رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


صناعة في خطر!

17-12-2022 | 12:24


حسين عثمان,

بينما يترقب المصرفيون لجوء البنك المركزي مُجددًا نهاية الأسبوع الجاري، إلى رفع سعر الفائدة بواقع 2% على الإيداع والإقراض، أو طرح شهادة جديدة من خلال البنوك الحكومية بعائد لا يقل عن 20%، وهو المُتوَقَع بعد موافقة صندوق النقد الدولي رسميًا في اجتماع مجلسه التنفيذي أمس الجمعة على قرض جديد لدعم خطط الإصلاح الاقتصادي في مصر، حجمه 3 مليار دولار ومدته أربع سنوات وتستقبل مصر الدفعة الأولى منه وقدرها 347 مليون دولار خلال الأيام القليلة القادمة.

في ذات الوقت يضع الناشرون أياديهم على رؤوسهم قبل قلوبهم في انتظار ضربة يتوقعونها قاضية، بعد سلسلة ضربات متلاحقة موجعة ومؤلمة إلى حدٍ كبير، جاءت جميعها ولا تزال في مدى زمني لا يتعدى ثلاثة شهور، وفيما يجوز أن نطلق عليه فترة الإعداد لموسم سنوي هو الأهم في محيط صناعة النشر، موسم معرض القاهرة الدولي للكتاب المُنتَظَر في الأسبوع الأخير من يناير المقبل إن شاء الله.

ثلاثة شهور كانت كفيلة بخروج العديد من الناشرين خارج السوق، وتعديل البعض الآخر لخططه بشأن معرض القاهرة الدولي للكتاب، سواء بتخفيض عدد العناوين المُخَطَط إصدارها أو بتخفيض عدد النسخ المطبوعة من العناوين أو تأجيل خطط النشر بالكامل إلى آخر وقت ممكن، على أمل وضوح رؤية تساعد حتى على قراءة المستقبل القريب، وهو ما صار من الصعوبة إلى حدٍ كبير في ظل موجة تضخم عالمية تاريخية.

الورق المستورد من الخارج هو حجر أساس صناعة النشر، وسعر الطن منه تضاعف إلى أكثر من الضعف في أقل من ثلاثة شهور، وصل حتى كتابة هذه السطور إلى ما يدور حول 60 ألف جنيه، وهو ما ينعكس بدوره على أسعار الطباعة، ويؤدي حتمًا إلى رفع أسعار الكتب في مواجهة قارئ مؤكد أن دخله حاليًا كأي مواطن يكفي بالكاد حاجاته الأساسية، وأصبح يفكر ألف مرة قبل أن يُقدِم على شراء كتاب واحد ولا أقول مجموعة كتب!

يزيد من صعوبة الأمر أنه برمته جاء في وقتٍ لا يزال يتطلع فيه الناشرون إلى التعافي من آثار جائحة كورونا، والتي تسببت في تراجع كبير في حجم صناعة النشر، ودفعتها دفعًا في اتجاه القراءة عبر التطبيقات الإلكترونية، صحيح أن كل وسيلة لها جمهورها، ولكن الأوضاع الاقتصادية الخانقة طوال ثلاث سنوات ماضية، لم تأت بأي حالٍ من الأحوال في صالح الكتاب الورقي، خاصة وأن سعر كتاب واحد ورقي، يزيد على قيمة اشتراك شهر واحد في تطبيق إلكتروني، يكفل لصاحبه تحميل مكتبة كاملة متنوعة، تضم عدة آلاف من الكتب على تليفونه المحمول!

الأجواء مُحبِطَة إلى أبعد الحدود ونحن على بُعد أسابيع قليلة من معرض القاهرة الدولي للكتاب، معدلات توزيع الكتاب الورقي في انخفاض مستمر، أسعار الكتب كأي سلع أخرى ارتفعت حتى زادت إلى الضعف في بعض الإصدارات، عوائد مشاركة دور النشر المصرية في معارض الكتب الخارجية طوال هذا العام كانت في مجموعها صادمة، لا يوجد ولو ضوء خافت في نهاية النفق المُظلِم.

الحل الوحيد في إنقاذ صناعة في خطر، هو وضعها على أجندة أولويات الدولة، وبحيث يكون معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته المُقبِلَة، مناسبة لطرح آلام وآمال الصناعة وأطرافها والقائمين عليها، وليكن الهدف مرحليًا هو إنقاذ ما يمكن إنقاذه حتى يتنفس الجميع الصعداء، فدعم الدولة أصبح مطلوبًا بقوة الضرورة لصناعة النشر، وأطراف الصناعة كلٌ بموقعه مُطالب بحلول غير نمطية، لعل وعسى من رحم المعاناة يُولَد أمل.