً، وتظل مصدر للإشعاع الفكري من القاهرة للعرب جامعة، بين الحداثة الدائمة والفتوة التي تتجدد كل شهر.

وأرى أنه من الصواب لهذه المناسبة أن أقتبس كلمة مهمة لمؤسس دار الهلال ومجلة الهلال الأديب والمفكر "جرجي زيدان"، تلك الكلمة التي كتبها في مجلة "الهلال" هي خلاصة الفكر الصحفي والأدبي في آن، حين كتب جرجي: "إن صناعة القلم أكثر المهن حاجة إلى التدبير، لأنها تتعلق بشعور الناس وتمس حاجاتهم الأدبية، واعتقاداتهم الاجتماعية، لاسيما في الشرق لاختلاف المشارب والمذاهب والأذواق والأخلاق، قبل أن يتناول الكاتب القلم يرى العقبات تتوالى أمامه ومهما يكن من تفاهة موضوعه أو أهميته لا يدرى ما يكون تأثير أقواله على قرائه فإذا أرضى المسلم، لا يرضى المسيحي، وإذا أرضى المصري لا يرضى السوري، وإذا أرضى النشء أغضب المحافظين، وإذا أرضى هؤلاء جميعاً لا يرضى نفسه."

وبالفعل إن أصعب صناعة تواجه البشرية هي «صناعة القلم»، التي أتقنها كتّاب مجلة الهلال طوال 130 عامًا من الإبداع والتنوير.

وحين أكتب عن "الهلال" في عيدها الـ 130، ينتابني حنين خاص لتلك الدار التي أحبها بشكل شخصي، خاصة أن لمجلة "الهلال" شهرة تغنى عن الوصف، وسعة انتشار لم يسبق لها مثيل في العالم العربي، وقد اشتهرت بالاعتدال، والوضوح مستخدمة لهجة الصدق والإخلاص، وحسن اختيار موضوعاتها، فأصبحت مجلة "الهلال" إحدى علامات النهضة الأدبية والصحفية العربية لـ 130 عاما، وأصبحت "دار الهلال" صرحاً صحفياً كبيراً تصدر العديد من المجلات الأسبوعية والشهرية المتنوعة.

 وأستطيع أن أقول وبكل صدق إن الصحافة القومية بخير، و"دار الهلال" وإصدارها الأول مجلة "الهلال" خير مثال للقوة الناعمة التي تنحاز دائما لقضايا الوطن، وخاصة أن مصر تشهد عصر الإنجازات الكبرى تحت قيادة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث تتحمل المؤسسات الصحفية القومية مسئولية كبرى في توعية الرأي العام بالتحديات التي تواجه الوطن والتعريف بالمشروعات القومية العملاقة التي يتم تنفيذها في كل محافظات مصر، والتصدي للشائعات التي تستهدف التشكيك والنيل من الإنجازات بالرد على الأكاذيب ونشر الحقائق.

 وظلت "الهلال" 130 عاماً منارة مضيئة للأدب والفكر والثقافة.

لقد نجحت «الهلال» في نهجها وسط التناقضات والعقبات التي عاشتها طوال عمرها البالغ 130 عاما، لكنها استطاعت أن تؤدي رسالتها وتحتفظ بجوهر صيغتها الصحفية مع تجديد آفاقها وتوسيع مجالها من الأدب والثقافة للفنون بجميع أشكالها التشكيلي والتصوير والمسرح والسينما والتليفزيون والفيديو، وكل جديد يصل إلى القارئ ويؤثر في وجدانه، وهذا هو سر بقاء "الهلال: أنها تؤثر في وجدان قرائها، وتواكب التغير والتطور مهما تغيرت الأساليب وتجددت الطرائق باختلاف الزمان، فالمجلة مثل الكائن الحي، تولد وتنمو، كما حكمت على كل من تولى مسئولية تحريرها أن يلتزم بخطها الوطني وقالبها الأدبي والثقافي بصياغة غلبت على الجميع، وقد تولى رئاسة تحرير "الهلال" عدد من كبار ونجوم رجال الأدب والثقافة والفكر في مصر، لذا اجتذبت «الهلال» ألمع الكتّاب في مصر والعالم العربي من أهل الفكر والأدب والفن والعلم على طول تاريخها، فكان نتاجهم تراثاً أدبيا وتاريخيا نحتفي به ونصونه لما له من قيمة كبيرة جدا.

وأقول بكل صدق في هذه المناسبة بمرور 130 عاماً على إنشاء "دار الهلال"، وإصدار أول عدد من مجلة "الهلال"، ومن واقع مسئوليتي إننا نعمل جميعًا من أجل الوصول بالصحافة القومية لمكانة تليق بها، من منطلق الفكر الجماعي للنهوض بالمؤسسات الصحفية القومية ودعمها واستمراريتها على القمة، خاصة أن المؤسسات القومية غنية بإمكاناتها البشرية وأصولها الثابتة الكفيلة بأن تبقيها منارات للفكر والإبداع.