أدب المصايف.. قليلٌ من الجد كثيرٌ من المغامرة
القراءة في عالمنا العربي فعل غير أساسي، فعالمنا العربي لا يقرأ إلا قليلا وهذا ما تشير إليه الإحصاءات المتواترة على مدار سنوات متعاقبة، بيد أن القراءة في حد ذاتها تمثل متعة لدى القارئ خاصة لدى الشعوب التي تثمن قيمة الكتاب، فالأوربيون لديهم عادات محفزة علي القراءة، فهم يقرأون في كل مكان وفي كل فصل من فصول العام، ويعلون من قيمة القراءة إلى الحد الذي يدفعهم للقراءة في الأماكن العامة والقطارات، ولديهم طقوس للقراءة والكتابة لا تتوافر في عالمنا العربي، ففي فنلندا على سبيل المثال هناك نصب في حديقة عامة كتب عليه عبارة "اقرأ حتى وإن كنت تغرق" تم تصميمه على هيئة رجل يقرأ في كتاب وسط الماء، وهي فكرة تكشف إلى أي حد وصلت قيمة الثقافة في تلك البلدان، طقس آخر للتشجيع علي القراءة يقوم به كتاب وأدباء في النمسا وغيرها من البلدان يقيمون حفلات توقيع أسبوعية لكتبهم في القطارات فيما أشبه بندوات مصغرة يتم الإعلان عنها مسبقا حتي يتسنى لهم المشاركة فيها.
ولفصول السنة تأثير كبير على فعليّ القراءة والكتابة، ففي الصيف تسيطر المزاجية وقلة الصبر لدى القارئ الذي يُمل القراءة لفترات طويلة بما يجعل الكتابات التي تطرح في موسم الصيف ذات مواصفات خاصة ومن نوعية محددة تتناسب مع روح الانطلاق، ففي فصلي الخريف والشتاء يقل النشاط وتطيب القراءة الفلسفية والكتابة المصحوبة بجو من الموسيقى الهادئة.
وهناك عناوين يمكن أن تُقرأ في فصل الصيف أكثر منها في فصلٍ آخر، وتتلاءم قراءات مع فصل عن غيره، وذلك يتحدد وفق طبيعة الفصل وأحداثه وانشغالات القراء التي قد تتلاءم مع قراءات من نوع محدد في فصل ولا تتلاءم مع غيره، بمعنى أن فصل الصيف لا يناسبه القراءات الجادة أو الفلسفية، بل توائمه الروايات الرومانسية، وهنا لابد من ذكر روايات الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس مثل "أنف وثلاث عيون"، "بعيدًا عن الأرض"، "أيام في الحلال"، "ثقوب في الثوب الأسود"، و"الوسادة الخالية" وغيرها، كما تتصدر القصص القصيرة قائمة القراءات الموسمية الصيفية مثل ليلة صيف، وأرخص الليالي، والعتب على النظر، وكتاب "من لغو الصيف إلى جد الشتاء"، وهو من تأليف عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، وفيه يقارن بين الكتابات الصيفية والشتوية، والتي قرر فيها أنه يفضل الكتابة في الشتاء والقراءة أيضًا.
من القراءات التي يفضلها الجمهور في الصيف، الروايات العالمية مثل "هاري بوتر والطفل الملعون"، من تأليف ج. ك. ر ولينغ، ورواية "طعام، صلاة، حب" للكاتبة إيزابيل جيلبرت، و"حلم ليلة صيف" للكاتب الإنجليزي ويليام شكسبير، وكتاب"الصيف" من تأليف توفي يانسون.